رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر الكبيرة

أنا من الذين أسعدهم تقارب مصر مع قطر، ليس لأننى أحب قطر، ولكن لأننى أثق فى مصر.. لقد لفت نظرى أن البعض يعلق على وسائل التواصل الاجتماعى مندهشًا.. أو متظارفًا.. أو مدفوعًا.. أو جاهلًا.. ومحور التعليق هو زيارة وزير خارجية مصر لقطر.. وتسجيله حوارًا مع قناة الجزيرة.. رغم أنه سبق وألقى ميكروفون الجزيرة على الأرض.. وأنا فى الحقيقة لا أعرف ما وجه العجب؟ إن موقف الوزير هو موقف أى وطنى مخلص.. يُحب من أجل مصر.. ويكره من أجل مصر.. لقد ألقى الرجل ميكروفون الجزيرة على الأرض حين كان ذلك فى مصلحة مصر، وجلس يتحدث أمام نفس الميكروفون حين وجدتْ مصر أن ذلك فى مصلحتها.. فما وجه العجب وما وجه الغرابة؟ بل دعنى أقول لك إنه لولا الغضب الذى أدى لإلقاء الميكروفون على الأرض لما كان الوئام الذى أدى لأن يستقر الميكروفون أمام الوزير على المائدة.. لأن هذا قاد إلى ذاك.. من المفهوم طبعًا أن مثل ذلك التقارب يُقلق الإرهابيين ومرتزقة السياسة.. والمتمولين.. وأعداء مصر عمومًا.. وهؤلاء لا أخاطبهم.. ولا ثمن لهم عندى.. ولكنى أخاطب بعض المتظارفين وغير الفاهمين.. يا صديقى المتظارف.. ألا تعرف شيئًا عن السياسة؟.. هل تعرف ماذا قال ونستون شرشل السياسى البريطانى الكبير..؟ إنه يقول ببساطة: «لا يوجد أعداء دائمون.. ولا أصدقاء دائمون.. ولكن توجد مصالح دائمة».. والمصالح المقصودة هنا هى المصالح الوطنية العليا.. وليست المصالح الصغيرة التى يحققها البعض هنا.. أو هناك.. ثم هل سمعت يا صديقى المتظارف عن زعيم وطنى اسمه مصطفى النحاس.. لقد وقّع النحاس باشا معاهدة ١٩٣٦ لأنه وجد وقتها أن هذا فى مصلحة مصر.. وعندما تغيّر العالم بعد الحرب قرر أن يلغى المعاهدة لأنه وجد أن هذا فى مصلحة مصر، وقال قولته الشهيرة «من أجل مصر وقعت المعاهدة.. ومن أجل مصر ألغيها».. لقد كانت مصلحة مصر هى هدفه فى الحالتين.. لقد وجه البعض لومًا للإعلاميين الذين كانوا يهاجمون سياسات قطر تجاه الإخوان.. وقال لهم كيف حالكم اليوم وقد صالحت مصر قطر؟؟ ورغم أننى لست من هؤلاء الإعلاميين فإننى أرى أن حالهم هو أفضل حال.. لقد هاجموا قطر لأنهم وجدوا أن هذا فى مصلحة مصر.. وتوقفوا عن الهجوم على قطر لأنهم وجدوا أن هذا فى مصلحة مصر.. وفى الحالتين لا لوم عليهم ولا تثريب.. إننى لا أرى ملف العلاقة مع قطر إلا أنه حلقة فى حلقات متصلة من تأكيد الدور الكبير لمصر.. وحسن سياستها للمنطقة.. واتساع أفق قيادتها وإجادتها اللعب بكل الأوراق السياسية ضمن إطار أخلاقى يلتزم بالشرف والمصالح الوطنية العليا وفى هذا ما يكفى ويزيد..