«المحرق» قبلة الأقباط الثانية

هنا استراحت العائلة المقدسة حيث قضيت 6 أشهر و5 أيام داخل دير المحرق بالقوصية بمحافظة أسيوط، فعلى بعد 12 كيلو من مدينة القوصية بأسيوط يقع دير السيدة العذراء المحرق بجبل قسقام، المعروف إعالميًا بالمحرق، ويعد دير المحرق قدس األقداس وأورشليم الثانية لألقباط، فالمحرق يعد المحطة األبرز للعائلة المقدسة.

"المحرق" يعد أحد وأهم الأديرة القبطية، إذ أتت إليه العائلة المقدسة أثناء هروبها من بطش هيرودس الملك الذى كان يسعى لقتل السيد المسيح، وقضت فيه العائلة المقدسة حوالى " 6 أشهر و5 أيام"، وتعد أكبر مده قضتها واختبأت بها العائلة المقدسة في مكان واحد داخل مصر.

على أبواب المحرق يتوافد الالاف سنويًا للدير، وخاصة في الأيام التي توافق ذكري صوم السيدة العذراء مريم ويحتفل الدير على عدة فترات بالعذراء مريم إذ انها شفيعة الدير، كما أن الدير يعد أهم مسار للعائلة المقدسة في مصر والذي مكثت فيه العائلة المقدسة أطول فترة ومنه اختتمت زيارتها لمصر وكانت عودتها لفلسطين مرة اخرى.

احتفالات العذراء بدرنكة.. هدوء نسبي للمحرق خلال صوم العذراء
يعيش دير السيدة العذراء مريم المعروف بالمحرق الهدوء النسبي خالل شهر أغسطس حيث صوم السيدة العذراء، وذلك مقارنة بشهري يونيو ويوليو حيث البرامج
الروحية للزائرين،والاحتفالات الشعبية الخاصة بعيد السيدة العذراء حالة الحديد، وكذلك الفترة المعروفة بالستة والعشرين يوما والتي تبدأ في 12 يوليو وتنتهي في 6 أغسطس، حيث أن هذه الفترات مناسبه للأهالى لنوال البركة ولتقديم النذور والعطايا قبل انشغالهم ببدء العام الزراعي الجديد.
وتقتصر الطقوس العامة في الدير خلال صوم السيدة العذراء، على صلوات التسبحة بعد منتصف الليل، والقداسات الألهية، وصلوات المزامير، ورفع بخور عشيه في غروب اليوم.

ويقول الراهب القمص مكسيموس المحرقي أحد رهبان دير السيدة العذراء بالمحرق أن أغلب الرحلات القادمة إلى ديرالمحرق خلال الصوم السيدة العذراء،وخاصة خلال السنوات الاخيره ترجع إلى كنائس محافظتي المنيا،وسوهاج،وعادة ما تكون مع زيارتهم لدير السيدة العذراء بدرنكة بأسيوط، ومن المعروف أن صيام السيدة العذراءيبدأ في 7أغسطس وينتهي في 22 أغسطس من كل عام.
الدير يقيم عدة احتفالات خاصة بالسيدة العذراء
ويروي الراهب المحرقي لـ«الدستور»، تفاصيل احتفالات دير السيدة العذراء مريم بالمحرق.
ويقول الراهب المحرقي: إن دير المحرق يزدحم طوال العام بالزوارحيث انه المكان، المقدس الذي أقامت به العائلة المقدسة 185يومًا،وشهد احداثا عظيمه انفرد بها الديردون أي مكان اخر بالعالم، وعادة يزدحم الديرفي نهاية نصف العام الدراسي الأول حيث الجو المعتدل في صعيد مصر، وخلال شهري يونيو ويوليوحيث عيد العذراء حالة الحديد ولتوافقها مع ظروف المزارعين،كمايزدحم الدير في صيام السيدة العذراء في شهر أغسطس، وفي منتصف شهر نوفمبر حيث الحدث العالمي والفريد وهو تخصيص الكنيسة الأثرية بيد السيد المسيح نفسه، ومنذ سنوات طوال وعادة الديرأنه يغلق أبوابه تمًاما خلال أيام الصيام الكبير والذي يبدأعادة في النصف الثاني من شهر فبراير، كمايغلق الدير أيضا ابواب الزيارة أغلب أيام الأسبوع في صوم الميلاد والذي يبدأ في اخر شهر نوفمبر.
