رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحاجة إلى يقظة ضمير


سواء كان السلاح سيفا أو إشارة فاستخدام أيهما فى وقته، أما إذا تجاوز الوقت لأى سبب كان إن ضعفا أو توان فقد لا ينفع أى منهما، ولا يبقى إلا الندم، فلنصح إذا متعقلين، ولمواجهة الخطر يقظين، وكفانا ما ضاع من أرواح على الجانبين، وليركن الجميع إلى العقل والضمير، متقين الله فى عيالنا ومالنا وعرضنا وأرضنا، حماكى الله يا أرضنا بعزيمة وإصرار شعبنا.


لاشك أن الإقبال كان غير مسبوق للمصريين فى الداخل والخارج لتأييد مشروع الدستور حتى تجاوز عدد المؤيدين للدستور العشرين مليونا من نساء ورجال مصر، وقد تابعت ذلك فى الداخل والخارج، وفى زيارتى السريعة إلى مدينة ميلانو الإيطالية استمعت إلى أعضاء القنصلية بقيادة قنصلنا العام عن تزاحم المصريين من ميلانو للإدلاء بأصواتهم، إلا أن عددا ليس بقليل لم يتمكن من الإدلاء بصوته، حيث إن جوازات سفرهم لا تحمل الرقم القومى، مما أعاق الكثيرين عن تأدية واجبهم الوطنى، ولاشك أن هذه المشكلة واجهت الأكثرية المصرية المغتربة، وعلى الحكومة أن تبادر بتذليل العقبات وتمكين المصريين من استخراج أدلة الثبوت بأيسر الطرق، إما بإتاحة ذلك عن طريق مكاتبنا الدبلوماسية أو بعثات تنطلق إلى الجهات ذات الكثافة المصرية العالية أما يقظة الضمير فموضوعها الأمن الداخلى وكيفية ردع الخارجين على القانون، وقد يتساءل القارئ أين التسامح وقبول الآخر ومراعاة الشباب وحديثى العمر، وأين وسائل الإقناع والحوار مع الخارجين على ما هو أصبح «مألوف»:

ومما لاشك فيه أن بعض الثائرين لم يجدوا من يقنعهم أو من يبرر الثورة بعد عام واحد من الحكم الذى أسقط ومن هذا المنطلق يكون للغاضبين بعض الأعذار، ومن الجانب الآخر الذى يرى أن الغضب جائز ولكن الخطأ مرفوض، فمن منا لا يغضب، وكثيرا ما يكون الغضب واجبا لا جائزا فقط، فمن يرى الخطأ أمامه ولا ينصح، وإن تجاوز الخطأ لدرجة الخطر فالغضب واجب لا جائز فقط حتى لا يحدث ما أكثر وأشد خطراً، فالآباء يغضبون من أولادهم إذا ما ارتكبوا أخطاء تؤدى إلى الإضرار بالنفس أو بالغير.

والدستور المعدل يبين فى المادة 154 واجب الرئيس أن يعلن حالة الطوارئ على النحو الذى ينظمه القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب أو على مجلس الوزراء فى حالة عدم قيام مجلس النواب والاكتفاء بعرض قرار حالة الطوارئ على مجلس الوزراء للموافقة عليه، على أن يعرض على مجلس النواب فى أول اجتماع له، ويكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة لا تتجاوز ثلاثة أشهر ولا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة.

وقد يسأل القارئ وهل نحن فى حاجة إلى إعلان حالة الطوارئ؟ أو ليس مثل هذا الإعلان يسئ إلى سمعتنا أمنيا وكأننا غير قادرين على إقناع المعارضين أو ردع الذين يستخدمون السلاح للتعبير عن معارضتهم، وكان الأحرى أن يتحاور الفريقان حول القضايا الخلافية، وبالتأنى أو تحليل المواقف والاستماع إلى وجهتى النظر، صحيح أن ذراع الدولة أقوى ووسائل الردع متوفرة وهيبة الدولة أجدر بالاحترام والخضوع والطاعة، وصحيح أن القانون واف وكاف ولا يجوز لنا نحن المواطنين أن نبتدع نظاما وسننا فى الخضوع للقانون. أما إذا كان الرفض نابعا من العناد والتمسك بالرأى دون تحليل منطقى ولا نفع منه أو فيه فهنا يحق للسلطة أن تتدخل حامية للمؤيد وللمعارض، وكلا الجانبين يملك من الحجج ما يدفعه للاعتراض، وهذا حقه، وللمؤيد أن يقنع الأغلبية للانضمام إلى صفه، وهذا حقه أيضا، والعبرة بمن يقدم أدلته للجمهور - صاحب الحق الأصيل - والذى وحده صاحب الحق فى حصوله على الحق.

أما أن يخرج الطرف الخاسر للمعركة مستخدما أدوات العنف اللفظية والهجومية، ومستخدما سلاطة اللسان وأدوات القمع والعدوان أو السباب دون حياء فهذا هو الضعيف بلا جدال، أما القوى فهو الثابت على العهد والمصر على الموقف وكأنه يملك الحقيقة وأدواتها، وقبل أن أنهى الحديث أعود إلى بدايته، أو ربما إلى عنوانه، إذ يبقى السؤال وماذا يفعل المسئولون أمام التعنت والرفض لمجرد الرفض، أو الانتماء إلى شخص أو حزب يطلق على نفسه «المعارض»، وهو قابع فى داره وإن خرج لبعض الوقت إنما لغرض فى نفس يعقوب - كما تقول الأمثال وعلى المسئول أن يتخذ القرار الحازم والحاسم والذى يردع الخارجين على القانون ويساند المظلوم، وقد تكون الدولة أو النظام أو كلاهما مظلومين.

■ رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر