رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكرى ميلاده.. قصة حوار يوسف إدريس مع السادات وغضب عبد الناصر

يوسف إدريس
يوسف إدريس

عندما انتدب الرئيس السادات يوسف إدريس للعمل معه في المؤتمر الإسلامي الذي كان يرأسه، أجرى الأخير حوارًا مع السادات حول فكرة «الاتحاد القومي» في ظل المشكلة التي تمت إثارتها في ذلك الحين: هل يُسمح بدخول الاتحاد القومي لمن زاولوا نشاطًا سياسيًّا من قبل أم لا؟ ونُشر الحوار في جريدة «الجمهورية»، وعندما قرأه عبد الناصر لم يعجبه وغضب منه.٧٧٨٨٨٨٧٨:٨ 

السبب في غضب عبد الناصر من هذا الحديث أن إدريس قال على لسان السادات ردًّا على التساؤل المطروح حول: مَن يدخل الاتحاد القومي؟ إنَّ كل إنسان لم يزاول السياسة قبل قيام الثورة وسوف ينضم إلى الاتحاد القومي فهو رجل انتهازي، لسبب بسيط جدًّا أنه إذا كان يريد بالفعل أن يضحِّي وأن يعمل بالسياسة كان من الطبيعي أن يعمل بالسياسة من خلال أحد الأحزاب التي كانت موجودة قبل الثورة! ولكن كونه يبتعد عن العمل السياسي حتى تصبح السياسة مربحة فينضم إلى الاتحاد القومي، فهذه انتهازية سياسية لا تقبل المناقشة! ولا بد إذن أن نفتح الاتحاد القومي لكل الاتجاهات والآراء والأفكار، بشرط أن يقوم العضو الذي يريد الدخول في عضوية الاتحاد القومي بحل نفسه من أي تنظيم يكون قد ارتبط به من قبل.

هذا الرأي الذي كتبه إدريس على لسان السادات هو ما ضايق عبد الناصر، ولذلك اتصل عبد الناصر بالأستاذ هيكل وسأله: «هل قرأت حديث السادات مع يوسف إدريس؟!»، فأجابه هيكل بـ«نعم»، فقال عبد الناصر: «ده مش رأي السادات، ولكنه رأي الشيوعيين في الاتحاد القومي».

هذه التفاصيل علمها يوسف إدريس في ما بعد من كامل الشناوي والتي حكاها له هيكل بنفسه.

بسبب هذا الحوار تم فصل إدريس من «الأهرام» فذهب الأخير إلى مبنى المؤتمر الإسلامي، حيث يوجد مكتب أنور السادات، وحاول أن يفهم سبب المشكلة -لم يكن قد عرفها في ذلك الوقت- لكنه وجد كشفًا معلقًا على الباب يتضمن فصل خمسة أسماء واسمه في أول القائمة على الرغم من أنه كان معارًا إلى المؤتمر الإسلامي من وزارة الصحة.

دخل إدريس على أنور السادات وقال له بهدوء شديد: «صباح الخير«، فرد الأخير: «صباح النور يا دكتور يوسف»، فسأله إدريس: «إيه حكاية فصلي من المؤتمر الإسلامي؟»، فقال السادات بهدوء: «أنا رفدتك يا يوسف»! والغريب أنهما قبل الفصل بيوم واحد كانا على موعد على العشاء! فقال إدريس: «أنت مالكش حق ترفدني، إنت ممكن تلغي إعارتي فقط»!

ففوجئ بالسادات يقول: «ليه أنت بتشتغل فين؟!»، اندهش إدريس من السؤال لأن السادات يعرف أنه معار من وزارة الصحة بل هو بنفسه من طلب إعارته، وذكّره إدريس بذلك فردّ السادات: «وكمان أنت مرفود من وزارة الصحة! ها... ها!».

تصور إدريس أن السادات يمزح معه، لكنه ذهب إلى وزارة الصحة فوجد نفسه مرفودًا بالفعل، فقال لنفسه: «لأذهب إلى وزارة الثقافة التي كنت منقولًا منها إلى وزارة الصحة»، لكنه وجد نفسه باختصار مفصولًا أو مرفودًا من الجهات الأربع: «الأهرام» أولًا، ثم المؤتمر الإسلامي، ثم وزارة الصحة، وأخيرًا وزارة الثقافة.