رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المؤرخ صاحب مقترح تغيير اسم شارع «سليم الأول»: نهضتنا بدأت في القرن 17

جريدة الدستور

هو صاحب مقترح تغيير اسم شارع "سليم الأول" الذي تقدم به إلى محافظة القاهرة، وتم تغيير اسم الشارع في 2018 من قبل المحافظة. وتردد مؤخرًا استقرار المحافظة على اسم الشهيد أحمد المنسي ليصبح اسمًا للشارع.. إنه الدكتور محمد صبري الدالي أستاذ التاريخ الحديث بجامعة حلوان، والذي تحدث إلينا عن دوافع هذا المقترح، وما إذا كان لديه خريطة أسماء شوارع أخرى في مصر تحمل أسماء للمحتل العثماني.

محمد الدالي أجاب أيضًا خلال الحديث حول ما يجرى الآن من إعداد لجنة مشتركة لإعادة كتابة التاريخ "الفرنسي – الجزائري"، وكيف يرى دور بعض الوسطاء "سماسرة الوثائق" ممن يقومون بتسهيل عملية بيع المكتبات الخاصة والوثائق والمخطوطات لصالح مؤسسات في المنطقة من أجل بناء تاريخ مواز؛ وإلى نص الحوار:

- بداية ما الدافع وراء مقترحك الذي تقدمت به إلى محافظ القاهرة لحذف اسم السلطان العثماني؟

منذ عام 2016 تقدمت بمقترح إلى محافظ القاهرة وقتها بتغيير اسم شارع "سليم الأول" وهو ما كان يتزامن مع مرور 500 عامًا على الاحتلال العثماني لمصر، وتم دراسة المقترح حتى عام 2018 إلى أن تم تغيير اسم الشارع إلى اسم الشهيد "أحمد المنسي" حاليًا.

- وقعت مصر تحت الاحتلال العثماني لقرون.. هل لديك خريطة بعدد الشوارع في القاهرة التي تحمل أسماء عثمانيين؟

ليس لدي حصر للشوارع التي تحمل أسماء لقيادات المستعمر العثماني في مصر، ولكي يتم ذلك يجب أن تقوم به جهة من الجهات الرسمية الثقافية من خلال فريق عمل يتم دعمه وتمويله للقيام بتلك المهمة، لأنها مهمة شاقة وتحتاج إلى جهد مؤسسي.

- كيف يرى المؤرخ محمد صبري الدالي قيام بعض الدول في المنطقة بعملية استيلاء على المخطوطات المصرية في محاولة لبناء تاريخ مواز؟

منذ قرون والمخطوطات المصرية يتم الاستيلاء عليها وتهريبها للخارج، خاصة في الأوقات التي كانت تشهد عدم وجود قوانين خاصة بالمخطوطات والوثائق، ولكي نواجه ذلك يجب تفعيل القوانين التي تنظم هذه العملية، وأن تتبنى الجهات الرسمية المسؤولة عن الثقافة في مصر مهمة الحفاظ على الوثائق والمخطوطات المصرية، وكذلك المكتبات الخاصة لمشاهير الفكر والأدب وشرائها منهم وحمايتها من قبل تلك الجهات، وأرى ان السبب وراء ذلك أيضًا وهو سبب أساسي يتمثل في الحاجة للمال فأغلب العائلات الأدبية والسياسية ممن باعوا مكتباتهم الخاصة كانت بدافع الحصول على المال.

- من مصر للجزائر كيف ترى مسألة إعادة كتابة التاريخ الاستعماري الفرنسي للجزائر التي دعا إليها كل من الرئيس الفرنسي ماكرون ونظيره الجزائري؟

إذا كان هذا القرار من قبيل توفير برامج لدراسة التاريخ المشترك، ودعم الباحثين ماليًا من قبل الحكومات الفرنسية والجزائرية فأنا موافق على ذلك، لأن التاريخ لا تكتبه الحكومات لأنه سيكتب وفقًا للمصالح وسيكون ذلك بعيدًا كل البعد عن كتابة التاريخ بمنهجية علمية.

- هل يرى دكتور محمد صبري الدالي ضرورة إعادة كتابة تاريخ مصر في فترة الاحتلال العثماني ؟

أرى أننا نحن نحتاج إلى ذلك - وإن كانت بدأت بالفعل منذ عشرات السنوات- ؛ ولكن بدون دعم من جهات تساعد الباحثين في هذا المشروع لأن مع الأسف التاريخ المصري في العصر العثماني خضع لاعتبارات سياسية كثيرة منذ أيام الاحتلال الفرنسي لمصر، وأيام محمد علي، ولم يكتب كما يجب لأنه باختصار خضع لمقولات كثيرة مثل أن مصر كانت بلدًا متخلفة ومنعزلة فقط، ولم يحاول البعض إن يبحثوا في تراث هذا العصر بشكل حقيقي - وهو تراث ثرى جدًا- كما أنهم لم يحاولوا التفرقة بين فكرة الاحتلال العثماني في حد ذاته، وما خضع له من قوة أو من ضعف، وبالتالي في المقابل في وقت قوة الاحتلال العثماني كنا ضعاف وعندما بدأ الاحتلال يضعف كانت مصر تقوى، وكذلك كان لدى الشعب المصري تجربة موازية على أن يوجد لنفسه مجالا وإطارًا وعالم آخر مختلف عن العالم العثماني.

وأنا أرى أن نهضتنا الحقيقية بدأت منذ القرن السادس عشر وأنه من الخطأ أن نبدأ تاريخنا الحديث مع الاحتلال العثماني لمصر 1517؛ لأنه بدأت بعض المتغيرات الإيجابية التي حدثت لمصر وهو ما تجوهر في القرن الثامن عشر بمشروع سياسي كبير قام به على بك الكبير، وهو ما أهملناه للأسف ودائما ما نربط تطورنا بمحمد على أو مع الاحتلال الفرنسي لمصر، وهو موضوع يحتاج إلى مراجعة، وإن كنت من الجيل الذي يعيد كتابة تاريخ الاحتلال العثماني لمصر.

لابد أن ينعكس ذلك على المقررات الدراسية، لأنها تكتب بطرق تقليدية قديمة مثل أن يقال عن الاحتلال الفرنسي لمصر- الحملة الفرنسية -، لأنه في النهاية الطالب يدرس ما درسه من قبله أجيال بقرن مضى، فلا يمكن أن يختصر تاريخ شعب في 3 قرون في أننا كنا دولة منعزلة ومتخلفة على الرغم من أن لدينا تراث كبير جدًا تم التعامل معه من منطلق وجهة نظر أو إيديولوجيا.