رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصير الكوكب فى عهدة مصر

 

الدورة السادسة والعشرون لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب ٢٦»، التى استضافتها مدينة جلاسكو البريطانية، كان من المقرر أن تنتهى، أمس الأول الجمعة، لكن الخلافات بشأن صياغة البيان الختامى أو الإعلان النهائى، أدت إلى امتداد المحادثات أو المفاوضات، التى حال انتهائها، ستنتقل أزمة التغير المناخى، وأزمات البيئة الطبيعية، ومصير كوكب الأرض، إجمالًا، إلى عهدة مصر.

مسودة البيان الختامى، التى ظهرت، صباح أمس السبت، والتى لن يطرأ عليها تغيير كبير، على الأرجح، دعت إلى «تسريع الجهود» نحو التخلص التدريجى من الفحم وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى. غير أن المسودة، المنشورة على موقع الأمم المتحدة للتغير المناخى، لم تشر إلى آلية محددة للتعويض عن «الخسائر والأضرار» التى عانت منها الدول النامية، الأكثر فقرًا، والأكثر تضررًا، برغم عدم مسئوليتها عن الأزمة، أو عن الجانب الأكبر منها.

بعض المؤشرات كان مشجعًا، ولاح فى الأفق بصيص أمل، بإعلان الولايات المتحدة والصين المفاجئ، يوم الأربعاء، عن اتفاق لتعزيز تحركهما لصالح المناخ، إلا أن أنطونيو جوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة ندد، الخميس، بما وصفه بـ«الوعود الفارغة». وفى اليوم نفسه، أشار ٢٠٠ من علماء المناخ، فى رسالة مفتوحة، إلى أن التحذيرات العلمية الواضحة لم تجد آذانًا صاغية. ما يضع على كاهل مصر عبء «ملء الوعود»، وتطوير الخطط اللازمة لإنقاذ الكوكب، وتدارك، ما حالت الأوراق، التى أخفاها بعض رؤساء الدول والحكومات، فى «كوب ٢٦»، دون الإصغاء إليه أو التوافق عليه.

بمنتهى الجدية، تتعامل مصر، محليًا، مع مسئولياتها تجاه التصدى لقضايا التغير المناخى، ولعبت دورًا مهمًا، إقليميًا ودوليًا فى المفاوضات المتعلقة بها. وقامت بتطوير وإطلاق أجندة مسئولة، للاستفادة من الطاقة المتجددة، وبادرت بتطبيق نموذج تنموى مستدام، يهدف إلى الوصول بنسبة المشروعات الخضراء الممولة حكوميًا إلى ١٠٠٪ بحلول ٢٠٣٠، إضافة إلى إنشاء المدن الذكية، وإطلاق الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ ٢٠٥٠، التى ستفتح الطريق أمام تحديث مساهماتها.

تأسيسًا على ذلك، قوبل الإعلان، رسميًا، عن استضافة مصر الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، «كوب ٢٧»، بترحيب كبير من مختلف دول العالم، خاصة دول القارة السمراء. وفى إطار الاجتماعات التحضيرية لاستضافة مصر قمة تجمع الكوميسا الحادية والعشرين، حرص المشاركون فى اجتماع، أمس السبت، على تقديم التهنئة لها، مؤكدين ثقة بلدانهم فى أنها ستنتهز هذه المناسبة للدفاع عن المصالح الإفريقية؛ باعتبارها القارة الأكثر تضررًا من أزمة التغير المناخى.

هكذا، يبدأ فصل جديد من ريادة مصر وقيادتها المنطقة. وإيذانًا ببدء جهودها لتوحيد جهود دول العالم فى مواجهة تغير المناخ، شددت الحكومة المصرية على التزامها بالعمل على بناء جسور التعاون، وإزالة الخلافات وإيجاد أرضية مشتركة تساعد على الاتفاق والتقدم فى القضايا الحاسمة المطروحة. وأعلنت عن ترحيبها بجميع الأطراف، للتلاقى العام المقبل فى «مدينة شرم الشيخ الساحرة»، لتبادل الأفكار والرؤى والعمل الجاد، للوصول إلى قرارات عادلة متوازنة وشاملة، لمواجهة التغير المناخى، ومساعدة الدول النامية، خاصة الإفريقية، الأكثر تضررًا، على بدء إجراءات المواجهة والتكيف.

نيابة عن الحكومة المصرية، أعربت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، فى كلمتها بمؤتمر جلاسكو، عن تقديرها لجميع الوفود، خاصة الإفريقية، على ثقتها ودعمها استضافة مصر الدورة المقبلة. وأكدت على الرسالة، التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال مشاركته فى قمة قادة دول العالم، والتى شدّد خلالها على أن «كوب ٢٧» سيكون مؤتمرًا إفريقيًا حقيقيًا. وأكدت أن مصر ستبدأ التنسيق فى أقرب وقت لضمان الانتقال السلس لعملية التفاوض، ومسار المبادرات، والتعهدات الموازية. مؤتمر جلاسكو، إذن، وكما توقعنا فى مقال سابق، لم يكن هو الفرصة أو المحاولة الأخيرة لإنقاذ كوكب الأرض، أو لإبعاده عن حافة جهنم، بسبب عدم وجود آلية لمحاسبة الدول الكبرى، التى توصف بأنها متقدمة، عن سياستها، أو حماقاتها، ولغياب القرارات الملزمة، وخطط العمل الواضحة، التى غابت، أيضًا، عن الـ٢٥ دورة السابقة، والتى نتمنى، ننتظر أو نتوقع، ألا تغيب عن الدورة المقبلة.