رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأزمة الأوكرانية: غاز الشرق الأوسط بديل وارد.. اقتصاديون ودبلوماسيون يقرأون المشهد

أوكرانيا
أوكرانيا

غاز ليبيا لا يمثل في الوقت الحالي أهمية قصوى، لكن في القريب العاجل سيكون ضمن خطط أوروبا بعد التخلص من المشهد الضبابي للأزمة الأوكرانية - الروسية.

شركات عالمية كبرى كشفت مؤخرًا عن مشاوراتها مع المؤسسة الوطنية الليبية للنفط بشأن زيادة الإمدادات للسوق الأوروبية، ودخل الغاز الليبي في قائمة أهم مصادر الطاقة المحتملة كبديل عن الغاز الروسي حال تزايد الأزمة.

الوضع السياسي مضطرب، والآبار الليبية للبترول متهالكة، والاحتياطي الليبي للغاز جعلها في دائرة الضوء وبقوة، فهى مخزونها الاحتياطي وصل إلى 54.6 تريليون قدم مكعب.
 

أستاذ هندسة بترولية: روسيا عضو في أوبك+.. وأسعار الغاز الطبيعي تضاعفت 10 مرات 

«لن يكون لليبيا أي دور في تصاعد المشاكل بين روسيا وأوكرانيا».. بهذه الجملة بدأ الدكتور رمضان أبو العلا أستاذ هندسة البترول والطاقة تصريحاته لـ «الدستور».

وأضاف: «ليبيا تمر باحتقان سياسي شديد بعدما وافق البرلمان على تعيين رئيس وزراء جديد، وبالتالي اتخاذ قرار بهذا الشأن سيكون صعبا».

وتابع: «حتى وإن لم يكن هناك احتقان سياسي لن تتمكن ليبيا من تلبية احتياجات أوكرانيا من الغاز الطبيعي، حيث يحتاج إلى ناقلات ومحطات إسالة ضخمة بالموانئ للوصول إلى أوكرانيا، مرورًا بالبحر الأسود، الذي يشهد حالة من السيطرة للروس».

وتابع رمضان: « فصل الشتاء الجاري يشهد ارتفاع حاد في أسعار الغاز الطبيعي على مستوى العالم، إذ تضاعفت 10 مرات تقريبا، وبالتالي ليبيا لن يكون لها دورا في الوقت الحالي لحل الأزمة الأوكرانية».

واستطرد: «الغاز غير متوفر بأي وقت، حيث توجد عقود آجلة يجب تنفيذها، لافتا إلى ضرورة زيادة الإنتاج في بعض الدول تحسبا للأزمات، لتوفير 10 أو 20% من احتياجات أوكرانيا عن طريق بعض الدول من الجانب الغربي للحدود الأوكرانية، نظرا لسيطرة ولايتان من روسيا على الجانب الشرقي».

وعن دور منظمة أوبك، قال: « أوبك تصادم أحيانا بالتدخل السياسي، ولكن لا أعتقد أن تورط المنظمة نفسها كون روسيا عضوا في أوبك +، وبالتالي يمكن لروسيا الاعتراض على أي إجراء»، مشيرًا إلى أن روسيا متحكمة بجزء كبير في في إمدادات الغاز إلى أوروبا، بجانب الدنمارك التي تمد نحو 20% و60% روسيا وبعض الدول العربية والخليجية الأخرى، مختتما بأن المشكلة لن تحل إلا بالتفاهم السياسي.

 

السفير صلاح حليمة: ليبيا بديل وارد لتوريد الغاز.. وألمانيا أكثر دول أوروبا احتواء للصراع

وقال السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن مشكلة الغاز أحد أهم المشاكل الرئيسية في المشهد الحالي، فكل طرف من الأطراف في الأزمة الأوكرانية يحاول إيجاد حلًا بديلًا في حال وصول الأمور إلى خط لا رجعة فيه، فالغاز موضوع حيوي بالنسبة للطرفين، فروسيا تحاول إيجاد بديلًا لتصريف الغاز، وأوروبا تحاول إيجاد بديًا عن روسيا حتى لا تكون تحت رحمتها.

