رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ملتقى الفكر الإسلامي: الإسلام أوصى بإتقان العمل وإطعام الجائعِ

الدكتور أشرف فهمي
الدكتور أشرف فهمي

أكد ملتقى الفكر الإسلامي أن الإسلام أوصى بإتقان العمل والإخلاص فيه، وإطعام الجائعِ، وكساء العاري، وإعانة العاجز، وأن الأعمال الصالحات بركة في الأرض وذخر في السماء، وأن القلب الموصول بالله قلب رحيم.

جاء ذلك في إطار الحلقة الثامنة عشرة لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، تحت رعاية وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، وفي إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام؛ لنشر الفكر الإسلامي الصحيح، ومواجهة الفكر المتطرف، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، والتي أقيمت تحت عنوان "فضل العمل الصالح في رمضان"، وحاضر فيها الدكتور أشرف فهمي مدير عام التدريب بوزارة الأوقاف، والدكتور صبري الغياتي مدير عام شئون القرآن بوزارة الأوقاف، وقدم للملتقى الإعلامي محمد فتحي المذيع بقناة النيل الثقافية.

وفي البداية، قال الدكتور أشرف فهمي مدير عام التدريب بوزارة الأوقاف، إن شهر رمضان هو شهر تميز عن غيره من الشهور، حيث خصه الله (عز وجل) بمميزات عظيمة، فصرح باسمه في القرآن الكريم دون غيره من الشهور، وشرفه بنزول الوحي فيه، حيث يقول الحق سبحانه: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ"، فهو شهر يكثر فيه المسلم من الأعمال الصالحات، كالصدقات والإحسان إلى الفقراء والمحتاجين وبخاصة وقت الجوائح والنوازل.

وأضاف فهمي أن العمل الصالح، وخاصة وقت الأزمات والشدائد والمحن، له أجر كبير عند الله سبحانه وتعالى، حيث وعد ربنا سبحانه وتعالى أهل الإيمان المسارعين إلى فعل الخيرات بجنة عرضها السموات والأرض، فقال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، ولما سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحبّ إلى الله (عز وجل)؟ قال (صلى الله عليه وسلم): (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تُطْردُ عَنْهُ جُوعًا، وَلِأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ (يعني المسجد النبوي) شَهْرًا...).

وأشار فهمي إلى أن شهر رمضان هو شهر التغيير، فنغير من سلوكنا السيئ إلى الأحسن والأفضل، ومن لم يتغير حاله في رمضان فمتى يتغير؟! وهو شهر الصيام والقيام والقرب من الملك العلام، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، وهو شهر نقاء القلب وصفائه، فمن أجل نعم الله (عز وجل) على الإنسان أن يمنحه قلبًا سليمًا، والقلب الموصول بالله قلب رحيم، والقلب المقطوع عن الله قلب قاسٍ، والقلوب القاسية لا يحبها الله (عز وجل).

وفي ختام كلمته قال فهمي إن المسلم إذا أراد أن يكون قلبه سليمًا فعليه أن يخلص النية لله (عز وجلّ)، قال تعالى: {إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ}، وأن يقبل على كتاب الله حفظًا وتلاوة وتدبرًا وفهمًا، وأن يخرج من قلبه سوء الظن بالناس، حيث يقول نبينا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا"، فهذا هو شهر التسامح والعفو لا التشاحن والخصام ولن يدخل أحد الجنة إلا بقلب سليم، كما قال الحق سبحانه: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}، فليعلم كل مسلم أنه لا نجاح ولا فلاح ولا صلاح للعبد إلا بالقلب السليم.

ومن جانبه، أكد الدكتور صبري الغياتي مدير عام شئون القرآن الكريم بوزارة الأوقاف أن شهر رمضان هو شهر العمل والجد والاجتهاد. "مَنْ تَقَرَّبَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنَ الْخَيْرِ، كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَمَنْ أَدَّى فِيهِ فَرِيضَةً، كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ"، فالعمل الصالح فيه مضاعف الأجر والثواب، لافتًا إلى أن العمل الصالح في الإسلام لا يقف عند الصلاة والزكاة والصيام والعبادات، بل يشمل العمل في جميع مناحي الحياة، من إطعام الجائعِ، وكساء العاري، وتعليم الجاهل، وإنظار المعسر، وإعانة العاجز، وقضاء حوائج الناس، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ...).

وقال الغياتي: لا شك أن قضاء حوائج الناس باب واسع من أبواب الفضل، لما فيه من تقويةٍ لروابط الأخوة وتنمية للألفة والمحبة بين الناس، يقول سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (رضي الله عنهما) أن النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: (مَنْ مَشَى فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ خَيْرًا لَهُ مِنَ اعْتِكَافِهِ عَشْرَ سِنِينَ، وَمَنِ اعْتَكَفَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ ثَلَاثَ خَنَادِقَ كُلُّ خَنْدَقٍ أَبْعَدُ مِمَّـا بَيْنَ الخَافِقَيْنِ).

وأضاف الغياتي: لو تأملنا حياة الصحابة الكرام (رضي الله عنهم) لوجدناها زاخرة بالبذل والعطاء وفعل الخير والتضحية في سبيل الله، بل إنهم ضربوا أروع الأمثلة في ذلك، فقد كانوا يسارعون ويتنافسون في هذا المجال، فها هو عُمَر بْن الْخَطَّابِ (رضي الله عنه) يقول: (أَمَرَنَا رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم) يَوْمًا أَنْ نَتَصَدَّقَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالًا عِنْدِي، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم): "مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟" قُلْتُ: مِثْلَهُ، قَالَ: وَأَتَى أَبُوبَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم): "مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟" قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قُلْتُ: لَا أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا).

وفي ختام كلمته أكد الغياتي، أن العمل لا يكون صالحًا إلا إذا كان خالصًا ومتقنًا، مشيرًا إلى أن الإسلام قد أوصى بإتقان العمل والإخلاص فيه، مستشهدًا بقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}، فالعمل لا يكون صالحًا إلا بالإخلاص لله رب العالمين، موضحًا أهمية العمل والإتقان، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ".