رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نوفمبر شهر الشهداء والكوارث والأحزان


«مطلوب صيانة القطارات وتطوير المزلقانات وزيادة رواتب العاملين بالسكك الحديدية، وتوضع التقارير فى الأدراج، لأنه ليست هناك بضعة ملايين من الجنيهات، أو حتى مليار لإصلاح الخدمات التى يدفع المصريون الضرائب من أجلها. فتنهار كل الخدمات من مرافق ونقل ومياه وكهرباء وصرف صحى ... إلخ. أرجوكم كفاية لجانا وتقارير، وابدأوا بحل الأزمات يرحمكم الله.

فى نوفمبر 2011 عندما اشتعلت أحداث محمد محمود، قال قادة الإخوان المتأسلمين «دعونا نعمل فى صمت، دعونا نصعد للقمة والسلطة ونعمل دعايتنا الانتخابية فى الأحياء والمدن والقرى لندخل إلى البرلمان ونضع أرجلنا على أول سلم الصعود، فالشرعية الآن هى شرعية البرلمان وليست شرعية الميدان»، «الموجودون فى محمد محمود بلطجية مأجورون وليسوا ثوارا»، «هيا نضع أيادينا مع المجلس العسكرى ليهيئ لنا طريق البرلمان والحكومة والرئاسة، فالثورة كانت مطية ركبناها لنصل إلى هدفنا»، كما قالوا فى سرهم: المجلس العسكرى نضع يدنا فى يده لنصل إلى هدفنا لنتمكن ونتحكم ونفكك دولة مصر وفق اتفاقنا مع أمريكا. لقد أخذنا مقدما بضعة مليارات، وعلينا أن ننفذ بنود العقد والاتفاق، الاتفاق الصهيو-أمريكى-إخوانى.

ولكن شعبنا العظيم أفشل خططهم بعد سنة من استيلائهم على السلطة فى غفلة من الزمن يا مصر. وحياة شهداء محمد محمود، وحياة من فقدوا نور عيونهم لينيروا لنا طريق الحق والحرية «يا نموت زيهم، يا نجيب حقهم»! وحياة كل من اغتيلوا غدرا واختلطت دماؤهم بتراب أرضك يامصر، من حادثة كنيسة القديسين بالإسكندرية فى 31 ديسمبر 2010 وحتى الآن، لن يغمض لنا جفن حتى يجىء حق الشهداء فى القصاص العادل من كل من قتل أو أجرم فى حق هذا الوطن فى عهد الرئيس المخلوع أو المجلس العسكرى أو رئيس العشيرة المتهم بالخيانة العظمى، محمد مرسى. سنحاكم الجميع. لم ولن ننسى ولن ينسى الشعب المصرى الثائر العظيم حقوق أبنائه ومصابيه. ياشهر نوفمبر، ياشهر الشهداء، وفى الذكرى الأولى لأحداث محمد محمود التى راح ضحيتها 52 شهيدا، جاء نوفمبر 2012 ليحمل لنا فى يومه السابع عشر الحادث الأليم المروع لموت 53 طفلا وطفلة فى عمر الزهور فى حادثة مزلقان قرية المندرة مركز منفلوط محافظة أسيوط. اختلطت أشلاء ودماء الأطفال الصغار بالقضبان الحديدية وأرض المحطة، وعاد الأطفال إلى أمهاتهم وآبائهم بمريلة المدرسة التى تحولت إلى كفن بلون الدم ليبكى الأهالى وتبكى مصر دما بدلا من الدموع.

ويستمر نزيف الحوادث، حوادث الطرق والقطارات والأسفلت لتقتل معها الآلاف من البشر، وندفن جثث المصريين بدلا من المحافظة على هذه الثروة البشرية. فى 19 نوفمبر 2012 وقفنا فى ملابس الحداد يلفنا الصمت والظلام بجوار شارع محمد محمود، والذى أطلق عليه الثوار «شارع عيون الحرية»، وفى يدنا لوحات: شهداء محمد محمود وأطفال قطار أسيوط. وبعد أيام، وفى الشهر نفسه فى 21 نوفمبر 2012 كانت الطامة الكبرى عندما أصدر محمد مرسى إعلانه الدستورى الذى نصب نفسه به ديكتاتورا مستبدا وحصن قراراته من الملاحقة القضائية، فكان سببا فى نزول ملايين المصريين فى أكبر مظاهرة منذ الثورة لتهتف: «لا للاستبداد، لا لتنصيب ديكتاتور جديد، لا للانقضاض على دولة القانون، لا لتنصيب نائب عام خاص وملاكى لرئيس العشيرة الإخوانية». وارتفعت أصوات النساء:

«مصر ياأمى يانور العين، الإخوان قسموكى اثنين، عمر ما شعبك كان شعبين»

«لا إخوان ولا مسلمين.. دول تجار المال والدين»

كان الإعلان الدستورى تتويجا لسلسلة من الانقضاض على دولة مصر لتفكيكها وتفكيك مؤسساتها. لقد شهد هذا الشهر حصار المحكمة الدستورية، وحصار مدينة الإنتاج الإعلامى، والاعتداء على الإعلاميين والمعارضين الوطنيين. فى هذا الشهر اتضحت كاملة نوايا الإخوان فى الاستيلاء على مصر لصالح مشروع الخيانة العظمى فى التخلى عن أجزاء من أراضيها فى سيناء وإقليم قناة السويس وفى حلايب وشلاتين. فى نوفمبر 2012 تفاقم إرهاب القوى المتأسلمة والقوى الإرهابية فى سيناء، ذلك الإرهاب الذى بدأ بقتل جنودنا على الحدود أثناء إفطارهم فى رمضان فى أغسطس 2012، واعتداء ميليشيات جماعة الإخوان المسلمين على القوى الثورية المعارضة فى جمعة كشف الحساب بمناسبة مرور 100 يوم على حكم المعزول فى 12 أكتوبر 2012. يمر عام وراء عام ويتضح عداء الإخوان لمصر والمصريين فيزداد المصريون إصرارا على النزول لإسقاط حكم المرشد فى 30 يونيو 2013. وتمر الشهور مع حكومة الببلاوية البطيئة المتخاذلة التى لا تقدم على وضع خطط لبداية حل أزمات هذا البلد، ولبداية تخفيف المعاناة اليومية التى يعيشها المصريون. يجىء نوفمبر 2013، وقبيل الذكرى الثانية لمحمد محمود، وفى صباح 18 نوفمبر 2013 يتحول نهار مصر إلى ليل مظلم كئيب وسط الصراخ والنحيب بحادثة قطار البضائع عند مزلقان قرية دهشور واصطدامه بأتوبيس وسيارة نقل لكى يقتل 29 شخصاً ويصيب 34 آخرين. واحسرتاه، وزير النقل هو الوزير نفسه الذى شهد حادث قطار الصعيد الذى اشتعلت عرباته ليلة عيد الأضحى منذ ما يقرب من عشر سنوات، فوصل الأبناء والأزواج والبنات والأطفال والآباء جثثا متفحمة. عارفين هيحصل إيه؟ للمرة المائة ستتكون لجان من كليات الهندسة وتضع التقارير.

■ ناشطة سياسية