رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أكد أن التقارب المصري السوداني شهد طفرة غير مسبوقة

يسري الشرقاوي: الرئيس السيسي أحيا علاقاتنا الإفريقية في دول حوض النيل

الدكتور : يسري الشرقاوي
الدكتور : يسري الشرقاوي رئيس جمعية المصريين الأفارقة

أكد الدكتور يسري الشرقاوي، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، أهمية ملف حوض النيل والقارة الإفريقية لمصر، وأن الدولة تضع نصب أعينها موضوعات وملفات هامة متعددة قرب الانتهاء من إنشاء سد النهضة الإثيوبي ومحاولة عدد من الدول العبث بهذا الملف لإدراكهم التام بمدى تاُثيره وخطورته على العمق الاستراتيجي والأمن القومي المصري، كما أكد على ضرورة توثيق علاقاتنا بالدول الإفريقية بشكل عام ودول حوض النيل خاصة لما تمثله من أهمية استراتيجية واقتصادية لمصر، وإلى نص الحوار.

 

• في كيف تنظرون لأهمية ومحورية التعاون بين مصر ودول حوض النيل؟

- دول حوض النيل تعد من أهم الأقاليم في شرق إفريقيا وهي تجمع من 11 دولة في شرق إفريقيا، وفي تصوري أن مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية تضع أهمية كبيرة للتعاون مع الجانب والأشقاء في السودان لكي نستطيع معا أن نحدث تغيرا فاعلا وجذري في محاور التنمية والتكامل في دول حوض النيل.
 

 وأيضا إعادة توظيف الثروات الطبيعية والبشرية لكي نستطيع إحداث تنمية فاعلة على أرض دول حوض النيل تنعكس على الشعوب التي تستعد للانطلاق مع حكوماتها ورجال أعمالها ومؤسساتها التمويلية للأمام، ودول حوض النيل غنية بمواردها الطبيعية وهي تلك الدول الأفريقية التي يمر منها ويجري على أراضيها نهر النيل و يوجد في أراضيها منابع النيل العظيم ويغطي مساحة 1.3 مليون كيلو متر مربع،  وهذه الدول على الترتيب هي أريتريا، وإثيوبيا، وأوغندا، والكونغو الديمقراطية، وكينيا، وتنزانيا، ورواندا، وبوروندي، ومصر ،والسودان، وجنوب السودان بإجمالي عدد سكان 500 مليون نسمة، أي ما يقرب من 30% من سكان القارة الإفريقية وبهذا يعد إقليم دول حوض النيل إقليما هاما وسوق محوريا واعدا إذا أحسن استغلاله وتم ترتيبه واعداده بين الدول المشتركة في هذا الإقليم، ولعل ما يجري في مصر الان يؤكد علي هذا التوجه الهام.

 

• كيف تري التعاون المصري المشترك من الناحية الاقتصادية والتجارية مع دول حوض النيل؟

- تشهد مصر في السنوات الأخيرة حالة صادقة في التعامل الإفريقي بصفة عامة وهو ما يؤكده دائما السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، وتدفعنا جميعا بصدق للأمام في البحث عن فرص تجارية واستثمارية في دول حوض النيل، وهذا أهم مؤشر يمكن ان يأخذه رجال الاعمال والمستثمرون قبل التحرك باستثماراتهم او قبل العزم علي إضافة استثمارات جديدة أو فتح أسواق والدخول في عمليات تجارية جديدة خارج الحدود، ولعل ما أجرته مصر عندما كانت تترأس الاتحاد الافريقي من دعم إنهاء توقيعات اتفاقية التجارة البينية الافريقية في عام 2019 وتوج ببدء التنفيذ للاتفاقية في مطلع عام 2021، وهو دعم كبير وفرصة لكل الاخوة في مجتمع المال والاعمال للدخول الي العمق الافريقي وبالطبع دول حوض النيل، و التي تمتلك مقومات عديدة للغاية تخدم قطاعي الزراعة والصناعة مما يجعلها على رأس الأولويات في إعادة بناء اقتصادي تكاملي إنتاجي الأمر الذي سيساهم في زيادة معدلات التنمية المستدامة في دول حوض النيل.

