رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أشهر فيلم لم يشاهده أحد!

فيلم ضخم، كان المخرج أليخاندرو جودوروفسكى يعتزم تقديمه فى سبعينيات القرن الماضى عن رواية «كثبان»، Dune، واختار لبطولته النجم الفرنسى آلان ديلون، والمغنى البريطانى ميك جاجر، والمخرج الأمريكى أورسون ويلز، و... و... والفنان التشكيلى الشهير سلفادور دالى. لكنه لم ير النور، بسبب نقص التمويل، وبالتالى لم يشاهده أحد، وأصبح أشهر مشروع سينمائى لم يتم تنفيذه.

نسخة من السيناريو المرسوم لهذا الفيلم، بيعت، الإثنين الماضى، فى مزاد أقامته دار «كريستيز»، بـ٢.٦٦ مليون يورو «حوالى ثلاثة ملايين دولار»، فى مفاجأة لم يتوقعها خبراء الدار، الذين كانوا قد أعلنوا أن قيمتها تتراوح بين ٢٥ ألفًا و٣٥ ألف يورو. ومن المفارقات، أيضًا، أن السنوات الخمس، الواقعة بين ١٩٧٣ و١٩٧٧، التى أضاعها المخرج الفرنسى، المولود فى تشيلى، مع مشروع الفيلم، صنع منها المخرج الكرواتى الأمريكى فرانك بافيتش، فيلمًا وثائقيًا، سنة ٢٠١٣، عنوانه «ديون جودوروفسكى»، حصد العديد من الجوائز.

السيناريو المرسوم، أو الـ«ستورى بورد»، Story board، بلغة السينما، قام بتنفيذه الرسام الفرنسى جان جيرو، المعروف باسم «موبيوس»، الذى توفى سنة ٢٠١٢، والرسام السويسرى جيجر، الذى ابتكر لاحقًا الوحش الشهير فى فيلم «Alien»، سنة ١٩٧٩، ورحل سنة ٢٠١٤. ومن بين النسخ المطبوعة، التى عجزت دار «كريستيز» عن معرفة عددها، وقالت إنها قد تكون ١٠ أو ٢٠ نسخة، بقيت ثلاث نسخ فقط، إحداها بيعت فى مزاد منذ فترة، والثانية يحتفظ بها «جودوروفسكى»، والثالثة متاحة جزئيًا على الإنترنت.

رواية «Dune»، الصادرة سنة ١٩٦٥، هى الأولى فى سلسلة روايات خيال علمى للكاتب الأمريكى فرانك هربرت، وهى الرواية الأكثر مبيعًا والأكثر قراءة فى العالم، وأكثر رواية تناولتها الدراسات الأكاديمية، بحسب رينو جيليمين، الباحث فى المركز الوطنى الفرنسى للبحوث العلمية. وبيعت نسخة من طبعتها الأولى فى مزاد بـ١٠ آلاف دولار، وهو رقم قياسى، لم يتم كسره إلى الآن. 

تدور أحداث الرواية فى المستقبل البعيد، بعد أن ترك البشر كوكب الأرض واستقروا فى عدد من الكواكب الأخرى الصالحة للسكن، أبرزها كوكب الكثبان الرملية الملتهبة «أراكيس»، الملىء بالديدان العملاقة، وبأنواع نادرة من التوابل، تطيل العمر وتعزز القدرات العقلية وتصبح المادة الأكثر أهمية وقيمة فى الكون. ووسط الحرارة الشديدة، والعواصف الرملية المسببة للعمى، والديدان القاتلة، تدور أحداث وصراعات الرواية، التى تناولت بشكل استباقى عددًا من أبرز قضايا العصر، كالاحتباس الحرارى وتغير المناخ والنفوذ الكبير لشركات التكنولوجيا العملاقة. كما أن الحروب، الساخنة والباردة، التى نشبت، فى الرواية، بسبب توابل كوكب «أراكيس»، تشابهت مع تلك التى حدثت، فى الواقع، بسبب بترول العالم العربى، أو غاز شرق المتوسط.

عن الرواية نفسها قدم المخرج الأمريكى ديفيد لينش، فيلمًا، سنة ١٩٨٤، تبرأ منه واعتبره الفشل الوحيد فى حياته المهنية. كما قدمها جون هاريسون، سنة ٢٠٠٠ فى مسلسل قصير. و... و... وفى أكتوبر الماضى، بدأ عرض فيلم «Dune» للمخرج الكندى الفرنسى دينيس فيلنوف، المرجّح أن يكون أحد أبرز المرشحين لحصد جوائز الأوسكار العام المقبل. أما جودوروفسكى، فكانت لديه طموحات كبيرة لهذا الفيلم، وقيل إن مدته كانت ستتراوح بين ١٠ ساعات و١٥ ساعة، ويرى نقاد كثيرون أن أفلامًا مهمة ظهرت لاحقًا، أبرزها سلسلة أفلام «حرب النجوم»، Star Wars، تأثرت بالأفكار التى كان يريد طرحها فى فيلمه أو مشروع فيلمه.

.. وتبقى الإشارة إلى أن جودوروفسكى، الذى سيحتفل فى ١٧ فبراير المقبل بعيد ميلاده الثالث والتسعين، قدم سنة ٢٠١٦ فيلمًا عنوانه «شعر بلا نهاية»، أسند دورًا صغيرًا فيه للشاعر السورى اللبنانى على أحمد سعيد، المعروف باسم أدونيس. ثم طرح، سنة ٢٠١٩، طرقًا جديدة، غير نمطية، للعلاج النفسى، فى فيلمه الوثائقى «فن التعافى». وبين الفيلمين، سألته جريدة «لوفيجارو» عما إذا كان سيتقاعد قريبًا، فأجاب: «أعرف أنه لم يبق أمامى غير قليل من الوقت، لكن إلى أن أتخطى المائة سنة، يمكننى أن أنجز ثلاثة أو أربعة أفلام».