رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

7 مبدعات شابات لـ«الدستور»: نرفض مصطلح «الكتابة النسوية»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

شهدت السنوات الأخيرة ظهور عدد كبير من الكاتبات الشابات، بصورة لم تكن مألوفة من قبل، اتخذن مواقعهن فى ساحة الأدب، ولكل منهن عالمها الخاص فى الكتابة، تلجأ إليه للتعبير عما تريد البوح به، وتطرح تجربتها بما تحتويها من مشاعر وخصوصية وقضايا أثرت فيها.

«الدستور» تواصلت مع عدد من المبدعات الشابات، للحديث حول نظراتهن لمفهوم الكتابة، وآرائهن فى مصطلح «الكتابة النسوية»، فضلًا عن تأثير مجال عملهن على الأعمال الإبداعية، ونظراتهن للجوائز، إلى جانب رؤيتهن الخاصة لمستقبل الكتابة ومستقبلهن الشخصى.

نهلة كرم: الكتابة هروب من الوحدة.. والجوائز «رزق»

الكتابة بالنسبة للكاتبة نهلة كرم «إنقاذ»، ولا تقصد بذلك كتابتها على وجه التحديد، بل تقصد الكتابة عمومًا، فكتابات الآخرين تنقذها من الشعور بالوحدة، والرغبة فى إفلات يدها من كل شىء هنا والذهاب إلى هناك. ولـ«نهلة» رصيد ليس بقليل على مسيرتها القصيرة، فأول مجموعة لها كانت بعنوان «أن تكون معلقًا فى الهواء» ٢٠١٣، ورواية «على فراش فرويد» ٢٠١٤، والمجموعة القصصية «الموت يريد أن أقبل اعتذاره» ٢٠١٧، فضلًا عن روايتها «المقاعد الخلفية» ٢٠١٨.
أفضل أوقات «نهلة» هى الأوقات التى تقرأ فيها بانتظام. تقول: «أكون متزنة تمامًا وأقرب لنفسى، وهذا هو الباب الذى يعيدنى ثانية للكتابة، لو توقفت فترة عنها، أما الكتابة التى أكتبها أنا فهى تحدٍ لى، لأنه فى لحظة ما تشعر بأنك صغير جدًا أمام هذا الكم من الكتب حولك، ولا تعرف ما الجديد الذى ستضيفه إلى العالم بعد ذلك».
وعن رأيها فيما يطلق عليه «الكتابة النسوية»، قالت: «لم أعد أهتم بالمصطلحات، الكتابة فى حد ذاتها عملية مرهقة وشاقة للغاية، وتصبح شاقة أكثر كلما تقدمنا فى العمر وزادت المسئوليات وأعباء العمل، فأنا حرفيًا أسرق الآن وقت القراءة والكتابة ولا يهمنى شىء سوى أن يخرج العمل بأفضل شكل، أو أن أجد أصلًا فكرة جديدة ومختلفة أو فكرة عادية وبسيطة لأكتبها بشكل مختلف، وهذا أصعب، فكل ما يشغلنى حقًا هو الكتابة الجيدة، وأعتقد أن الانشغال بالمصطلحات يضيع الوقت ويبعدنا عن الهدف الأساسى من عملية الكتابة».
ولـ«نهلة كرم» رؤية خاصة بالجوائز، تعبر عنها بقولها: «مشجعة جدًا وبمثابة حافز جيد لمواصلة الطريق، لكنها فى النهاية رزق إذا جاء فذلك لأنه مقسوم، وإذا لم يأتِ فذلك لأنه لم يكن لكِ أصلًا، وأحيانًا كثيرة تأتى جائزة ما وتكون معطلة أيضًا».

