رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد بتر ساق فتاة الشرقية..

«أعراف قاتلة».. أفراح وحفلات زفاف تتحول لمآسي إنسانية وأحزان

عريس اصيب بكسر العمود
عريس اصيب بكسر العمود الفقري

وكأنه تصريحًا بإمكانية عمل العديد من الموبقات في هذا اليوم تحت بند الاحتفال في مشاهد علنية لا تخفى على أعين الناظرين دون الخوف من أي عقوبة، إنها ليلة زفاف العروسين التي تشهد العديد من التجاوزات الأخلاقية والقانونية دون رقيب، ولعل آخرها ما وقع من أيام عند قيادة أحد الأشخاص لسيارة بسرعة جنونية احتفالًا بزفاف عروسين في محافظة الشرقية، فتدهس على إثر ذلك السيارة فتاة وشقيقها كانوا في انتظار العروسين ليتسبب ذلك في بتر ساق الفتاة، وإصابات بالغة الخطورة لشقيقها.

هذه الحادثة هي واحدة من الكوارث المأساوية التي تحدث بالأفراح، والناتجة عن بعض العادات والأعراف الخاطئة التي يمارسها الكثيرون معبرين بها عن الاحتفال والمجاملة لأصدقائهم في هذا اليوم.  

وتعتبر السرعة الجنونية التي تنطلق بها سيارات أصدقاء العروسين وراء سيارتهم والمصحوبة باستخدام "الكلاكسات" المستمرة بنغمات متتالية مزعجة، هي أحد المشاهد المتكررة في هذا اليوم والتي تحدث مهما اختلف المستوى الثقافي والفكري لكل عروسين عن غيرهم فقد أصبح ذلك أسلوبًا متأصلًا للاحتفال بالأعراس، وقد شهدت هذه السرعة العديد من الحوادث فلم تكن حادثة عروسان الدقهلية الأخيرة هي الأولى بل سبق وأن لقى عروسان بمحافظة البحيرة منذ أشهر قليلة مصرعهما ليلة زفافهما، وذلك أثناءاستقلالهما السيارة وقيادة سائقها لها بسرعة جنونية احتفالًا بالزفاف لتلتف السيارة حول نفسها وتسقط في ترعة مجاورة فيلقوا حتفهما غرقًا ويتحول الفرح في دقائق إلى مأتم.  

 

الطلقات الطائشة تفقد أحمد إحدى عينيه

تعتبر الطلقات الطائشة والألعاب النارية أيضًا إحدى الأمور المستحلة من قبل الكثيرين في تلك الليلة، باعتبارها بالنسبة لهم أحد مظاهر الاحتفال التي قد تصل إلى أن تكون"الرئيسية" في التعبير عن الاحتفال والتفاخر بذوي العروس والعروسة، وذلك على الرغم من الخطورة البالغة لتلك الطلقات التي تسببت بالفعل في إزهاق أرواح كثيرين، وإصابة آخرين بعاهات مستديمة.

فرج أحمد 52 عامًا يصف لـ"الدستور" أن ابنه أحمد وهو أصغر أبنائه فقد إلى الأبد عينه اليمنى، وذلك عندما اصطحبه معه إلى أحد الأفراح الشعبية، لتستقر في مقلته اليمنى أحد الألعاب النارية، التي كانت تنطلق بكثافة في ذلك الفرح، وتفشل جهود الأطباء في إنقاذ عين أحمد بعد أن أصابها نزيف مستمر، ليصبح إلى الأبد فاقدًا لجزء من أغلى نعم  الله على الإنسان وهو بصره.

جدير بالذكر أن المادة رقم 11 مكرراً من القانون تنص على أنه: «لا يجوز حمل الأسلحة في المحال العامة التي يسمح فيها بتقديم الخمور ولا فى الأمكنة التي يسمح فيها بلعب الميسر ولا فى المؤتمرات والاجتماعات والأفراح».

