رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من أجل أن تكون للمصريين حياة .. وتكون حياة أفضل


عند مدخل البوابة الرئيسية للجامعة الأمريكية ببيروت– لبنان – لوحة كبيرة مكتوب عليها باللغتين العربية والإنجليزية: «من أجل أن تكون لهم حياة، وتكون حياة أفضل». وفى الواقع هذا النص مقتبس من الأصحاح العاشر من أنجيل القديس يوحنا: «أما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة، وليكون لهم أفضل». فالمقصود من النص الأول الحياة العلمية الأكاديمية التى توفرها الجامعة الأمريكية – للطلاب الدارسين – أفضل ما يمكن، والمقصود من النص الثانى الحياة الروحية التى يحياها الإنسان والتى تتحلى بالأمانة والصدق وخوف الله.

أما ما أريد أن أقدمه– فى هذا المقال - هو السبب المباشر الذى من أجله قامت ثورة 30 يونيو بمساندة حقيقية من الجيش والشرطة. فالشعب المصرى الرائع – على مدى أكثر من ثلاثة عقود – عانى فى فترة الرئيس المخلوع «أكتوبر 1981 – فبراير 2011» من حكم الفرد الواحد، فلم يكن هناك غير فرد واحد فقط يسيطر على جميع مفاتيح الوطن مع مجموعة من أصحاب الثقة والشعب يقتات من الفتات الساقطة من موائدهم المستفزة. كما عانى فى فترة المعزول «30 يونيو 2012 – 3 يوليو 2013» من حكم الجماعة الإرهابية التى خدعت أغلبية المصريين البسطاء تحت ستار الدين، فارتكبوا الغش والسرقة والتدليس والخداع والسيطرة الكاملة على جميع مرافق الدولة والاضطهاد السافر لمن لا يوافقهم على شعاراتهم الخادعة، مارسوا القتل والذبح، تضامنوا مع أعداء الوطن ليمارسوا الإرهاب على أرض الوطن، فرطوا فى أرض الوطن واعتقدوا أن الوطن أصبح ملكاً لهم فأخذوا يوزعون أراضيه على الغرباء.

من هنا عاش المصريون فى حالة من الفقر والضنك، فازدادت البطالة، وساءت الخدمات العامة، وانتشرت الفوضى، وأخذ الشعب يتطلع إلى منقذ لينقلهم إلى حياة أفضل، فكان الخلاص – من تلك الفترة الصعبة – فى مساء 3 يوليو 2013 حينما التف الشعب حول أجهزة التليفزيون والإذاعة المصرية لرؤية والاستماع إلى خارطة الطريق التى يقدمها القائد البطل والتى أنهت على سيطرة حكم الفرد وسيطرة حكم الجماعة الإرهابية الفاسدة والخادعة والمرتشية.

ملامح الحياة الأفضل التى يتطلع إليها الشعب تكمن فى: الحرية الحقيقية التى يحياها الإنسان، فالإنسان خُلق حراً لا يُستعبد من أحد ولا يستعبد أحداً، له حقوقه التى يجب أن يأخذها كاملة، وعليه واجبات يجب أيضاً أن يؤديها كاملة. له مُطلق الحرية الدينية بدون تمييز ولا إقصاء ولا استعلاء، فمن حقه أن يشعر بحريته الحقيقية فى بناء دور العبادة، وفى الأمن داخل دور العبادة. لا يتم التعدى على الطقوس والتقاليد الدينية التى يمارسها الآخر، فلا كتب أو مجلات أو جرائد أو وسائل إعلام مسموعة أو مرئية تهاجم الآخر. وهذا المطلب نتوقعه فى الدستور الجديد الذى يعطى للإنسان حرية حقيقية، فينتقل الإنسان بذلك إلى الحياة الأفضل.

أيضاً العدالة الاجتماعية، فيختفى من الوطن التصنيف والتمييز بين أفراد وطبقات الشعب، فالجميع سواسية طالما كل فرد يؤدى واجبه كاملاً، فتختفى المحسوبيات والمعارف والأقارب والأسباب الدينية عند التعيينات فى المناصب المختلفة، وتكون الكفاءة هى المحك الأساسى فى التعيين. ومن حق أى فرد أن يتولى منصباً قيادياً – إن كان جديراً بهذا المنصب – دون أعتبار للون أو الجنس أو الدين.

اثنان أساءَا إلى المصريين ودفعاهم بعنف إلى نفق مظلم فى مؤامرة خسيسة من أجل تمكين الجماعة الأرهابية من السيطرة على الوطن. أولهما – فى فترة حكم المجلس العسكرى – عندما قام طارق البشرى بإقناع المجلس العسكرى بضرورة إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية قبل وضع دستور البلاد!! لا أقول إن هذا غباء – لأن سيادته للأسف الشديد مستشار – ولكنها خدعة كبرى وجريمة لا تُغتفر فى حق الوطن، وبالتالى ظهرت نواياه السيئة التى أوصلت البلاد إلى التطاحن والتضارب. أود أن أسأل أين ضميره كمستشار؟ – إن كان هناك ضمير – وأين تدينه الزائف الذى اتضح أنه خدعة؟ ثانيهما السيد حسام الغريانى الذى بلا ضمير وضع فى ليلة من الليالى– مع عصابته – دستوراً إخوانياً كان السبب المباشر فى حتمية قيام ثورة 30 يونيو من أجل حياة أفضل للمصريين. يجب أن تتم محاكمة هذين الشخصين اللذين وجها أشد إساءة للمصريين ومزقوا المجتمع المصرى.

قامت ثورة 30 يونيو لتصحيح المسارات المعوجة وإعادة ترتيب البيت المصرى على أسس إنسانية فيها الاحترام للإنسان. لذلك نتطلع فى الدستور الجديد – الذى يضم فى لجنته الخمسين معظم الصفوة فى المجتمع وليس جميعهم – أن يهيئ للإنسان المصرى حياة، وتكون حياة أفضل. فيحيا آمناً ومستقراً فى وطنه، لا ينقصه قوت أو كسوة، له الحق فى التعليم الجيد والعلاج الجيد والحياة الهادئة المطمئنة.

■ أستاذ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.