رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خارج التغطية: قرى مصرية بلا مدارس أو فصول محو أمية

جريدة الدستور

نحو 18 مليون أميّ في مصر لا يعرفون القراءة والكتابة، وفق آخر إحصائية صدرت من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء خلال 2017، حيث أصبحت الأميّة ظاهرة متفشيّة، لاسيما في القرى والمحافظات والأقاليم البعيدة.

الحكومة جاهدة تحاول محاربة تلك الظاهرة من خلال إطلاق العديد من المبادرات والبرامج التي تساعد أهالي تلك القرى في محاربة الأمية والاتجاه إلى التعليم، لكن تظل المشكلة قائمة بسبب وجود بعض القرى التي لا يوجد بها مدارس في مراحل معينة مثل الإعدادية أو الثانوية، حيث يتكبد الأهالي عناء الذهاب إلى مدارس بعيدة والبعض منهم لا يقتدر ماديًا على ذلك، فيضطر إلى تسريب ابنائهم من التعليم بعد الابتدائية مباشرة.

«الدستور» ذهبت إلى هناك، إلى تلك القرى لتعرف كيف تسير الحياة داخلها ويعيش أبنائها بلا مدارس وما البديل الذي يعتمدون عليه؟ وتحدثت مع عدد من الأهالي حول تلك المدارس التي تفتقد للتعليم وكيف يتغلبون على ذلك الأمر في الوقت الحالي.

قرية تونس بالفيوم أحد تلك القرى، بالرغم من التطويرات التي قامت بها الحكومة مؤخرًا في تلك القرية التي تعد سياحية، إلا أن تلك القرية لا يوجد بها مدرسة متكاملة إلى الآن، وتعتمد على فصول اليوم الواحد التي يدرس بها الطلاب، وفقًا لـ حسن شحاتة أحد أبناء تلك القرية:"الحكومة دخلت مؤخرًا الواي فاي في قرية تونس كلها وده شئ كويس جدًا ومحمود لينا، لكن في نفس الوقت محتاجين توسع في المدارس، القرية مفيهاش مدرسة متكاملة لحد دلوقتي بنعتمد على فصول اليوم الواحد".

أضاف: "أقرب مدرسة متكاملة من القرية على بعد 60 كيلو، فلازم نهتم بإن يكون فيه مدارس متكاملة ومتنوعة في المراحل داخل القرية عشان الطلاب لا يتم استنزافهم جسديًا وماديًا أو يكسلوا يروحوا المدرسة لأنها بعيدة عنهم".

في 2017، نشرت الهيئة العامة للأبنية التعليمية، تقريرًا رصدت فيه عددًا من المناطق المحرومة من التعليم الأساسي، والتي بلغت 2066 منطقة فى 17 محافظة، وتأتى سوهاج على رأس القائمة بـ351 منطقة بلا مدارس.

وتلي سوهاج في القائمة محافظة قنا ويوجد بها 303 مناطق محرومة من المدارس، بين قرى ونجوع وكفور، يتجاوز عدد سكان المنطقة الواحدة منها 240 نسمة، فيما تحتل محافظة المنيا المرتبة الثالثة بين المحافظات الأكثر حرمانًا من المدارس، ويوجد بها 291 منطقة محرومة من المدارس.

جاءت البحيرة رابعة في القائمة من حيث عدد المناطق المحرومة من المدارس بها، وفيها 270 منطقة بلا مدارس تعليم أساسي، فيما رصد التقرير 217 منطقة محرومة من المدارس في أسيوط، ويوجد فى كفر الشيخ 136 منطقة بلا مدارس للتعليم الأساسي بحلقتيه الابتدائية والاعدادية.

وتلت الجيزة في المناطق الأكثر حرمانًا من المدارس، محافظة الدقهلية ويوجد بها 68 منطقة، والقليوبية بها 45 منطقة، والغربية بها 43 قرية، وجاءت كل من المنوفية والإسماعيلية بها 41 منطقة، ودمياط بها 40 قرية، وجاءت الأقصر فى ذيل القائمة بـ 29 منطقة.

محمد عبدالعليم، وأحد من أهالي قرية عزبة الصعيد بالفيوم، قال لـ«الدستور»: "القرية مفيهاش مدرسة ولا فيها أي مكان تعليمي زي ده يخدم القرية، وفي السنوات الأخيرة ارتفعت نسبة الأمية فيها، لأن هي حاليًا في أشد الاحتياج لوجود مدرسة".

أوضح أنه قام مع عدد من أهالي القرية بتجميع مبلغ مالي منذ عام وصل إلى 18 ألف جنيهًا من أجل المساهمة في إنشاء فصول محو أمية ودارسية للأطفال، لعدم وجود جيل جديد من الصغار أميين لا يعرفون القراءة والكتابة:"الأطفال بيروحوا أما قرى مجاورة بعيدة عليهم جدًا وبيستنزفوا جهد وفلوس وتعب، أو الأهالي بتحرمهم من التعليم بسبب ضيق اليد وبعد المدرسة عن المنزل، عشان كدة ضروري يكون فيه مدرسة داخل القرية".

قرية الجوابيس بالبحيرة، كانت ضمن القرى المحرومة من المدارس، فلا ملجأ لأطفالها الراغبين في التعليم، سوى قريتي العباسي والتعاون البعيدتين عن القرية بنحو 3 كيلومترات.

في مركز الدلنجات، تقع القرية والتي تعتبر حدودية بين مركزي الدلنجات وبدر، يعيش بها آلاف المواطنين، كانوا في حيرة من أمرهم عند إلحاق أطفالهم بالمدارس، حيث تقع المدرسة الأقرب لهم على بعد نحو 3 كيلومترات بمركز العباسي، حسبما يقول عاطف الدامي، أحد أبناء القرية.

أضاف عاطف: "المسافة التي يقطعها الأطفال سيرًا على الأقدام، تكون عبر طُرق غير ممهدة، ومع ذلك فضلت أسرنا ونحن صِغار أن نذهب لقرية التعاون الأكثر بُعدًا، خوفًا من عبور النيل عبر القوارب للذهاب لقرية العباسي خوفًا علينا".