رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قصة كفاح بالوادي الجديد..

«العم محفوظ» من عامل لمعيد بالجامعة

الدكتور محفوظ زوام
الدكتور محفوظ زوام

"بالجهد والعمل يتحقق الأمل" هكذا كانت أول كلمات العم محفوظ بعد تحقيق حلمه من عامل بالوحدة المحلية بقريته إلى معيدًا بكلية الزراعة جامعة الوادي الجديد

بين عشيّة وضُحاها يفتح باب الأمل ذراعيه للرجل الأربعيني الذي كافح واجتهد وسعى نحو تحقيق أحلامه المؤجّلة في قرية الموشية القابعة على أطراف الزمن في مركز الداخلة بمحافظة الوادي الجديد، جنوب الصعيد.

بداية القصّة رواها الطالب محفوظ زوام حبل، المولود في 1979 (41 سنة) مقيم بقرية الموشية، بمركز الداخلة بالوادي الجديد، قائلًا إنه عندما أنهى مرحلة الشهادة الإعدادية ودخوله الثانوية العامة 1996 لم يواصل دراسته، فتم تعيينه بعقد مؤقت في 2007: «عملت بعقد مؤقت في الوحدة المحلية لقرى الموشية بعد انفصالها عن قرى الجديدة عام 2007، حيث تم استلامي العمل بقسم الماليات، ثم بقسم حماية أملاك الدولة والتنظيم، حيث إنني كنت على دراية كاملة بالماليات في القوات المسلحة أثناء تأديتي واجبي الوطني، وتم تعيني رسميًا في 2013، حيث وصل المسمّى الوظيفي عامل خدمات بدلًا من كاتب في أحد الأقسام التي تم العمل بها على مدار السنوات الماضية؛ لعدم حملي شهادة أخرى بدلًا من الإعدادية وقتها».

وأضاف، أنه قرر ترك وظيفته التي لا تليق بخبراته التي حصل عليها بعد استلامه أثقل 3 أقسام في المحليات من بين قسم الماليات حماية الأراضي والملكية والتنظيم، فقرر وقتها استكمال دراسته مرة أخرى بعد تفكير عميق بات لأيام وليال، وقتها قرر محفوظ للتقدم لمدرسة موط الثانوية الزراعية "منازل" التي تم قبوله فعليًا عام 2013.

وبدأ محفوظ رحلة كفاحه في التعليم الثانوي الزراعي بمركز الداخلة حيث ظهرت موهبته الملحوظة من قبل المدرسين في سرعة تلقّي العلم، وذكائه المرتفع وحصوله على أعلى الدرجات في جميع المقررات الدراسة، وهكذا استمر برحلة تميزه دراسيًا في الثلاث سنوات وحصوله على أعلى تقدير في الثانوية الزراعية نهاية 2017: «من حُسن الحظ حينها أن كلية الزراعة بالوادى الجديد تقبل الطلاب الحاصلين على نسب عالية في الثانوية الزراعية، فتقدمت للكلية وتم قبولي في الفرقة الأولي «العام الجامعي 2017-2018 »، وبدأت رحلة كفاح جديدة، لكن على مستوى أعلى من أجل الحصول على بكالوريوس العلوم الزراعية ولقب مهندس زراعي».

وأكد محفوظ، أنه واجه بعض العقبات التي كادت أن تعرقل مسيرة حياته ورجوعه للوراء مرة أخرى لولا تكاتف الجميع معه، بعد أن زار الجامعة لأول وفوجئ بقرار من الجامعة بإن الحضور اليومي إجباري ولا يجوز أن تدخل الجامعة بنظام المنازل، هنا قرر الطالب المتميز أن يأخذ إجازة بدون مرتب، الأمر الذي جعله في حيرة كبيرة بين حلم حياته وبين إطعام أسرته وأطفاله».

محفوظ وجد الكثيرين يحيطونه بكثير من الاهتمام والرعاية والدعم، فهذا أنور كمال، رئيس الوحدة المحلية وقتها الذي أكد له أن هناك نظام في العمل يسمّى «النّبطشية» يعمل العامل فيه 24 ساعة ويأخذ قسطًا من الراحة تصل لـ 48 ساعة، فسعد محفوظ بالقرار الذي يجمع بين العمل والمذاكرة، حيث إن الجامعة تبعد عن منزله بنحو 440 كيلو ذهابًا وإيابًا، فقدكان يعمل في الوحدة المحلية من الخميس إلى السبت ويذهب للجامعة من الأحد وحتى الأربعاء وهذا النظام استمر عليه الطالب طوال 4 سنوات.

محفوظ، بدأ رحلة السفر الأسبوعية من مركز الداخلة إلي الخارجة حيث مقر الكلية، لتلقى المحاضرات والدروس العملية، ثم يعود آخر الأسبوع إلى الداخلة لمباشرة مصالحه ورعاية أسرته، وبعد انتهاء امتحانات السنة الأولى ظهرت النتيجة وتوّج محفوظ بالمركز الأول على الدفعة التي بلغ عددها 180 طالبًا، وهذه النتيجة أعطت الطالب الصبور تحفيزًا كبيرًا لمواصلة تفوقه وحصوله على أعلى الدرجات وتحقيق أحلامه وهو التعيين في الكلية رغم كبر سنه حيث إن الطالب الذى يحصل على ترتيبه الأول يتم تكليفه وتعيينه معيدًا بالكلية.

اشتهر اسم محفوظ لدى جميع أعضاء هيئة التدريس ولدى الطلاب بلقب «العم محفوظ»، واستمرت رحلة تفوقه في كل عام وحصوله على الترتيب الأول على الدفعة إلى أن وصل إلى الفرقة الثالثة وتخصص في قسم الأراضى والمياه وهذا القسم يحبه كثيرًا واستمر تفوقه في القسم حيث حصل في الفرقة الرابعة على نسبة 92.54% وهذه النسبة وضعته الأول على الدفعة، وبذلك حقق ابن الوادي الجديد كل ما يتمناه فى التعليم والتفوق والحصول على أعلى الدرجات بعد أن حصل على المركز الأول بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف خلال الأربع سنوات، حتي تحقق حلمه بتعينه رسميًا معيدًا بكلية الزراعة بجامعة الوادي الجديد أمس الأربعاء.

حيث إستقبل محفوظ مكالمة هاتفية من رئيس الجامعة يهنئه باختياره معيدًا بقسم الأراضي والمياه بكلية الزراعة، ليقول حينها ألتقط أنفاسي بصعوبة بعد هذا الخبر وكأنني ولدت من جديد بعد رحلة عناء وكفاح لسنوات تكللت بالنجاح.