وتابع الراهب قائلا: إن دير المحرق يحتفل احتفالا شعبيا ضخمًابالعذراء مريم في العديد من المناسبات فأول هذه الأحتفالات تبدأ في اول يونيوحتى13 منه ويرجع أصول اغلب زوار الديرفي هذه الفترةإلى قرية بني سند بمنفلوط بمحافظة أسيوط وهم من المقيمين حاليا في إمبابة أو شبرا الخيمة وبولاق ابو العلا منذ سنوات طويلة، وثاني هذه الاحتفالات هو إحتفال بعيد العذراء حاله الحديد ويبدأ في الفترة مابين 14 إلى 28يونيو من كل عام وترجع النسبة الغالبة لزائري الدير في هذه الفترة لمدينة ملوي بمحافظة المنيا.
مضيفًا: وثالث هذه الاحتفالات تقع ماقبل بدء صوم السيدة العذراء وهي فترة تسمي بالستة والعشرين يومًا كماذكرسابقا، واغلب الزوار لهذه الفترة من مدينة ديروط وديرًمواس ومدينة ملوى وقراها،وبعد فترةالستة والعشرين يومًاتتوقف النهضة الروحية
والأحتفالات الشعبية ثم يبدأ صوم السيدة العذراء والذي يزدحم في نهايته باثيوبيين وأرتيرين.
على غرار زفة أيقونه السيدة العذراء بدرنكة.. الأنبا بيجول يترأس زفة أيقونه العذرابالمحرق
خلال أحتفالات دير المحرق باسيوط بالعذراء يترأس الانبا بيجول زفة أيقونة العذراء مريم فيصطف الشمامسة صفيين على أصوات الألحان يقود أسقف الدير زفة العذراء على غرار أيقونة العذراء بدرنكة والتي يحتفل بها في أغسطس.
وأضاف الراهب أنه خلال احتفلات الدير بالعذراء يتم تخصيص مساحة مناسبه من الارض لاقامة مسرح خشبي مؤقت لممارسة برنامج النهضة، ويسمح للزائرين بالمبيت ويبدأ برنامج احتفالات الدير بالعذراء برفع بخورعشية،ثم زفة ايقونة العذراء في ساحة الدير الخارجية،يليهاالعظة لاحد أباء اساقفة أو الاباء الكهنة وينتهي برنامج اليوم بالصلاة وطلب المراحم الإلهية لمصر وشعبها.
ويتابع الراهب لـ»الدستور«، إن دير السيدة العذراء اشتهر بالدير المحرق لان الدير كان متاخما لمنطقة تجميع الحشائش والنباتات الضارة وحرقها،ولذلك دعيت المنطقة التي يتواجد ضمن نطاقها الدير بالمنطقة المحروقة، ومع مرور الوقت أستقر لقب الدير بالمحرق،لافتَا إلى أن الديريعد أحد أهم مزارات السياحة الدينية في العالم إذ عرف بالقدس الثانية لدي الاقباط والأحباش،وذلك لمكوث العائلة المقدسة به لمدة 185يومًا،كما انه يعد المحطة الرئيسية في رحلة هروب العائلة المقدسة، وإن المتنيح البابا شنودة الثالث عندما سؤل في أحدى العظات عن زيارة الأماكن المقدسة بالقدس قال إن دير المحرق يعد القدس الثانية ويمكنكم زيارته.