نورا ناجى: أدون عن الغرباء.. وعملى فى «نواعم» أفادنى
الروائية الشابة نورا ناجى، من مدينة طنطا، تعتبر الكتابة طريقها لفهم العالم، وتتساءل دائمًا عما يدور فى عقول مَن حولها، حتى إنها دائمًا ما تنسج القصص حول الغرباء السائرين فى الشوارع، أو ركاب المواصلات العامة، وتستمتع بتصور شخصياتهم وطريقة حياتهم، وتملك قصة كاملة لحياة سائق القطار الطفولى الذى يسير فى المولات طوال النهار، وفق قولها. أصدرت «نورا» ٣ روايات، هى: «بانا» ٢٠١٥، و«الجدار» ٢٠١٦، و«بنات الباشا» ٢٠١٧، ووقعت عقد روايتها الجديدة مع دار «الشروق» بعنوان «أطياف كاميليا».
وعن نظرتها لـ«الكتابة النسوية»، تقول: «أفكر فى هذا الأمر كثيرًا، واكتشفت أن الكتابة أنثى دائمًا، وهى استشفاف للعالم ومحاولة التعبير عن معاناة الإنسان، أعتقد أنها لا بد أن تملك روحًا مرهفة كروح الأنثى، عندما يكتب الرجل عن المرأة فهى كتابة نسوية، وعندما تكتب المرأة عن الرجل فهى كتابة نسوية، أحب أن يطلق علىّ كاتبة نسوية، فهكذا أكون قد وصلت إلى روح الكتابة التى أحبها».
تعمل نورا ناجى، مديرة تحرير موقع «نواعم» النسائى، وتكتب مقالات تهم المرأة من كل الجوانب، وذكرت أنها تحب عملها، وتعتقد أنه أفادها كثيرًا فى الكتابة الإبداعية، خاصة الكتابة بانتظام، والانفتاح على ثقافات جديدة ومتابعة تفاصيل عوالم خفية، مثل عالم الأزياء أو الفن، فكلها أمور مفيدة لها.
وعن رؤيتها الخاصة بمستقبل الكتابة ومستقبلها الشخصى، قالت إن «الكتابة بدأت مع بداية البشرية وستستمر إلى نهايتها، ربما يتغيّر شكلها، أو تتغير أهدافها وموضوعاتها بما يناسب العصر، وهذا ليس سيئًا، وبالنسبة لى لا أريد سوى أن أستمر فى فعل الكتابة، الفعل الحقيقى الذى أحبه وأستمتع به، أعتقد أننى سأموت لو توقفت يومًا عنه، أحلم بإنتاج العديد من الكتب والروايات، وأتمنى الكتابة فى كل المجالات».

شيرين سامى: لا أستسيغ المصطلحات المنمقة أو الجمل الطويلة
عندما يسألها قارئ: لماذا تكتب؟ لا تجد إجابة محددة، فهى «تكتب لأنها تحب الكتابة، وفقط»، وتعتبر هذه الكتابة بالنسبة لها مثل «لقاء الحبيب» تجعلها أسعد وأجمل وأخف، فالكتابة صديقتها الوحيدة، وهى بمثابة استغاثة، أو حوار ذاتى، أو جنّية تجعل روحها تهيم فى عوالم أخرى فى رحلات شيقّة تلامس الواقع وتحيا بالخيال.
أصدرت «شيرين» أول مجموعة قصصية لها بعنوان «كتاب بنكهة مصر» ٢٠١٢، ولها عدة روايات: «قيد الفراشة» ٢٠١٤، و«حنة» ٢٠١٦، و«من ذاق عرف» ٢٠١٩، فضلًا عن كتاب «١٥٤ طريقة لقول أفتقدك» ٢٠١٩.
وعن تأثير مجال عملها على الكتابة، تقول: «لم أحب يومًا وقفة الصيدلية، وحوارات الناس عن الدواء والصحة والحياة والالتحام بهم، لكن الصيدلة أفادتنى بأن جعلتنى أفكر بطريقة علمية، وأميل للحقائق، وأحلل الأمور، وأرسم فى مخيلتى خرائط منظمة، وأفكر على شكل نقاط». وأضافت: «من خلالها تعلمت ألا أستسيغ المصطلحات الثقافية المنمقة، ولا الجمل السردية الطويلة التى يمكن اختصارها فى كلمة. لم يشدنى شىء من قلبى إلا الكتابة، ربما لأنها بعيدة وساحرة. وربما لأن حياتى عملية، فدائمًا بداخلى هذا التوق للأدب. الصيدلة هى حياتى التى لا أستغنى عنها، لأنها تمنحنى الأمان والصورة التى يفترضنى بها الناس. حياتى التى لا أحبها ولا أكرهها. لكنى أهرب منها وأعود. أعيش على هامش السعادة. ممتنة لكل هذا الضياع».

