رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف واجهت النيابة العامة ظاهرة ختان الإناث؟

ختان الإناث
ختان الإناث

حققت النيابة العامة خلال الشهور الماضية في عدة قضايا حول ختان الإناث بعض هذه القضايا راحت الفتيات ضحية لجهل الأطباء والآباء، لذلك أحالت النيابة مجموعة من الآباء والأطباء الذين تورطوا في إجراء عمليات ختان الإناث إلى المحاكمة وفقا للقانون.

وأجرت النيابة تحقيقات موسعة في القضايا التي أبلغت بها ولم تكتف بذلك بل استطلعت رأي الأزهر الشريف في الحكم الشرعي الختان قبل اتخاذ أي إجراء ضد المتهمين، كما ناشدت الآباء والأطباء والمشرع والمجتمع باتخاذ كل منهم موقف تجاه تلك الجريمة وفقا لدوره في المجتمع.

ونسرد في هذا التقرير أهم هذه القضايا ورأي الأزهر.

22 فبراير، أمر النائب العام بإحالة "علي.ع.ع"، واثنين آخرين للمحاكمة الجنائية؛ لارتكابهم جناية ختان الطفلة "ندى" التي أفضت لوفاتها، واشتراك والديها فيها، في القضية رقم 2216 لسنة 2020 جِنَايات منْفلوط.

وكشفت تحقيقات النيابة العامة عن اتفاق والدي الطفلة على ختانها سيرا على درب العادات والتقاليد، وإجراء المتهم "علي" طبيب بالمعاش عَملِيةً لخِتانِها بِناءً على طلبهما؛ وذلك بمشفى "الرحمة" الخاص به، واستمرت العَملِية نصف ساعة خرجت بَعدهَا الطفلة فاقدة الوعي ثم خرج الدم مختلطا بإفرازات من فمِها وأنفها؛ فأعادها الطبيب إلى غرفة العملياتِ محاولًا إفاقتَهَا؛ ولما تيقن وفاتَها؛ أمر والدها بِأخذ جثمانها ومغادره المشْفى، فأبلغ والدهَا عن الواقعة.

3 يونيو الجاري، أمر النائب العام المستشار حمادة الصاوي، بإحالة طبيب ووالد ثلاث فتيات إلى محاكمة جنائية عاجلة؛ لارتكاب الأول جناية ختانهن ولم يبلغن ثماني عشرة سنة ميلادية واشتراك الثاني معه بطريقَي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تلك الجريمة، بعد ثماني وأربعين ساعة أنجزت خلالها التحقيقات.

رأي الأزهر الشريف في الختان
تواصل المستشار حمادة الصاوى مع الأزهر الشريف، عبر اتصال تليفوني، لمعرفة الرأي الشرعي 5 في قضية ختان الإناث، وقال الأزهر في خطاب للنائب العام، أنه تبين من خلال ما قرره أهل الفقه والطب الموثوق بهم، أن للختان مضار كبيرة تلحق شخصية الفتاة بشكل عام، وتؤثر على حياتها الأسرية بعد الزواج بشكل خاص بما ينعكس سلبًا على المجتمع بأسره.

وبناءً على ذلك، قرر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، وبعد أن تدارس موضوع الختان من كافة جوانبه الفقهية والصحية، وبإجماع أعضائه أن الختان لم ترد فيه أوامر شرعية، صحيحة وثابتة، لا في القرآن ولا في السنة، وأنه مجرد عادة انتشرت في اطار فهم غير صحيح للدين، وقد ثبت ضررها وخطرها على صحة الفتيات وفقًا لما كشفت عنه الممارسات التي أزعجت المجتمع في الآونة الأخيرة.

واستقر الرأي الشرعي والطبي على أن ختان الأنثى من العادات الضارة، التي لا يدل على مشروعيتها سند صحيح أو دليل معتبر من أدلة الشرع الإسلامي، فإنه بذلك يكون محظورًا، ويكون إيقاع العقاب على من يزاوله أمرًا جائزًا شرعًا.

مناشدات النيابة الآباء
وأهابت النيابة في قضاياها الخاصة بجريمة ختان الإناث بكل أب وأم ألا يعرضوا بناتهن لعمليات خطيرة موروثة بعادات وتقاليد بالية، ظاهِرها الطهارة والعفة، وباطِنها إيذاء وعذاب وإزهاق للأرواح.

قائلة: "اعلموا أن طهارتهن وعفتهن لا سبيل لهما إلا بحسن رعايتهن وتربيتهن واحتضانهن وتنوير فكرهن، انظروا إليهن كيف أنشأتموهن وغرستم في نفوسهن الخلق والعلم، فلا تقصدوا بهن هلاكا وتذيقهن بعادات بالية عذابا وألما، ووفروا لهن أمانا وحماية وسندا، واعلموا أن تلك العادات تبرأت منها سائر الأديان".

مناشدة النيابة للمجتمع والمشرع
ناشدت النيابة العامة في بياناتها الخاصة بقضايا ختان الإناث أطياف المجتمع وجهاته، عدم التستر والصمت عن تلك الجريمة، تكاتفوا للقضاء عليها وعلى عادة بالية بالغة الضرر، أبلغوا عن مرتكبيها وطالبيها، لينال كل جان جزاء ما اقترفت يداه، كما ناشدت المشرع إعادة النظر في العقوبة المنصوصِ عليها لمرتكب جناية الختانِ إذا ما كان طبيبا.

رأي النيابة العامة
أكدت النيابة العامة براءة الدين الإسلامي وسائر الأديان السماوية من جريمة ختان الإناث لما تشمله من خطورة؛ معلقة "لم يكن الخِفاض الوراد أنه مَكْرُمة في سُنَّة رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم- على الصورة التي تُرتكب بها جريمة الختان التي تُؤذَى بها النساء والبنات، بل كان الخفاض أمرًا اقتضته العادات آنذاك دون المساس بحقوق المرأة ومشاعرها".