رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد تهديدات «حسن نصر الله».. ما هي سيناريوهات التصعيد بين إسرائيل وحزب الله؟

جريدة الدستور

يوجد بين حزب الله وإسرائيل احتمال كبير لحدوث تصعيد يمكن أن يُشعل بسرعة حرباً واسعة، وذلك في الأساس في ضوء رغبة حزب الله للمحافظة على "قواعد اللعبة" القائمة، وهو ما يظهر في ردوده على عمليات الجيش الإسرائيلي في المجالين اللبناني والسوري، وبالنسبة لحزب الله فإنه من المهم المحافظة على "الردع المتبادل" القائم منذ سنة 2006، وهو ما يعني الرد من جانبه على كل عملية إسرائيلية.

وقال زعيم حزب الله، حسن نصر الله، في مقابلة نشرت أمس الأحد، إن تنظيم حزب الله ضاعف عدد صواريخه الدقيقة خلال العام الماضي، وزعم أن تنظيمه الشيعي المدعوم من إيران لديه القدرة على ضرب أي جزء من إسرائيل بدقة.

وجاءت هذه التهديدات بعد هدوء نسبي خلال الأسابيع الأخيرة على الجبهة الشمالية، مما أعاد فكرة التصعيد المحتمل إلى أولويات الإدارة في تل أبيب.

أسباب للانتقام

تصاعد التوتر بين إسرائيل وحزب الله وإيران بعد اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده مؤخرًا، في غارة نُسبت إلى إسرائيل، ووسط مخاوف من وقوع مزيد من الهجمات في نهاية ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض.

وكانت قد ذكرت القناة 13 الإسرائيلية، الشهر الماضي، أن نصر الله كان يختبئ وسط مخاوف من أنه قد يكون التالي على قائمة الضربات الأمريكية الإسرائيلية، حيث تضعه إسرائيل على رأس قائمة اغتيالاتها منذ سنوات.

وقال حسن نصر الله: "أكثر من جهة حذرتنا من استهداف شخصي، خاصة بعد اغتيال قاسم سليماني، واستهداف قادة حزب الله هدف إسرائيلي أمريكي سعودي مشترك".

في المقابلة، أعاد "نصر الله" تهديداته بأن التنظيم لا يزال يعتزم الانتقام لمقتل الناشط من حزب الله، علي كامل محسن جواد، في يوليو، في سلسلة غارات جوية في سوريا نُسبت إلى إسرائيل، وكذلك لاغتيال الولايات المتحدة في يناير الماضي الجنرال الإيراني قاسم سليماني، وأبومهدي المهندس، زعيم ميليشيا موالية لإيران في العراق.

وجاءت تهديدات نصر الله بعد تصاعد التوتر خلال الأيام الأخيرة بين إسرائيل وإيران، وذلك بعد تقارير عن تحرك غواصة إسرائيلية في البحر الأحمر، وتصريحات لمسئول إيراني بأن أي غواصة إسرائيلية سيتم رصدها ستكون هدفاً لإيران، وهو ما يضفي بعض الأهمية لتلك التصريحات.

فرص التصعيد

كما يبدو أن تهديدات حسن نصر الله سببها الرئيسي هو توجيه رسالة "ردع" لتل أبيب وفي الأساس لواشنطن، بعد الإقدام على أي عملية أمريكية نحو إيران، بعد أن نقلت تقارير توقعات بأن يقوم الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته بتوجيه ضربة لإيران قبل أن يسلم السلطة في يناير المقبل.

من ناحية أخرى، فإنه من المُرجح أن ينتظر "نصر الله" ولا ينفذ رده على عملية "زاده" مثلما وعد، لحين دخول جو بايدن البيت الأبيض في 20 يناير المقبل، حتى لا يضيع فرصة المفاوضات بين أمريكا وإيران حول الاتفاق النووي وما يتبعها من رفع العقوبات.

وترى التقديرات أن الأزمة الاقتصادية التي يمر بها حزب الله بعد انفجار مرفأ بيروت تضعف من احتمال شنه عملية ضد إسرائيل، خاصة وسط مخاوف من انتقادات قد يوجهها له الشعب اللبناني بأنه يورط لبنان في حرب وسط أزمة اقتصادية وأزمة كورونا.

الفرضيات السابقة قد تضعف من احتمالات نشوب مواجهة أو عملية واسعة النطاق، ولكن لا يزال هناك احتمال حدوث "تدهور سريع للأحداث" وهو ما يحدث عندما يبادر حزب الله أو إحدى الأذرع الشيعية بعملية خاطفة محدودة ضد إسرائيل ينتج عنها تصعيد مفاجئ غير محسوب.

التصعيد سيتوقف في حينه على كم الخسائر الذي قد يلحق بالجانب الإسرائيلي، فمثلا عملية تتسبب في مقتل جنود إسرائيليين أو خطفهم قد تدفع تل أبيب للرد بعملية عسكرية قوية بسرعة، أما إذا تم الهجوم على منشآت دون إصابات فربما يتم احتواء الحادث.

السيناريوهات المحتملة في حالة الحرب

إذا حدث سيناريو المواجهة العسكرية، فإن هذه الحرب ستكون مختلفة عن حروب لبنان السابقة في بعدين أساسيين: أولهما هو "الفاعلون" ففي الحروب السابقة واجهت إسرائيل "حزب الله" فقط، لكن هذه المرة ستواجه إسرائيل كل مكونات المحور الشيعي- الذي يتمركز جيداً في المنطقة الشمالية مثل الميليشيات الشيعية في سوريا والعراق، والجيش السوري الذي رمم قدراته العسكرية وقدرات عسكرية إيرانية في سوريا وغربي العراق.

البعد الثاني هو "عمق الجبهة": في هذه الحرب ستكون المواجهة في لبنان وسوريا والعراق، مع وجود احتمالية أن تتدخل إيران بشكل مباشر في الحرب، أي يشارك الجيش الإيراني والحرس الثوري في القتال ضد إسرائيل.

التهديدات بالنسبة لإسرائيل

التهديد الأول: نشوب حرب متعددة الجبهات في وقت واحد؛ حزب الله سيتحرك من لبنان، وفي المنطقة الواقعة ما بين هضبة الجولان ودمشق، والميليشيات الشيعية ستهاجم من سوريا، وقوات الجيش السوري أيضاً ستهاجم من المنطقة الواقعة بين هضبة الجولان ودمشق، بالإضافة إلى إطلاق صواريخ من عمق سوريا، وكذلك إطلاق صواريخ من قبل الميليشيات الشيعية في العراق.

التهديد الثاني: هو نشوب الحرب خلال فترة إنذار قصيرة، أو فجأة قد لا يكون الجيش الإسرائيلي في حالة جهوزية كاملة.

التهديد الثالث: هو أنه في إطار المواجهة الشاملة قد تتحرك حماس والجهاد الإسرائيلي ضد إسرائيل من قطاع غزة، فضلا عن أعمال شغب داخل الضفة الغربية، وهو ما يعني أن إسرائيل ستواجه "جبهات مفتوحة" فجأة.