رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أمراض شباب الإخوان «1-2»


ألا ليت الشبابُ يعود يوماً فأخبره بما فعلت به جماعة الإخوان ، أغلقت عيون الشباب، ووضعت أكياساً من القطن فى أذنيه، وصادرت لسانه، ولم تُعلّمه إلا السمع والطاعة التى لا يتعلمها إلا العسكريون، ثم عطلت عقله عن التمييز، ومن بعدها بثت فى نفسه الثقة فى القيادة بحيث أصبح من العار أن يزن بعقله - المعطل أصلاً -

مواقف قياداته السياسية لأنه لن يكتمل إيمانه إلا إذا آمن أن قياداته ترى ما لايراه وتفهم ما لا يفهمه، وإمعاناً فى هذا الأمر فإنهم يضعون فى وجدانه أن قياداته هم «إخوانا فوق» أما هو فهو ذلك الأخ الذى لا يملك من أمره شيئاً ويجلس أسفل التسلسل التنظيمى وقد قهرته الهزيمة النفسية متصوراً أنه يتعبد لله بخضوعه وإلغاء عقله، وفوق هذا وذاك أصيب مؤخراً بمرض نفسى هو «عدم تصديق الواقع» وهو مرض يصاب به الإنسان إذا ما تعرض لصدمة تجعله يرفض الواقع ومن ثم لا يصدقه .

كان من الضرورى أن نفهم كيف يفكر شباب الجماعة، أو بالأحرى كيف تتم صياغة عقولهم بحيث يظلون أسرى لقيادة انحرفت فى الدين وتعسفت فى فهم نصوصه، ثم أحدثت فتنة ضارية فى البلاد حين صارعت على الحكم، كيف يوافق هؤلاء الشباب على تسليم عقولهم لغيرهم على وهم أنهم بهذا يعيشون فى دائرة «صفوة المؤمنين» الذين يجاهدون من أجل الإسلام ! .

ويبدو أن الجماعة على مدار تاريخها ضمت نوعيتين من الشباب، النوعية الأولى هم الشباب القابل للخضوع والطاعة والمتحرق شوقاً للعبودية والاستعباد، وهؤلاء ظلت الجماعة تحملهم ولا يحملونها، أما النوعية الثانية فهم الشباب القابل للتفكير والراغب فى الانطلاق والحرية وهؤلاء ظلوا يحملون الجماعة ولا تحملهم يقدمونها للناس ولا تقدمهم، الشباب من النوعية الأولى لم يضيفوا للجماعة إلا الكم والعدد، والنوعية الثانية أضافت للجماعة كيفية وقيمة وفكراً، إلا أن طاقة الجماعة لم تستوعب الشباب الذى يفكر ويقدح زناد عقله، ففر بجلده خارج الجماعة، ولكنها دائماً وأبداً كانت المقر الدائم والمستديم لشباب السمع والطاعة الذى لا يرى نفسه إلا داخل الجماعة والذى يقبل أن يكون عبداً ويكره أن يكون حراً مستقل التفكير، فالحرية والاستقلال فى التفكير قد تودى به خارج أسوار الجماعة.

الذين خرجوا نظروا لقادتهم على أنهم إخوانهم فى الفكرة، لا فضل لمسئول على أخيه إلا بالتقوى، رأوا أن الذى يجلس فى مقعد القيادة يتبوأ مكاناً لا مكانة، لذلك رفضوا منطق تقبيل الأيدى المخالف للشريعة والعقيدة بل والمخالف للإنسانية، ومرروا مواقف الجماعة على عقولهم، فليس من الحق - فى منطق من يفكر - أن القائد الذى يجلس أعلى ناطحة سحاب يرى أشياء لا يراها من يجلس أسفل الناطحة، فالحقيقة هى أن من يجلس أعلى ناطحة سحاب لا يرى شيئاً أصلاً، وإن وقعت عيناه على شىء فإنه لا يرى إلا السحاب الذى تبدده الرياح فينقشع . أما الذى لا يتصور نفسه خارج التنظيم فهو الذى يشعر فى نفسه الضعف ويبرر لنفسه الخنوع بأن المرء قوى بإخوانه، فيظل صفراً مع مجموعة من الأصفار تضعها الجماعة فى خزينتها وتغلق عليهم بابها ثم إذا أرادت منهم حركة فتحت باب الخرينة ووجهت لهم الأمر وأدارت «الزمبلك» لينطلق الشباب إلى غاية من وجههم وهم ينشدون بصوت جنائزى أشبه بصوت «الروبوت»: إنما الإسلام قوة وشباب وفتوة، وهم لا يدركون أن فتوة الشباب لا تكون إلا فى قوة تفكيرهم لا سواعدهم، ويحضرنى فى هذا المقام أننى فى أيام ما بعد ثورة يناير 2011 كنت ضيفاً على إحدى القنوات الفضائية وكان معنا بالبرنامج أحد أفراد جماعة الإخوان، وأثناء الاستراحة عاتبته على بعض تصرفات وأفكار لا علاقة لها بالإسلام سلوكاً وخلقاً صدرت من بعض كبار قيادات الجماعة، فنفى بحزم أن يكون هناك من خرج عن سلوك الإسلام من جماعته، وكان مما قاله وهو بصدد النفى : نحن أفراد الإخوان تربينا بطريقة واحدة وأسلوب واحد، ولا أستطيع وأنا أجلس معك هنا إلا أن أفكر كما يفكر الأخ الذى يجلس فى محافظة بعيدة عنى، وحين قلت له : ألا توجد فروق فردية بينكم؟ قال كأنه إنسان آلى : لا توجد فروق، لا توجد فروق، وظل يكررها بعزم حتى ظننت أن الأسطوانة مشروخة !!. وللحديث غداً بقية