وأضاف الراهب قائلا:إن الديركان منزلامهجورًا عاشت فيه العائلة المقدسة وتحول في القرن الأول الميلادي إلى كنيسة بعد الحدث الفريد الذب أقامه السيد المسيح بنفسه دون أي مكانًا أخر في العالم كله ثم سكن إلى جوارالكنيسةمجموعه من النساك والمتوحدين إلى ان ضمت الكنيسة إلى الدير في القرن الرابع الميلادي.
وتابع الراهب قائلا: إن كنيسة السيدة العذراء الأثرية تنفرد ببساطة بنائها فبالرغم مما طرأ عليها من تعديلات وترميمات على مر السنوات فهي لا تدخل تحت المنهج العلمي للفن المعماري في الأثار القبطية،مشيًراإلى أن كنيسة السيدةالعذراءهي البيت المهجورالذي عاشت فيه العائلة المقدسة، وأن مذبح الكنيسة الاثرية هو المقصودبه الاية المكتوبة في الكتاب المقدس" في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر وعمود للرب عند تخمها")اشعياء 19:19.)
الصلاة باللغة القبطية في دير المحرق
واضاف الراهب المحرقي أن الصاله داخل الكنيسةالأثرية منذنشأتها وحتى الأن تتلى باللغة القبطية دون باقي كنائس الدير وذلك كتراث تسلمناهم من الأباء القدامى، وان كثيرين من الرهبان عبر التاريخ نسخوا كتب صلواتهم الخاصة داخل صوامعهم باللغة القبطية وذلك لإجادتهم التامة لها، ومع مرور الوقت نسخا لرهبان كتبهم باللغة العربية.
عمليات الترميم داخل الدير
قال الراهب المحرقي أن الدولة في عام 2000م ومن خلال اللجنة الدائمة للأثارأعطت موافقتهاعلى ترميم المنطقة الأثرية داخل الدير،والتي تشمل على الكنائس الأثرية،والحصن الأثري على نفقة الديرالخاصة، وبالفعل تم عمل الترميم الالزم تحت إشراف مكتب االأثار بالقوصية.
مضيفًا: إنه كما إن الدولة من خلال وزارة السياحة قامت بعمل عدة لوحات إرشادية على الطرق المؤدية للدير، وقامت أيضا بعمل وتركيب عدد2 مظلةخشبية لراحة الزائرين داخل الدير كما قامت برصف بعض الطرق المؤدية للدير وان كان هناك المزيد من الطرق التي تحتاج إلى الرصف.
المحرق مزارًا خاصَا للأثيوبين
ويقول الراهب القمصمكسيموس المحرقي في تصريحات خاصة لـ»الدستور«، إن اهتمام الأحباش بزيارة دير السيدة العذراء بالمحرق ونوال البركة ترجع إلى طبيعة كل المسيحيين في الإهتمام بكل الأماكن التي سكنتها أو مرت عليها العائلة المقدسة.
وأضاف في تصريحاتهلـ»الدستور«، ان لدير المحرق اهتمام خاص لدى كل الأثيوبين فهو المكان الأمن والذي أوى العائلة المقدسة١٨٥ يوم، كما أن بعض الأساقفة كانوا من رهبان الديرومن شدة تعلق الأحباش بالدير وخاصة الرهبان منهم ذكر بعض الرحالة والمؤرخين أن هناك الكثير من الأحباش سكنوا في تجمعات رهبانية لعدة قرون على بعد رمية الحجر اي على بعد40 م من الدير
مضيفًا:كماان الديراهتم بالأحباش وانشأ لهم كنائس خاصه يصلى فيها بلغة الجيز -لغة الصلوات الدينية الخاصة بهم كاللغة القبطية الخاصة بالأقبلاط ويذكر التاريخ ان الملكة منتواب الحبشية ومعنى اسمها جميله أو عجيبة زارت دير المحرق واخذت معها في رحلة عودتها للحبشة أتربه من الكنيسة الأثرية ومزجت بها مواد البناء وبنت كنيسة عرفت باسم قسقام مريم نسبة لدير المحرق والذي اشتهر بدير جبل قسقام وقررت الكنيسة الحبشية صوم مقداره ٤٠ يوم وينتهى في عيد تكريس الكنيسة الأثرية أي في ٦هاتورالموافق منتصف شهر نوفمبرومازال حتى الأن يصام هذا الصوم هناك، وإلى وقت قريب كان الرهبان الأحباش يأتون سيرا على الأقدام لزياره الديرثم الذهاب إلى القدس أوإقامة بالديرحتى نهاية حياتهم -