مروة سمير: ضد تصنيف الأدب.. فهو «جيد» أو «دون المستوى»

الكاتبة الروائية مروة سمير عبرت عن رأيها فى مصطلح «الكتابة النسوية»، قائلة إنها ضد التصنيف عمومًا، ولا تعترف سوى بوجود أدب جيد، أو كتابة دون المستوى، وهذا لا ينفى أن بعض الكاتبات يحصرن أقلامهن فى مجال محدود لا يتجاوز التعبير عن مشاعرهن الخاصة دون رؤية أعمق للحياة.
وتابعت: «ربما يرى البعض أن الحياة الخاصة لأى كاتب قد تعوقه، لاسيما عندما يمتهن عملًا آخر وتكون لديه مسئولية بيت وزواج وأطفال، لكنها على العكس تصبح مجالًا ثريًا جدًا لفهم الحياة وتناولها بأكثر من منظور، وتأمل أنماط متنوعة من الشخصيات والمواقف والأحداث، كما أن الكتابة الحقيقية تفرض نفسها ووقتها على الكاتب، تتملكه هاجسًا وولعًا مُلحًا يجب الاستجابة له رغم كل ضغوط ومشغوليات الحياة».
وعن رؤيتها للجوائز، ترى أنها حافز مهم، وتتيح للعمل الأدبى فرصة أكبر للقراءة فى أوساط جديدة، لكنها فى كل الأحوال لا يمكن أن تفرض على جمهور القراء عملًا لا يتناسب مع ذائقته أو ثقافته مهما كانت جودته.
وبالنسبة لمستقبل الكتابة بشكل عام؛ قالت: «متفائلة كثيرًا، وأرى عددًا كبيرًا من المواهب الحقيقية فى الوسط الأدبى، أما بالنسبة لى، فبعد صدور رواياتى الثلاث؛ «خطايا الشهد» و«رمية حجر» و«ترحال»، فلدىّ طموح كبير جدًا فى مشروعى الأدبى، وأعتبر نفسى دومًا مشروع كاتبة».

ابتهال الشايب: القصة أو الرواية مثل الرسم.. والترجمة عالم ساحر

الكتابة لدى الكاتبة ابتهال الشايب مثل الرسم، تعبر بها عن كل ما تشعر به، وهو ما تصفه بالقول: «القصة أو الرواية تمثل بالنسبة لى لوحة نضيف عليها ونحذف منها. يجب أن يكون للكتابة هدف، وليس مجرد سرد لا معنى من ورائه، أو نقل للواقع، فمن الضرورى أن تكون للكاتب رؤية خاصة به ينقلها خلال كتاباته». أنتجت «الشايب» أول مجموعة قصصية لها بعنوان: «نصف حالة»، ٢٠١٣، ولها روايتان «يزن» ٢٠١٥، و«أيضًا هى أيضًا» عن دار «النسيم» للنشر، وكتاب بعنوان «زمن البانوبتيكون»، مختارات من الشعر الفرنسى المعاصر، وأصدرت مؤخرًا مجموعتها القصصية «مألوف».
ترفض الكاتبة الشابة مصطلح «كتابة نسوية»، وتقول إنها لا تحب ترديده أو الاعتراف به، وإنها لا تفضل العمل على قضايا المرأة والانغماس فيها، بل إن أغلب أبطالها رجال وليس سيدات.
تعمل «الشايب» حاليًا فى الترجمة من اللغة الفرنسية إلى العربية بجانب الكتابة، تقول: «الترجمة عالم ساحر ويشبه اللعبة، أستمتع بها أثناء بحثى عن معنى كلمة لا أعرفها، أو معلومة تخص العمل، ما يزيد من خبرتى، وتساعدنى فى الاطلاع على أفكار الأدباء الفرنسيين، وأتعلم من خلالها الصبر على الأشياء». وعن نظرتها للجوائز، قالت إنها تشجع المبدع، لكنها ليست الأساس، بل العمل الإبداعى، مشيرة إلى أن هناك الكثير من الأعمال القيمة لكنها لم تحصل على جوائز.