ويرى «حليمة» في تصريحاته لـ «الدستور» أن روسيا وأوكرانيا على حافة الهاوية، وكل طرف من الأطراف يحاول تصعيد نتيجة الأوضاع أمام المجتمع الدولي، وكل منهم يسعى لتحقيق أمنه القومي.

إقرأ أيضًا:

روسيا وأوكرانيا: حرب إعادة ترسيم القوى تلوح فى الأفق.. محللون وعسكريون يجيبون على «سؤال الساعة»

الملف الليبي الأهم في اتصال السيسي وتبون.. وخبراء: استقرارها أمن قومي ودور مصر «محوري»

 

وأشار «حليمة» إلى أن الصدام العسكري مسألة غير واردة، و الصدام سيصل لحد معين ثم يتراجع، كما أن هناك وسائل اتصال أخرى غير معلنة لاحتواء الموقف.

وتابع: « ألمانيا أكثر الدول الأوروبية التي تحاول احتواء الصراع، فالغاز موضوع حيوي بالنسبة لها»، مشيرًا إلى أن بديل وارد لتوريد الغاز، لكن إذا استقرت أوضاعه السياسية.
 

سماء سليمان: أوروبا لن تضع شعوبها في خانة التهديد.. وروسيا تحافظ على أمنها

في السياق ذاته، قالت الدكتورة سماء سليمان، وكيل لجنة الشؤون الخارجية والعربية والإفريقية بمجلس الشيوخ، إن روسيا ترغب في إبعاد التهديدات في محيطها الإقليمي، وتسعى إلى إبعاد قوات قوات حلف شمال الأطلسي «الناتو»  عن حدودها، مشيرة إلى أن انضمام أوكرانيا من الحلف يخرجها من منطقة النفوذ الروسي، وسيترتب على ذلك ترتيبات أمنية جديدة وتغير في طبيعة النظام العالمي، وسيشجع الدول السوفيتية السابقة في المستقبل للميل نحو الدول الأوروبية، وأمريكا مما سيكون له تأثير مباشر على الأمن القومي الروسي.

وأكدت «سليمان» في تصريحات خاصة لـ «الدستور» أن الأمر ليس بهذه السهولة، لأن هناك أدوات ضغط لدى روسيا، وأهمها الغاز المصدر لأوروبا والذي يصل إلى 40% من حجم الواردات الأوروبية من الغاز، فضلًا عن رغبة أمريكا في تصدير الغاز للدول الأوروبية، وبسعر أعلى من الروسي، وبالتالي لن تتقبل أوروبا، لافتة إلى أن التصعيد الروسي يهدف لإرغام أوروبا على تشغيل خط غاز استريم 2، وأتوقع أن ينجح الدب الروسي في تحقيق هدفه.

وأشارت «سليمان» إلى أن الحرب «المزعومة» توجد فقط في الإعلام الأمريكي، لدرجة أن واشنطن باتت تتكهن موعد غزو القوات الروسية لأوكرانيا.

وفيما يتعلق بالغاز الليبي وتأثيره في الأزمة الأوكرانية، قالت وكيل لجنة الشؤون الخارجية والعربية والإفريقية بمجلس الشيوخ: في الحقيقة، لا أرى وجه للمقارنة بينهما، فلكل أزمة ظروفها وأطرافها المختلفة، وإن كانت روسيا وبريطانيا أطراف في القضيتين، مضيفة: «استخراج الغاز الليبي بالكمية الكبيرة التي تغطي السوق الأوروبية لن يحدث سريعًا، وأوروبا لن تضع شعوبها في موضع تهديد». 

وعن الرؤية المصرية لما يحدث على الصعيدين الليبي والأوكراني، قالت «سليمان»: « مصر تهدف لتحقيق الأمن والاستقرار الدولي، فحدوث حرب في أوكرانيا يعني تأثر طرق التجارة الدولية، وقناة السويس، والاقتصاد بشكل عام، ومصر لها دور كبير في تحقيق الاستقرار الليبي، واستكمال التحقيقات الانتخابية لبناء مؤسسات الدولة».

