رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من روائع الادب العالمي

«بوذا».. قصة تولستوي عن الحياة وفلسفة الوجود

تولستوى.
تولستوى.

“بوذا”، هي واحدة من قصص تولستوي الفلسفية التي يحكى فيها عن الفيلسوف بوذا وكيف تحولت حياته من رغد العيش إلى التقشف والزهد، لكنه أراد أن يقول فى قصته التي تحمل اسم بوذا أن تعاسة وعلم خير من نعيم وجهل. 

-  أحداث القصة

 تبدأ قصة بوذا من الملك سودودانا ملك قبيلة ساكياس فى القرن الخامس قبل الميلاد  الذى تزوج من أختين ولم تنجبا فظل حزينا لعقود طوال ، وعلى حين غفلة أخبرته زوجه الكبرى ماريا بأنها حبلى، و تمر الشهور ويأتي الأمير الصغير سيد هارتا،  كان كل شئ يراه هارتا لابد أن يكون جميلا ،لا يرى أوراق الشجر اليابسة ولا أصحاب الملابس المرقعة ، وكل من فى القصر يستبدلون بأناس أقوياء إذا ما مرض أحدهم .ط

 - الخروج من العزلة

 ولما بلغ هارتا التاسعة عشر زوجه والده من فتاة جميلة، وفى يوم قرر هارتا أن يرى العالم بعد عقدين من العزلة داخل قصره المشيد، فأمر خادمه أن يسرج الفرس ليطوفا فى المدينه . ، كان هارتا مندهشا من أشكال الناس وملابسهم ولغة أجساده،  وحوانيتهم ورائحة عرقهم، و لفت انتباهه رجل يسعل ويتألم فسأل خادمه لماذا يفعل هذا فأجابه بأن الرجل مريض فاندهش الأمير وسأل خادمه  ما معنى المرض ؟، فأجابه الخادم هو ضعف فى الجسد . فقال الأمير وهل أنا سأمرض ؟ لم يجب الخادم من باب التقدير لسيدة .

  فانطلقا ثم التقيا رجل  محنى الظهر يمشى كالسلحفاة، فسأل الأمير خادمه لماذا ينحني هذا الرجل فقال الخادم لأنه شيخ ، فقال الأمير متعجبا ما معنى شيخ فقال الخادم شيخ اى رجل شاخ وكبر ودخل طور الشيخوخة، فقال وهل أنا سأشيخ مثله؟ فأومأ الخادم برأسه أي نعم، ثم انطلقا فوجدا رجالا يحملون رجلا فوق أكتافهم فسأل الأمير وما هذا ؟ فقال الخادم انها جنازة رجل ميت، فسأل الأمير وما معنى الموت؟  فقال الخادم: الموت هو نهاية الحياة . فقال الأمير كيف ينعم الناس بملذات الحياة وهم يعلمون أن سيمرضون ويشيخون ويموتون؟ . 

 - البحث عن فلسفة الوجود 

 رجع سيد هارتا إلى قصره بوجه غير الذى خرج به بل بعقل وبقلب غير الذى خرج بهما ، فجلس فى غرفة نومه يتأمل زوجته ثم ينظر إلى الفضاء ثم خرج من بيته بغير رجعة. ليهيم فى الارض باحثا عن فلسفة الوجود .  والتطهير من الدنس ، ونبذ والمحرمات وكره ملذات الحسد، ليقضى ثمانين عاما فى الزهد والانتقال من مكان إلى آخر لينشر علمه وفكره  بين الناس فيتبعه المريدين ويتعلمون منه فيصبح له اتباع ومريدون.

 من سياق القصة نعرف انها قصة بوذا غير أن تولستوي ذكر اسم بوذا فى نهاية القصة، والسؤال الأهم لماذا اختار تولستوى حكاية بوذا ليكتبها هل لأنها قصة شيقة لرجل ترك حياته الرغدة ثم انتقل الى حياة التشرد بين البلاد وهو امير وابن ملك، ليس هذا مقصد تولستوى بالقطع لأنه لا يكتب القصص للتسلية أو المتعة، بل يكتب ليوصل فكرته ، فمن المعروف أن تولستوى قرأ كل العقائد والأفكار وأخذ منها ما يروق لنفسه .