رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ملهوش بديل.. لماذا سيقف الأهلى على رمضان صبحى؟

رمضان صبحى
رمضان صبحى

مع تزايد الغموض حول مستقبل رمضان صبحى مع الأهلى، بعد مطالبة إدارة ناديه الإنجليزى «هدرسفيلد» بعودته إلى لندن لبدء فترة الإعداد للموسم الجديد، انقسمت الآراء الأهلاوية حول مدى حاجة الفريق لإنفاق مبلغ خيالى فى تلك الصفقة من عدمه.
واحتدم الجدال حول الصفقة مؤخرًا، ما بين مجموعة اتهمت الإدارة بالقصور فى إتمامها من البداية، وأخرى نادت بالتخلى عنها تحت عنوان عريض اعتدنا وتربينا عليه عبر عشرات السنين: «الأهلى مبيقفش على لاعب».
هل حقًا الأهلى أو أى نادٍ كبير فى العالم ينافس على كل البطولات لا يقف على لاعب بعينه؟ وهل يمكن للأهلى الاستمرارية فى المكسب والتنافس على كامل البطولات دون رمضان صبحى؟ وما موقف مجلس الأهلى من الصفقة ومن هذه الرؤية؟.. هذه وغيرها من التساؤلات تُجيب عنها «الدستور» فى السطور التالية.


برشلونة سقط برحيل نيمار.. والسيتى الجماعى عانى بإصابة دى بروين
فى قرى مصر ونجوعها العاشقة لكرة القدم، وعبر سنوات طويلة، كان وقت «العصرية» توقيتًا مقدسًا لممارسة كرة القدم، حيث يجتمع شباب القرية أيًا كان عددهم، ويتراصون لتقسيم أنفسهم إلى ٥ أو ٦ فرق تتناوب المنافسة حتى غروب الشمس.
قبل إتمام عملية التقسيم يتم الاتفاق على توزيع ٥ أو ٦ عناصر وتفريقهم عن بعضهم البعض، بحيث لا يجتمع لاعبان منهم فى فريق واحد، على اعتبار أن كل واحد من هؤلاء اللاعبين المختارين «يشيل فرقة»، بمعنى أنه العنصر الأبرز الذى يعد بنصف قوة فريق كامل.
كبرنا وشاهدنا الدورى المحلى، وانتقلنا معه لمنافسات قارية ثم عالمية، وبات جميعنا متابعًا ومشجعًا لفريق فى كل دورى بين الـ٥ دوريات الكبرى، وفى كل تلك الحالات اصطدمنا كمشجعين بنفس المفهوم القديم والمسمى الذى عرفناه صغارًا، وهو «لاعب يشيل فرقة».
أجمعنا على أن مدريد تأثر بخروج «كريستيانو» وسيعانى بعد «راموس»، وأن برشلونة يترنح كلما اقترب موعد خروج «ميسى»، وأن منتخب مصر كله يغيب إذا غاب «صلاح».
ورغم كثرة تلك الأمثلة على مدى تأثير حالة النبوغ الفردية لبعض النماذج على نتاج الجماعة ومردودها، فما زلنا نردد نفس الشعارات: «الأهلى مبيقفش على حد»، و«مدريد بمن حضر».
نعم الأهلى لا يقف على أحد، لكن هذا لا يعنى- كما يتم تضليل الجمهور- بأن هذا «الأحد» الذى سيخرج لن يترك أثرًا كبيرًا بالسلب على الفريق، وأنه سيكون دونه قادرًا على السير فى سكة الانتصارات والمنافسة.
سخر كثيرون من مقولة حسام البدرى: «عبدالله السعيد ملهوش بديل»، ولما خرج من الأهلى أنفقت الإدارة أضعاف ما كان يطلبه للبقاء، ومع ذلك لم تفلح فى تعويضه، ما ترك شرخًا كبيرًا فى شكل الأهلى.
واليوم تُعيد بعض الدوائر نفس الحالة، وتتحدث بنفس العنجهية، وتردد شعارات لم يعد لها مكان لا فى عالم الاحتراف ولا حتى فى تجمعات «العصرية» فى مراكز شباب الكرة، وبات العالم جميعًا متيقنًا بأن هناك لاعبًا واحدًا يمكنه هدم مشروع كامل.
حينما فشلت قطر فى الحصول على رعاية برشلونة قبل سنوات، قررت هدم مشروع «البلوجرانا» الأفضل عبر تاريخ النادى، عن طريق هدم واحد من «الأعمدة» التى يتكئ عليها الفريق، ولا يمكن تعويض رحيله.. كان أمامها خياران، الأول هو ليونيل ميسى لكن احتمالات خروجه مستحيلة، والثانى هو البرازيلى نيمار دا سيلفا.
وبالفعل نجحت قطر مع الأخير، عبر ضمه إلى فريق باريس سان جيرمان، ليس بـ٢٢٠ مليون يورو فقط، كما هو معلن وقتها، لكن بمبلغ تجاوز ٥٥٠ مليون يورو، ما بين عمولات وترضيات، أبرزها حصول والد اللاعب على ١٠٠ مليون عمولة انتقال.
مخطئ من يتوهم أن ناصر الخليفى، مالك الفريق الباريسى، كان يستهدف دورى الأبطال من خلال إنفاق هذا المبلغ الضخم على لاعب واحد، لكن الهدف الأسمى كان تدمير برشلونة، وهو ما حدث بسقوط «البلوجرانا» وتأثره بخروج النجم البرازيلى.
فرغم إنفاقه ١٢٠ مليون يورو لضم أفضل موهبة صاعدة فى العالم حينها الفرنسى عثمان ديمبلى، و١٤٠ مليون يورو للتعاقد مع أفضل صانع ألعاب فى الدورى الإنجليزى، آنذاك، البرازيلى كوتينيو، وتصعيده عدة مواهب من أفضل مدرسة ناشئين «اللامسيا»- لم يفلح برشلونة فى تعويض رحيل «نيمار»، ووقف حاله بالفعل على لاعب، فتراجعت نتائجه بشكل مرعب، وتدهور حاله الهجومى، وبات مطمعًا لأصغر الفرق.
هل تتخيل معى أن فريقًا يضم «ميسى» و«سواريز»، وأنفق أكثر من نصف مليار على الصفقات خلال عامين، وقف بالفعل على لاعب واحد خرج من الفريق؟!
وفى مانشستر سيتى، الفريق الأكثر جماعية فى العالم، مع المدرب الذى لا يرسخ لمفهوم «النجم الأوحد»، والأسلوب والعمل الجماعى هما الفلسفة المسيطرة عليه أينما ذهب، حينما افتقد لصانع ألعابه الأبرز «دى بروين»، ٣ أشهر بسبب الإصابة، خسر «البريميرليج»، وحينما عاد اللاعب عادت معه الانتصارات والرعب لكل أوروبا.