 

خبير اقتصادي: ليبيا أمامها فرصة تاريخية لتعويض الغاز الروسي لأوروبا بشرط

من ناحيته، قال أبوبكر الديب مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية، إن ليبيا أمامها فرصة قوية لتعويض جزء من امدادات الغاز الروسية للقارة الأوروبية في حال اندلاع حرب بأوكرانيا وحدوث صراع سياسي واقتصادي او حتي عسكري بين روسيا والغرب، ولكن ذلك يتطلب استقرارًا سياسيًا، فليبيا لديتها احتياطي كبير، يصل إلي 54.6 تريليون قدم مكعب، وتحتل المرتبة 21 عالميا ويمكن في حال الاستقرار السياسي رفع هذه الاحتياطات باكتشافات جديدة.


وأوضح « أبو بكر» أن ليبيا تصدر الآن الغاز والمواد الهيدروكربونية، إل القارة الأوروبية، ولكن بكميات متوسطة مقارنة بروسيا والنرويج والجزائر، مطالبًا المسئولين بليبيا بانتهاز الفرصة وتهدئة الوضع السياسي لجذب استثمارات جديدة في مجال البحث والتنقيب عن الغاز خاصة وأن شركات عالمية بدأت بالفعل مشاورات مع المؤسسة الوطنية للنفط بشأن زيادة الإمدادات للسوق الأوروبية كما تواصلت الإدارة الأمريكية مع جهات ليبية لنفس الهدف وهناك خط أنابيب يربط ليبيا بإيطاليا يبلغ طوله 520 كيلومتر.

وأشار مستشار المركز العربي للدراسات في تصريحات لـ «الدستور» إلى أن أوروبا وأمريكا، أصحاب مصلحة لتحقيق الاستقرار السياسي في ليبيا وضخ استثمارات جديدة في قطاع الغاز وتطوير البنية الأساسية في قطاع الطاقة الليبي ومواجهة البيروقراطية وإخراج المليشيات المسلحة من الأراضي الليبية من أجل تعويض جزء كبير من الغاز الروسي مما يجعلها سوق نشطة تغني القارة عن الغاز الروسي، لكن رغم ذلك لن يكفي الغاز الليبي لتعويض ما تضخة روسيا لأوروبا سنويا لكنه سيغطي جزء كبير والجزء الأخر يمكن أن يغطي من دول أخرى كقطر والجزائر وغيرها.

وبالنسبة لموقف منظمة «أوبك» والدول العربية المصدرة للطاقة والبترول بشكل عام من الأزمة، فمن المعروف أن الأزمة رفعت أسعار النفط لمستوي قياسي خلال سبع سنوات وسط مخاوف من أن يؤدي غزو روسي محتمل لأوكرانيا إلى فرض عقوبات من الولايات المتحدة وأوروبا وتعطيل صادرات الطاقة من أكبر منتج في العالم، حيث أن تصاعد التوترات الجيوسياسية بالعالم مابين الأزمة الأوكرانية واحتمال غزو روسي لأوكرانيا وما يتبعه من صراع اقتصادي أو ربما عسكري بين أمريكا وحلفاءها وروسيا، وكذلك احتدام الحرب التجارية بين واشنطن والصين، سيؤثر بالتأكيد على أسعار الطاقة، وخاصة النفط والغاز وربما يحلق بأسعار البترول إلى مستويات خيالية، وقد يصل به إلى حدود 130 دولارا للبرميل في حال تصاعد هذه الصراعات أكثر ولم يتدخل العقلاء وهو ما تستفيد منه ميزانيات الدول الأعضاء في أوبك وكذلك الدول المصدرة للغاز.

وتتوقع منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك»، زيادة في الطلب على النفط خلال العام الجاري، وخاصة في منطقة دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 1.8 مليون برميل إلى 46.4 مليون برميل في المتوسط اليومي، بينما سيزداد الطلب في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 2.3 مليون برميل إلى 54.4 مليون برميل يوميًا.