رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أمراض شباب الإخوان «2-2»


استكمالاً لما بدأناه فى مقالنا بالأمس تحت نفس العنوان نؤكد أن تفكير هذه الجماعة نتج عن لعبة مارستها الإدارة على أفراد الجماعة هى لعبة «إخضاع الشباب» تحت مُسمى التربية، فتعطى للشباب الجدد فى الجماعة أوامر غير منطقية أو غير مبررة أو غير معلومة السبب، وعلى الشاب الراغب فى التقرب إلى ربه أن يسمع ويطيع بلا مناقشة أو تفكير، حتى تتحول الطاعة عنده من العبادة إلى العادة، فإن فكر أو اعترض «انطرد».

ولكى تكون حلقة الإخضاع محكمة يجب أن يتعلم الأخ الجديد أنه كأخ صفر بدون الجماعة، هو لا شىء بغير الإخوان، فالجماعة كما يقولون لهم فى دروس الإخضاع (بكم أو بغيركم) وكأنها الإسلام ذاته ! ثم يخلطون فى دروسهم الإسلام بالجماعة فيقولون لهولاء المساكين ضعاف الشخصية (وإن تتولوا يستبدل قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) ويحذرونهم فى شتى الدروس من الانفلات من قرار الجماعة «فكدر الجماعة خير من صفو الفرد»، وتظل عمليات التربية القائمة على الإرهاب والترهيب مصاحبة للفرد داخل الجماعة، وقسم التربية يقوم بعمله على خير قيام، قسم التربية هذا هو المستشفى الذى يتم من خلاله غسيل مخ الأفراد خاصة المستجدين منهم لذلك فهو أخطر الأقسام، وقد كان الأخ محمد بديع - مرشد الجماعة - هو مسئول هذا القسم لسنوات، ومن أساليب هذا القسم تدريس كتاب «المتساقطون على طريق الدعوة» الذى يضع فى ذهن الأخ المسكين أن الخروج على قرار الجماعة هو خروج عن الإسلام!! وويح من يفعل ذلك، وفى المعسكرات والرحلات يمارس المسئولون على الشباب جميع أساليب «مسح الشخصية» دون أن يشعر الأخ بالطبع أنه يخضع لعملية مسح، فهم يضعون فى خلده أنهم يقربونه إلى الله، وأن الأخ يجب أن يلين تحت يد أخيه ويسمع كلام المربى، والأخ بين يدى مسئوله يجب أن يكون كالميت بين يدى من يغسله، وتسرى الروح الجمعية بينهم، فالتربية الاستعبادية تكون فى جماعة وكأنها صلاة، وعلى مهل يتعود الأخ على السجن فى ذلك التنظيم ذى الآليات العسكرية، فيصبح متطوعًا فى جيش الإخوان ويظل عمره صف ضابط تحت السلاح لا يترقى إلا بالنفاق والفلتات، لا بالقدرات والملكات، منطق الرتبة العسكرية هذا يظل أحيانًا مصاحبًا للأخ حتى ولو خرج من الجماعة، فهو لا يعرف الأخوة فى الله ولكنه يعرف الأخوة فى التنظيم.

وكان من تجربتى حينما كنت فى قلب الإخوان أن رأيت أقزامًا يقفون فوق كتف الجماعة ليراهم الناس، ويوم أن دب الاختلاف بينى وبعض أفراد الجماعة قال لى أحد الإخوة الكبار: أنت تمتلك قدرات أكبر من قدرات من يعطلونك ولكن يجب عليك أن تسمع لهم وتطيع وهم سيُسألون أمام الله عن تعطيلك !! وكان هذا المنطق من غرائب ما رأيت داخل الجماعة، ولكن هذا هو دين الجماعة وديدنها.

لذلك فإن الذين فكروا لم يلبثوا بالجماعة إلا عشية أو ضحاها، ولكن اللافت للنظر أن معظم من خرج من الجماعة لم يخرج بسبب أفكارها أو لمراجعته لنفسه، ولكن خرج بسبب اختلاف حركى أو تنظيمى أو سياسى، ولكن معظمهم لا يزالون قابعين فى دائرة حسن البنا الصغيرة دون أن يخرج إلى رحابة الإسلام وسعته، ويبدو أن شخصية حسن البنا كانت آسرة لدرجة أن معظم من خرج خاف أن ينتقده أو يقترب من فكره تصحيحًا أو تصويبًا أو حتى نقدا أو هدما وكأنه إن فعل يكون قد هدم الإسلام، ألم ينتقد البنا نبى الإخوان المقدس.