وفي تصريح للدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى، أوضح أن أصل عادة إطلاق النار فى الأفراح الشعبية يرجع إلى اعتقاد قديم بين الناس بأن فى الأفراح تحضر العفاريت، ولطردهم يجب إشعال نار أو إطلاق نار،مضيفًا أن التخلص من هذه العادة يجب إن بتغليظ عقوبة السجن على حاملى السلاح غير المرخص، وفرض غرامات مالية كبيرة، بالإضافة إلى إطلاق حملات لتوعية الجمهور بمخاطر هذه العادة، وتثقيف المواطنين وتوعيتهم.

 

مخدرات وكحوليات وزجاجات تتطاير مع نهاية الفرح

تناول المواد المخدرة والكحوليات واحدًا أيضاً من المظاهر التي تمارس في بعض الأفراح علنًا، بلوويكون لها إعداد مسبق أثناء التجهيز للفرح من قبل أهل العروس والعريس، بالإضافة إلى ما يفيض به  الأصدقاء على العروسان باعتبارهما من أنواع المجاملة المستحبة في تلك الليلة، ففي ذلك توضح ن.م إحدى سكان منطقة دار السلام، أن ذلك الأمر يعد متعارف عليه في الأفراح بالمناطق الشعبية وليس غريبًا على الإطلاق، مشيرة إلى أنه في كثير من الأحيان تنقلب الأفراح إلى مآتم بسبب حدوث الكثير من الشجار نتيجة تناول المعازيم للمخدرات والكحوليات وبالتالي عند قرب انتهاء الفرح يفقدوا الوعي والسيطرة على تصرفاتهم لتشهد الأهالي كثيرًا مظاهر من تبادل إطلاق زجاجات الخمور في الهواء، وغالبًا ما ينتهي الأمر بمأساة.  

 

رفع العريس في الهواء سبب له كسر في العمود الفقري

وربما تأتي عادة أخرى جرى العرف في مصر والعالم على اتباعها في يوم الزفاف ألا وهي عادة حمل أصدقاء العريس له وإطلاقه في الهواء تعبيرًا عن فرحهم به فتأتي باعتبارها واحدة من مظاهر الاحتفال التي قد تشكل خطرًا كبيرًا على العريس فعلى الرغم من عدم مخالفتها للقانون إلا أنها قد تتسبب في حدوث عاهة مستديمة لذلك العريس، وذلك مثلما حدث مع أحد العرسان في رومانيا بعد أن حملوه أصدقاؤه وأطلقوه في الهواء بضع مرات إلا أنه انزلق من بين أيديهم في إحدى المرات لتصطدم رأسه بعد ثوان على الأرض ويصاب على إثر ذلك بكسر في العمود الفقري.

أزهري: المبالغة في أي شيء ليست من الدين 
الشيخ ربيع فهمي إمام مسجد الرحمن بمحافظة طنطا والعالم الأزهري أوضح "للدستور" أنه يجب عدم المبالغة في مظاهر الفرح والحزن على السواء فإن كل شئ مبالغ به، ينتج عنه ما لا يحمد عقباه، لذا يوضح أن ديننا الحنيف لا يمنعنا من الفرح والتعبير عنه بل يأمرنا فقط بألا نبالغ مثلما أمرنا كذلك ألا نبالغ بأحزاننا.

كما تابع ربيع أنه ينبغي الحرص على عدم استحلال التصرف بتجاوزات أخلاقية وقانونية في هذا اليوم بحجة المجاملة أو التفاخر أو التعبير عن الفرح، ويتايع متسائلًا كيف نبدأ حياة جديدة بغضب من الله.. وكيف يمكننا توقع نتاج تلك التصرفات بهذه الحياة، ويختم ربيع حديثه بقوله    

واختتم بقوله أنه على المرء أن يتقي الله في كل تصرفاته، وفي ليلة كهذه يبدأ فيها حياة جديدة يجب أن يدعو الله فيها بالإصلاح والكرم، بدلًا من ارتكابه المعاصي أو مبالغته في الفرح التي قد تتسبب في ضرره أو ضرر لمن حوله.