رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تشيخوف يحكى عن التعاسة

تشيخوف يعبر إلى عالم المسرح من بوابة «الشقيقات الثلاث»

انطوان تشيخوف
انطوان تشيخوف

(الشقيقات الثلاث) واحدة من روائع تشيخوف المسرحية التى لم تلق ثمة استحسان فى وقتها، لدرجة أن الكاتب الروسى الكبير تولستوى  قال إنها مجرد أكوام من الكلام  الفارغ.

ليس تولستوى وحده الذي شكك فى مسرح تشيخوف الذي كان يعد غريبًا فى هذا الوقت؛ لأنه مزج بين الرواية والمسرح كما أنه لعب على خيوط الروح أكثر من الحركة على خشبة المسرح، فانهال النقاد على تشيخوف تجريحا أثناء عرض مسرحية الشقيقات الثلاث، وكذلك  الجمهور لذا هرب تشيخوف من المسرح أثناء عرض الفصل الثانى من المسرحية، ما جعله يشك فى كتابته، فقالت الشقيقات الثلاث ليست مسرحية بل هى شلة من الخيوط، كما قال إن بها من التعقيد ما يشبه الرواية، كما أننى كتبتها على فترات متباعدة.

 
بعد مرور عقود على كتابة وعرض الشقيقات الثلاث، تبين أنها لون جديد من الكتابة المسرحية التى تعتمد على ما يكمن فى الروح لا على ما تبينه حركة الجسد على خشبة المسرح.

 
ومسرحية الشقيقات الثلاث تحكى عن 3 شقيقات هن أولجا وايرينا وماشا، أما اوليجا فى الشقيقة الكبرى وهى معلمة كرهت رائحة الكرلريس مثلما كرهت مرارة العنوسة بعد أن فاتها قطار الزواج، لذا ترى الحياة من منظور أسود، أما الثانية فهى ايرينا التى تخشى أن تلقى مصير اختها اوليجا فيفوتها قطار الزواج، لذا فكرت فى قبول الزواج من البارون تيوزنباخ وهو شخص ثقيل الظل وغير وسيم  

قالت لها أوليجا: "عزيزتى إنى لأنصح لكى كشقيقة وصديقة أن تتزوجى البارون انت تحترمينه وتقدرينه كل التقدير، صحيح أنه ليس وسيمًا لكنه نظيف وشريف، الناس لا يتزوجون بدافع الحب لكن أداء لواجبهم، هذا اعتقادى على كل حال وأنا على استعداد أن أتزوج دون حب مهما يكن المتقدم لى سأقبل به مادام مهذبًا، أما الشقيقة الثالثة فهى ماشا التى تزوجت فى سن صغيره ،فلم تجد من زوجها عطفا ولا موده فأحبت غيره.

ومن خلال رسم الشخصيات نفهم أن تشيخوف أراد أن يقول الشقيقات الثلاث تعيسات، لذا فكرن فى بيع البيت الذى يملكونه والتوجه إلى موسكو، لأن البراح والحرية ينبتان فى أرض المدن ولا ينبتان فى أرض القرى القاحلة، ربما كانت التعاسة المشتركة سببا فى سخط الجمهور على تشيخوف، فلو أنه مزج بين التعاسة والسعادة بين الشقيقات لكان الأمر مقبولاً، بخلاف التقنية فى الكتابة المسرحية التى خرج تشيخوف عن طورها ضاربا بقواعدها عرض الحائط.

فى نهاية المسرحية أراد تشيخوف إن يقول إن السعادة تكمن  فى العمل والرضا وليس فى المكان . لذا ختم المسرحية بعبارة جاءت على لسان الشقيقات الثلاث، سيأتى يوم يعرف فيه الكل لماذا نتعرض لهذا العذاب، أما الآن فعلينا أن نعيش علينا أن نعمل نعمل فقط.