رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علي جمعة يوضح أركان عملية الإفتاء

على جمعة
على جمعة

قال الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية السابق، وشيخ الطريقة الصديقية الحالى، إن عملية الإفتاء تتكون من ثلاثة أركان أساسية وهي: المفتي والفتوى والمستفتي، ولكل ركن من هذه الأركان عدة شروط وآداب فيشترط في المفتي وهو الركن الأول من هذه الأركان عدة شروط مهمة يمكن تقسيمها إلى شروط سلبية وشروط ايجابية. 

وتابع "جمعة" عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: أما الشروط السلبية فهي شروط لا يجب توافرها والشروط السلبية كثيرة ونعلم أنه ليس من المنطقي أن يقال من الشروط (لا يشترط كذا) فعدم توافر الشرط لا يحتاج أن ينص عليها ولكن نذكر تلك الشروط خاصة لأننا في عصر اشتبه على الناس كثير من الأمور مما ألزمنا التنبيه عليها ومن هذه الشروط: الذكورية فلا يشترط في المفتي أن يكون ذكراً وذلك بإجماع العلماء فيمكن للمرأة العالمة أن تفتي وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها تفتي ولا يشترط النطق اتفاقاً فتجوز فتوى الأخرس ويفتي بالكتابة أو بالإشارة المفهومة ولا يشترط البصر اتفاقاً فتصح فتيا الأعمى وصرح به المالكية. 

وأوضح : أما الشروط الإيجابية (أي التي يجب توافرها في المفتي) فأولها هو الإسلام فلا تصح فتيا غير المسلمين، وثانيها العقل فلا تصح فتيا المجنون، وثالثها البلوغ وهو أن يبلغ من يفتي الحُلم من الرجال والمحيض من النساء أو يبلغ 15 عاماً أيهما أقرب لأنه لا تصح فتيا الصغير والصغيرة، والشرط الرابع هو العلم فالإفتاء بغير علم حرام لأنه يتضمن الكذب على الله تعالى ورسوله ويتضمن إضلال الناس وهو من الكبائر.

واستكمل: ويضاف إلى ما سبق شرط التخصص وهو شرط نضيفه في هذا العصر نظراً لطبيعته ونعني به أن يكون من يتعرض للإفتاء قد درس الفقه والأصول وقواعد الفقه دراسة مستفيضة وله دربه في ممارسة المسائل وإلمام بالواقع المعيش ويفضل أن يكون قد نال الدراسات العليا من جامعات معتمدة في ذلك التخصص وإن كان هذا الشرط هو مقتضى شرط العلم والاجتهاد فإن العلم بالفقه والاجتهاد فيه يقتضي التخصص، ولكن طريقة الوصول إلى هذه الدرجة تحتاج ما ذكر ولقد اعتبرت التخصص شرطاً منفصلاً رغم اندراجه في شرط العلم والاجتهاد لحسم حالة الفوضى التي تثار هنا وهناك ممن لم يتخصص في علم الفقه والأصول ويعترض ويناظر على فتاوى ما درس مبادئها الفقهية ولا أصولها (راجع البحر المحيط للزركشي، ج 8 ص 362).

وتابع: وهناك شرط العدالة: والعدل هو من ليس بفاسق والفسق هو الخروج على عادات الناس فيما ينكر ويستهجن كأن يسير في الطريق حافياً مثلاً أو غير ذلك من السلوكيات التي تستهجن في المجتمع فلا تصح فتيا الفاسق عند جمهور العلماء لأن الإفتاء يتضمن الإخبار عن الحكم الشرعي وخبر الفاسق لا يقبل.

وأضاف: وهناك شرط الاجتهاد وهو بذل الجهد في استنباط الحكم الشرعي من الأدلة المعتبرة وليس المقصود هو أن يبذل العالم جهداً ملاحظاً قبل كل فتوى وإنما المقصود بلوغ مرتبة الاجتهاد والتي قال الشافعي عنها فيما رواه عنه الخطيب البغدادي: لا يحل لأحد أن يفتي في دين الله إلا رجلاً عارفاً بكتاب الله: بناسخه، ومنسوخه، ومحكمه، ومتشابهه، وتأويله، وتنزيله، ومكيه، ومدنيه، وما أريد به، ويكون بعد ذلك بصيراً بحديث رسول الله ويعرف من الحديث مثل ما عرف من القرآن ويكون بصيراً باللغة بصيراً بالشعر وما يحتاج إليه للسُنة والقرآن ويستعمل هذا مع الإنصاف ويكون مشرفاً على اختلاف أهل الأمصار وتكون له قريحة بعد هذا فإذا كان هكذا فله أن يتكلم ويفتي في الحلال والحرام وإذا لم يكن هكذا فليس له أن يفتي (إعلام الموقعين لابن القيم ج 1 ص 37).

كما تابع: وهناك شرط جودة القريحة: ومعني ذلك أن يكون كثير الإصابة صحيح الاستنباط وهذا يحتاج إلى حُسن التصور للمسائل وبقدر ما يستطيع المجتهد أن يتخيل المسائل بقدر ما يعلو اجتهاده ويفوق أقرانه فهو يشبه ما يعرف في دراسات علم النفس بالتصور المبدع.

واختتم: والشرط الأخير هو الفطانة والتيقظ فيشترط في المفتي أن يكون فطناً متيقظاً ومنتبهاً بعيداً عن الغفلة قال ابن عابدين (قوله: وشرط بعضهم تيقظه) احترازاً عمن غلب عليه الغفلة والسهو (حاشية ابن عابدين ج 5 ص 359).هذه جملة من الشروط التي ينبغي أن توجد في المفتي فمن تتوافر فيه استحق أن يُنصب في منصب الإفتاء.