رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مفتي الجمهورية السابق يتحدث عن العقلية المنهجية في الإسلام

علي جمعة: العقيلة المنهجية في الإسلام تتميز بالحرص الشديد على التوثيق والتنمية

علي جمعة
علي جمعة

قال الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية السابق، وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إن العقلية المنهجية في الإسلام تتميز بحرصها الشديد على التوثيق، واعتباره من المفاتيح المهمة في إدارة عجلة التنمية وإحدى الأدوات الأساسية في بناء الحضارة، والمقصود بالتوثيق هو تحديد مصادر المعرفة، والتفرقة الدقيقة بين مجالاتها المختلفة، فهناك المجال الحسي كالكيمياء والطبيعة، وهو يختلف عن المجال العقلي كالرياضيات، وهو بدوره يختلف عن المجال النقلي، كشأن اللغة والشريعة، وقد تتداخل هذه المجالات، كما هو الشأن في العلوم الاجتماعية والإنسانية، ولكل مجال منهج بحثه، وترتيب أدلته.


وأضاف "جمعة" عبر صفحته الرسمية “الفيس بوك”: “ينطوي التوثيق أيضاً على تحديد طرق البحث وشروط الباحث، وترتيب الأدلة، والرؤية الكلية، وعدم إهمال الجزئيات، وتأصيل المسائل، وتفصيلها، ووضع المصطلحات بإزاء المفاهيم، والاعتماد على الحقائق دون الانطباعات والرغبات والأوهام، وقد علَّمنا الإسلام التوثيق في النقل، فأكد الكتاب الكريم ذلك، وأرشد النبي ﷺ أتباعه إليه، ورباهم عليه، ثم أخذ المسلمون قضية التوثيق كجزء مهم من منهجهم العلمي في التعامل مع النصوص، والتعامل مع الواقع، والتعامل مع الحياة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات:٦] وفي قراءة حمزة والكسائي وخلف -المتواترة - (فتثبتوا)، وقال النبي ﷺ : «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث» [رواه البخاري ومسلم]، ويقول ﷺ : «إن الله كره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» [البخاري ومسلم]”.


وأوضح: “إذا فُقِدَ التوثيق، تَكَوَّن العقل الخرافي الذي ينكر أول ما ينكر حجية المصادر، وينتج هذا غالبا من الجهل، وفي بعض الأحيان من الهوى، ومعرفة أن الالتزام بالمصادر سوف يكون ثقيلا على نفس المنكر، كما أن العقل الخرافي ينكر، ثانيا، طرق البحث، ومن هنا يختلط عنده العلم بالممارسة، فيعترف في ظاهر القول بالعلم ويدعو إليه، ولكنه بمفهوم آخر يقصره على المجال الحسي، ويجعل ما فوق الحس شيئا مختلفا وليس علما - مرة يسميه الإيمان، ومرة يسميه العقل الخرافي، وهذا نتيجة خطأ في تعريف العلم، وفي إدراك مجالاته وطرق بحثه، ويتصف العقل الخرافي، ثالثا، بإنكار التخصص، وإذا اعترف به بلسانه، فلا يعترف به في عقيدته وحاله. ورابعا: يهرب العقل الخرافي من الأدلة، ومن البحث عنها وفيها، لأن ذلك يحتاج إلى علم هو يفتقده، وإلى جهد ووقت ليسا متاحين له، ويعتمد على الشبهات والله سبحانه وتعالى يقول: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا) [الإسراء:٣٦]”.