سلوى سيد:
حكاياتى جزء منى.. وأعانى من أزمة قلة الوقت
الكتابة بالنسبة للكاتبة سلوى سيد، منفذ من منافذ الروح، ووسيلة لإخراج ما يعتمل داخل العقول والقلوب، وتعتبرها هبة رائعة، وليست فقط الكتابة الاحترافية، بل الكتابة فى حد ذاتها متنفسًا للروح، سواءً كانت كتابة إبداعية على مستوى الاحتراف أو مجرد كتابة ذاتية تخص الشخص نفسه دون أن ينشرها للغير.
ولـ«سلوى» مجموعة قصصية بعنوان «شخبطة» ٢٠١١، ومجموعة قصصية حديثة، صادرة عن دار ابن رشد، وهى «الست شكمان».
وفيما يخص تصنيف ما تكتبه الكاتبات السيدات بمصطلح «الكتابة النسوية»، قالت: «أنا لا أحبذ هذا التصنيف، وأرى أنه يقلل من مستوى هذه الكتابات ويحصرها فى قالب ضيق جدًا، وكأن المرأة لا تستطيع أن تكتب كتابات تشمل شتى مناحى الحياة ومختلف الأفكار مثل الكتّاب الرجال، فهذا التصنيف يجعلها كتابة قاصرة تناقش قضايا معينة دون غيرها.. وبالطبع هذا غير صحيح بالمرة».
وعن مدى تأثير مجال عملها وحياتها الخاصة فى الكتابة، تقول: «بالطبع يتأثر كل كاتب بحياته الخاصة والمحيط الذى يحيا فيه، وأنا لا أختلف كثيرًا فى ذلك، فكل حكاية من حكاياتى تحمل بداخلها جزءًا منى قد يبدو واضحًا للقارئ وقد يختفى بين السطور ليصبح مجرد روح عابرة للحكاية».
وأضافت: «بالنسبة لحياتى الخاصة فهى تؤثر كذلك على الوقت الذى أتمكن من تخصيصه للكتابة، فبجانب عملى وبيتى وأولادى لا يتبقى لى الكثير من الوقت أو المزاج الذى يسمح بالكتابة، لذلك أنا مقلة جدًا فى كتاباتى، بالإضافة إلى أننى كاتبة كسولة جدًّا، فقد تأتينى فكرة جديدة لقصة وأتركها فى ركن داخل عقلى إلى أن أجد الوقت والمزاج الرائق لكتابتها، حتى تمل منى تلك الفكرة وتتركنى وتذهب لأجد نفسى نسيتها تمامًا أو نسيت كثيرًا من تفاصيلها، فلا أتمكن من استرجاعها مرة أخرى لكتابتها».
وعن نظرتها للجوائز، تقول: «أعتقد أن كل كاتب يحلم بأن يكون له نصيب فى إحدى الجوائز المخصصة للكتابة الإبداعية، فهى تصريح بأن من يحصل عليها هو كاتب مبدع وناجح فى كتاباته باعتراف المجتمعات المثقفة التى تمنح تلك الجوائز، حتى وإن كانت هناك معايير أخرى تغلب على بعض هذه الجوائز بخلاف المستوى الأدبى للعمل الإبداعى. وفى رأيى أن الكتابة فى حد ذاتها جائزة عظيمة للكاتب».

دينا السقا:
أتمنى تقديم سيناريو عمل سينمائى خلال الفترة المقبلة
تعمل الكاتبة الروائية دينا السقا مهندسة اتصالات، ولا تعتقد أن عملها أثر عليها فى مجال الكتابة، سواءً بالإيجاب أو السلب، لكن ما أثر عليها حقًا هو قراءاتها واحتكاكها الكبير بشخصيات من مختلف الفئات والثقافات.
تقول «دينا»، صاحبة رواية «فتاة الفانيليا» إنها تحب الكتابة، لأنها الوسيلة التى يمكن من خلالها التعبير عن كل شىء بالقلم، فضلًا عن أنها تعتبر الكتابة «أمانة».
وعن نظرتها للجوائز، ذكرت أنها نسبية، بمعنى أنها تخضع فى الأساس لذائقة لجنة من نقاد وأدباء كبار، كما أننا نهتم بالأعمال الأدبية بشكل أكبر بعد حصولها على جوائز، فعلى سبيل المثال الكاتبة جوخة الحارثى التى حصدت جائزة «مان بوكر الدولية» فى لندن، عن روايتها «سيدات القمر» وترجمتها مارلين بوث إلى الإنجليزية، أصبحت أول كاتبة عربية تفوز بالجائزة منذ إنشائها فى العام ٢٠٠٥، ما لفت إليها الأنظار، وسلط على روايتها الأضواء. وتأمل أن تواصل فى مجال الكتابة والسيناريو، وتتمنى أن تكون صاحبة سيناريو لعمل سينمائى قريبًا.