 

• ما هي أهم التحديات التي تواجه دول حوض النيل في النهوض اقتصاديا؟

- على الرغم من امتلاك هذه الدول لكم هائل من الثروات الطبيعية والمعدنية والغابات والمياه وبعض الدول تقع علي بحار ولها مواني وشريط ساحلي، إلا أن هناك معدلات ما زالت تحتاج إلى مواجهة وتنمية مثل معدلات الفقر ومعدلات البطالة ومعدلات التنمية البشرية والرعاية الصحية والتعليم، أتصور من وجهة نظري ان البيئة الاقتصادية والاجتماعية والصحية في هذه المنطقة تحتاج إلى العديد من تضافر الجهود وضخ الاستثمارات بالضمانات الحكومية وبتمويلات ببرامج خاصة وتحديدا في التحدي الأكبر وهو البنية التحتية سواء في الاتصالات او الطاقة  او الطرق والكباري والموانئ، واتصور ان هناك بعض الدول في إقليم حوض النيل قطعت شوطا طويلا في هذا. 

فمعدلات الشمول المالي في كينيا، وتطور شركات الطيران والخدمات في إثيوبيا، وما أجرته مصر من إصلاحا اقتصاديا وهيكليا وإداريا وماليا تجربة تدرس ويجب الوقوف عندها وأتصور أن الكونغو الديمقراطية تحاول محاكاة التجربة المصرية، ومصر باتت مستعدة لتصدير الخبرات مع دول حوض النيل وأن تزيد معدلات التعاون مع الدول التي بدأت وانطلقت تحديدا مثل روندا وكينيا

 

• التقارب المصري السوداني ورؤية جديدة كيف ترونها في مجتمع المال والأعمال في البلدين؟

- في تصوري الشخصي أنا وزملائي أعضاء جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة ومن خلال لقائنا المتعددة مع الزملاء الأشقاء السودانيين نشهد حالة غير مسبوقة من الإرادة الحقيقة من إدارة الدولتين في إحداث تقارب وتكامل ورسوم خطوط تنموية شاملة وسريعة ودقيقة، لخدمة الاقتصاد والتجارة وتحقيق الرفاهية لشعبي البلدين الشقيقين وتكوين وتشكيل نقطة انطلاقة قوية تنطلق منها الأعمال مع باقي دول حوض النيل وتمتد للعمق الأفريقي.

 وقد بدأت مصر في ذلك في عام 2019 وأرسلت كافة المساعدات الطبية في مطلع عام 2020 إلى السودان وأقامت القوات المسلحة المصرية خطوط إنتاج الخبز في السودان، وبدأ العمل على قدم وساق في تذليل كافة الصعوبات أمام المصدرين والمستوردين من البلدين، وحرصت الحكومة في البلدين على سرعة الاستجابة لأي مشكلة وتذليل الصعوبات وإزالة المعوقات المتراكمة منذ سنوات طويلة أمام حركة التجارة بين البلدين. 

و الجانب المصري يعلم جيدا أن عمق الأمن بكل مقوماته يأتي من الاتحاد المصري السوداني وتعزيز موقف الإخوة في السودان حتى استكمال المرحلة الانتقالية وانتهاء كافة الإصلاحات لإعادة السودان إلى بيئة جاذبة للاستثمار وتوفير المناخ الاقتصادي والاجتماعي الذي يمكن السودان من النهوض، وتواجه الحكومة السودانية الجديدة التي تم تشكيلها في فبراير 2021، 020، عَدَدًا من التحديات ذات طبيعة أمنية واقتصادية إذ يعاني السودان من تدهور الأوضاع الاقتصادية وهو ما يتطلب الدعم من الدولة المصرية، وهو ما أكد عليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال استقباله الدكتورة مريم الصادق المهدي، وزيرة خارجية السودان بالقاهرة.

 

كما يحاول البلدان تعزيز التعاون في المعاملات التجارية والاستثمارية بينهما، وكذلك في كافة مجالات التعاون الاستراتيجي بين البلدين. ونجد أن هناك تعاون في مجال النقل وخاصة من خلال مشروع ربط السكك الحديدية بين البلدين، ومشروع الربط الكهربائي بين البلدين، وكذلك التعاون في مجالات النقل الجوي والبري والنهري والبحري و لعل أهم ما يمكن أن نلخصه وفقا لمتابعتنا أنه جاري العمل في العديد من المشروعات بين البلدين بناء الطريق الساحلي بين مصر والسودان بطول 280 كيلو متر، ومشروع طريق قسطل وادي حلفا، وطريق أسوان - وأدى حلفا – دنقلة، و تطوير وإعادة هيكلة خطوط السكك الحديدية لتسهيل حركة نقل البضائع والأفراد، و مد الشبكة الكهربائية إلى شمال السودان وتطوير شبكة الري والصرف في السودان، وأيضا خط السكك الحديدية الرابط للبلدين سيمتد بطول 900 كم تقريبا تمتد المرحلة الأولى من أسوان حتى وادى حلفا في السودان، والخط سيمتد في الأراضي السودانية بطول حوالي 250 كم، و ربط السكك الحديدية بين مصر والسودان بحيث يمكن للراكب استقلال القطار من الإسكندرية حتى الخرطوم مباشرة وكذا مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسودان، وينفذ على 3 محاور تبلغ قدرة المرحلة الأولى 300 ميجا واط ويدرس الجانبان التوسع ليصل إلى 3 آلاف ميجا وات في المرحلة الثانية من المشروع، والذي يضم خط الربط 300 برج على الأراضي المصرية، والتكلفة الاستثمارية المتوقعة حوالي 56 مليون دولار.