كهربا وطاهر مختلفان.. وضم سيرينو والبلايلى يتطلب مبالغ خرافية
التاريخ يقول إنك إذا لم تكن جاهزًا ببديل متقارب فى المواصفات مع اللاعب الراحل، فإن فراغًا ما سيحدث لفترة ما فى الفريق، وستحتاج عملية تعويضه لإعادة هيكلة لشكله وطريقة لعبه ككل، بما يتطلب إنفاقًا أكبر لكى تستعين بعناصر جديدة تناسب الأسلوب الجديد. لذا فإن رحيل رمضان صبحى اليوم سيتطلب من الأهلى وقتًا ما للعثور على بديل يعوض أدوار اللعب، وربما يؤثر هذا الوقت على نتائج الفريق، وسيكون ذلك التأثر من اليوم الأول لرحيل اللاعب، وهو ما شاهدناه فى فترة غياب «رمضان» للإصابة. فقائد المنتخب الوطنى الأوليمبى ركيزة مهمة فى مشروع الأهلى، لاعب يمكن أن «يشيل فريقًا»، ومن خلاله تستطيع تعويض أى قصور فى شكل الفريق، من خلال مهاراته الفردية وقدراته الاستثنائية فى التحكم والسيطرة وتطوير الأداء وصناعة الفرص.
البعض قد يقول: «كهربا لاعب دولى قادر على تعويض رمضان»، لكن وجهة النظر تلك تفتقد تفاصيل مهمة، وهى تباين المواصفات بين اللاعبين، رغم إجادتهما بالفعل فى نفس المركز.
نعم يلعب «كهربا» فى الجناح الأيسر مثل «رمضان»، لكن الأخير لاعب يخرج بالكرة من الخلف، يراوغ ويفك التكتلات بمهارات فردية، يتحكم فى اللعب بوعيه وذكائه، يلعب فى كل المناطق من الخلف إلى الأمام، فضلًا عن امتلاكه شخصية القائد، ورفضه الدائم للهزيمة.
بينما «كهربا» اللاعب السريع يجيد فقط فى الثلث الأخير من الملعب، فيحصل على الكرات فى المناطق الأمامية، ويتمركز فى أماكن جيدة للتسجيل، وهنا لا يمكنه أداء الأدوار الأخرى، بدءًا من المشاركة فى التحضير من المنتصف، ثم تطوير الأداء الهجومى، وإن قام بها فهذا يحدث بمعدلات أقل جدًا من «رمضان».
ما يفعله لاعب «هدرسفيلد» مع الأهلى لا يوجد لاعب مصرى يستطيع تقديمه الآن، فحتى طاهر محمد طاهر، الذى جاء من المقاولون العرب، هو لاعب أقرب إلى «كهربا» فى المواصفات، وليس شبيهًا بـ«رمضان». ولأن إدارة الأهلى واعية، تتمسك بقوة بموقفها من ضم اللاعب، وتدرك تمامًا أن خروجه سيترك فراغًا كبيرًا، وأنه لا يمكن تعويضه سوى بلاعب أجنبى، لكن ذلك سيتطلب إنفاقًا ماليًا ضخمًا للغاية.
فإذا قرر الأهلى البحث عن بديل سريع لـ«رمضان»، فلا خيار أمامه سوى جاستون سيرينو، لاعب صن داونز، أو يوسف البلايلى، لاعب أهلى جدة، وإذا سألت عن سعريهما ستعرف لماذا تعويض رمضان صبحى مستحيلًا وصعبًا فى هذا التوقيت!
أما إذا لجأ الأهلى لحل داخلى بالاعتماد على «كهربا»، فبلا شك سيتراجع الأداء ومعه النتائج، وإن لم يكن الآن فقريبًا، لأنه دائمًا وأبدًا هناك لاعب أو اثنان فى كل منظومة «ملهمش بديل».