رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحكومة الألمانية الجديدة

بصور على شبكات التواصل الاجتماعى، اتضحت ملامح الحكومة الألمانية الجديدة، قبل الإعلان عنها، فى مؤتمر صحفى، عقدته، عصر أمس الأربعاء، الأحزاب الثلاثة، الأحمر، الأصفر والأخضر، المشاركة فى الائتلاف الحاكم، المعروف باسم ائتلاف «إشارة المرور»، الذى سيُنهى، خلال أيام معدودة، سيطرة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وحزبها، على الحكم، الذى استمر لمدة ١٦ سنة.

استطلاع رأى أجراه معهد «فورسا» لحساب محطة «آر تى إل» التليفزيونية، أظهر أن ٥٣٪ من الألمان يدعمون تشكيل هذا الائتلاف، الذى يقوده «الحزب الاشتراكى الديمقراطى»، بينما لم يؤيد غير ٢٢٪ فقط ما يُعرف بـ«ائتلاف جامايكا»، الذى يقوده «الاتحاد الديمقراطى المسيحى»، حزب ميركل، الذى لا يزال زعيمه الحالى، أرمين لاشيت، يحلم بأن يصبح المستشار المقبل!.

بعد جلسة مفاوضات حاسمة، فى مقر «الحزب الاشتراكى الديمقراطى»، استمرت من الحادية والنصف صباح الثلاثاء حتى الواحدة والنصف صباح الأربعاء، تم وضع اللمسات النهائية لاتفاق الائتلاف الحاكم. وكما توقعنا، هنا، فى ٢٦ سبتمبر الماضى، تحت عنوان «ألمانيا.. الاشتراكيون قادمون تقريبًا»، سيكون أولاف شولتز، هو الاشتراكى الرابع، الذى يقود ألمانيا، بعد فيلى براندت وهيلموت شميدت وجيرهارد شرودر.

فى حساباته على شبكات التواصل الاجتماعى، كتب حزب الخضر: «اليوم، وبعد ٣ أسابيع من المفاوضات مع الحزب الاشتراكى الديمقراطى والحزب الديمقراطى الحر، توافقنا حول ائتلاف حاكم يشكل الأساس لحكومة مشتركة». وبالتزامن، نشر لارس كلينجابل، الأمين العام للحزب الاشتراكى الديمقراطى، فى حسابه على «تويتر»، صورة مع زملائه من الخضر والديمقراطى الحر، وشكرهم على «العمل المشترك الجيد». 

مع أن «شولتز»، لا يتزعم «الحزب الاشتراكى الديمقراطى»، إلا أن الحزب، الذى يمثل يسار الوسط، اختاره ليكون مرشحه على منصب المستشار، لأن رئيسى الحزب ساسكيا إسكن ونوربرت فالتر بوريانز، مجهولان تقريبًا، ولأنهما جعلا الحزب الأقدم فى ألمانيا، يموت ببطء. بالضبط، كما حققت آندريا ناهلس، رئيسته السابقة خسائر فادحة فى انتخابات الاتحاد الأوروبى، دفعتها إلى الاستقالة. الإشارة هنا قد تكون مهمة إلى أن «شولتز» كان هو المرشح الأول، الذى استقبله الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، فى قصر الإليزيه، ما عدّه البعض دعمًا من فرنسا للرجل الذى عمل معها، خلال السنوات الثلاث الماضية على مجموعة من القوانين المالية المهمة فى الاتحاد الأوروبى، أبرزها تلك المتعلقة بالسياسات الضريبية تجاه الشركات التكنولوجية الكبرى. ويمكنك أن تضيف إلى ذلك، أن «شولتز» داعب أحلام الرئيس الفرنسى حين تعهّد، بزيادة الإنفاق الدفاعى، وأكد أن أهم أهداف سياسته الخارجية سيكون جعل أوروبا قوية.

بالإضافة إلى منصب المستشار، تتكون الحكومة الجديدة من ١٥ حقيبة، ومدير لمكتب المستشار بدرجة وزير دولة. ومع المنصبين الأول والأخير، حصد الحزب الاشتراكى الديمقراطى، وزارات الدفاع، الداخلية، الإسكان، العمل، الصحة، والتعاون الاقتصادى، ووزارة مستحدثة هى وزارة الإعمار. ونال الحزب الديمقراطى الحر وزارات المالية والعدل والنقل والتعليم. بينما ذهبت وزارات الخارجية، الاقتصاد والمناخ، وحماية المستهلك والأسرة والزراعة، والبيئة، إلى حزب الخضر.

من بين كل تلك الحقائب، يتركز الاهتمام، محليًا ودوليًا، على وزارتى الخارجية والداخلية، ليس فقط بسبب ملف اللاجئين والهجرة غير الشرعية، ولكن أيضًا، لأن الاثنتين مسئولتان بدرجة كبيرة عن هزات كثيرة تعرضت لها ألمانيا، والأخرى فى الطريق، بسبب التواطؤ، أو على الأقل، التعامل السلبى مع كيانات متطرفة، تربطها علاقات وثيقة بتنظيمات إرهابية، داخل البلاد وخارجها، كعشرات الكيانات التابعة لـ«جماعة الإخوان»، التى سبق أن أكد بوركهارد فرايير، رئيس جهاز المخابرات فى ولاية شمال الراين فيستفاليا، أن تأثيرها على الديمقراطية الألمانية أكثر خطورة من تأثير القاعدة أو داعش. وأشار إلى أن «الجمعيات المقربة من الإخوان المسلمين تستقطب بشكل متزايد لاجئين من بلدان عربية لتجنيدهم من أجل أهدافها».

.. وتبقى الإشارة إلى أن هناك سلسلة من الإجراءات الداخلية فى الأحزاب الثلاثة المتحالفة، ينبغى الانتهاء منها، قبل انتخاب أو تنصيب الحكومة الجديدة، رسميًا، فى البوندستاج «البرلمان» خلال الفترة من ٦ إلى ١٠ ديسمبر المقبل.