 وبلغت التكلفة الاستثمارية للتوسعات حوالي 550 مليون جنيه ويتم حصول مصر على اللحوم وفول الصويا وعباد الشمس من السودان مقابل قيمة الربط الكهربائي وهناك تعاونًا في مجال المناطق اللوجستية بين البلدين، وكذلك تجهيز الموانئ بمخازن صالحة ومطورة ومستعدة لتخزين البضائع، كما اتفقتا الدولتان على إنشاء صندوق سيادي لتمويل المشروعات بينهما.

كما شمل التعاون العديد من المجالات في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة تم توقيع مذكرة تفاهم، بهدف إنشاء مجموعة عمل مشتركة بين جهاز تنمية المشروعات ووزارة الصناعة والتجارة بالسودان لتعزيز التعاون ونقل الخبرات لدعم وتنمية المشروعات الصغيرة في البلدين، خاصة في قطاع الصناعات اليدوية والحرفية ووصل البلدان إلى التفاهم حول تعزيز التعاون الصناعي في مجال الصناعات الدوائية والذي من شأنه زيادة الصادرات.

 ووافقت مصر على طلب الجانب السوداني بتدريب عدد من الكوادر السودانية العاملة في القطاعات الصناعية والصناعات الصغيرة والمتوسطة، لتشمل صناعة ودباغة الجلود والمصنوعات الجلدية فيما يتعلق بتطوير مختلف مراحل الدباغة والمصنوعات اليدوية ووصولًا للمنتج النهائي، ونقل الخبرات في مجال تصميم المنتج والتطوير والابتكار للمنتجات الجلدية باستخدام برامج الكمبيوتر الحديثة وتم الاتفاق على مشاركة شركات القطاع الخاص المصرية بمشروع تطوير مثلث العاصمة السودانية، والذي يشمل مناطق الخرطوم وأم درمان وبحري ويتضمن إعادة رصف الطرق وإنشاء عدة كباري وتجديد شبكات الصرف الصحي.

 

• ماذا عن مستقبل العلاقات الاقتصادية بين مصر والسودان؟

 في تصوري أن الحكومات في البلدين تضع نصب أعينها موضوعات وملفات مهمة أهمها معدلات البطالة وخفض التضخم وتوفير الحياة الكريمة للمواطنين وهذا سيتحقق بجذب وتبادل الاستثمارات بين البلدين وتشجيع جذب الاستثمارات الدولية داخل البلدين، كما أتصور أيضا أن الكل يعمل على قدم وساق من أجل صناعة تاريخ جديد للعلاقات الاقتصادية بين البلدين . 

 

وقد قام الجانب السوداني بتجديد التراخيص اللازمة للمركز التجاري المصري والذي يسهم في توفير احتياجات السوق السوداني بأسعار أقل عن نظير استيراد تلك المنتجات من أسواق أخرى أعلى في التكلفة والوقت، كما شاركت مصر بفعاليات معرض الخرطوم الدولي كضيف شرف المعرض.

 وبلغ حجم التجارة بين البلدين وقد بلغ العام الماضي نحو 862 مليون دولار، منها 496 مليون دولار صادرات مصرية للسودان، و366 مليون دولار واردات حيث تتضمن أهم بنود التبادل التجاري بين البلدين الكيماويات والمنتجات المصنعة والآلات والمعدات والمواد الغذائية والمنسوجات ووسائل النقل والحيوانات الحية والمنتجات الزراعية وأتوقع أن السنوات القادمة ستشهد انتقال للاستثمار والتجارة بين البلدين بشكل مكثف جدا