مضيفًا إنه في يوم ٦ هاتورـ أحد الشهور القبطية ـاي ١٥ نوفمبر تقريبا حيث عيد تكريس الكنيسة الأثرية مازال يتوافد على الدير المئات من الأحباش ومعهم اباء رهبان واباء كهنة لنوال بركة الديرمصلين القداس الألهي بلغة الجيزالخاصة بالصلوات الدينية لهم وايضا مرنمين الكثير من الترانيم الحبشية مستخدمين الطبول كتراثهم وعاداتهم كما يأتي بعض الرهبان والراهبات في زيارات خاصه لقضاء بعض االيام كخلوة روحيه مرددين ومؤكدين كالم مرشديهم وابائهم الروحيين عن ماوجدوه من بركات روحيه مميزه في بدير المحرق.

قصة نبؤة اشعياء تتحقق في دير المحرق
ولدير المحرق مكانة خاصة في الكتاب المقدس حيث تنبأ عنه أحد أنبياء العهد القديم عندما إقامة مذبحًا في وسط أرض مصر.
ويقول القس بولس حليم المتحدث الرسمى للكنيسة القبطية الارثوذكسية في تصريحاتًاخاصة لـ « الدستور »، انه تنبأ الكتاب المقدس في سفر أشعياء النبي نبوة عن إقامة مذبح في وسط ارض مصر فقال: "في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر وعمود للرب عند تخمها" (أش19: 19)، لافتًا إلى أن اليهود يرفضون تمامًا إقامة أي مذبح خارج أورشليم.
وتابع " حليم" إنه أيضًا مكتوب "فيكون علامة وشهادة لرب الجنود في أرض مصر لأنهم يصرخون إلى الرب بسبب المضايقين فيرسل لهم مخلصًا ومحاميًا وينقذهم فيُعرَف الرب في مصر ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم ويقدمون ذبيحة وتقدمة وينذرون للرب نذرًا ويوفون به" (أش19: 20-21)، فهذا هو مذبح الرب الذي للعهد الجديد، لان اليهود لا يقبلون ان يكون لهم مذبح خارج أورشليم
وتابع: إن التقليد يخبرنا ان هذا المذبح الذي في وسط ارض مصر موجود بدير السيدة العذراءالمحرق، كما تنبأ أيضًا اشعياء عن مجيء العائلة المقدسة إلى أرض مصر "هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها" (أش19: 1)، والسحابة المقصود بها هي العذراء مريم ويحكي التقليد الكنسي ان بدخول العائلة المقدسة ارض مصر سقطت الأوثان في بعض المدن والقري.
رسائل الأقباط من المحرق للعذراء
في دير السيدة العذراء المعروف بالمحرق يتوافد الأقباط وينذرون نذورًا لها تمينًا بالبركة وأستجابة لطلباتهم والشفاعة من العذراء مريم.
أماني سيدة أربعينية تقول «أنا من أسيوط فمنذ الصغر تعودنا زيارة ديري المحرق ودرنكه خلال صوم العذراء وننذر نذورنا للعذراء مريم فتستجيب لنا في طالبتنا إذ يعتبر المحرق قدس الثانية لنا ».
"نورين" طالبة بكلية الهندسة تقول « أنا من سوهاج أتي لأزور دير المحرق خلال احتفالات الدير بالسيدة العذراء في يونيو من كل عام وازور دير درنكة في أغسطس من كل عام، مضيفًا وأنا في الثانوية العامة خلال زيارتي للدير تشفعت للسيدة العذراء أن تقف بجواري لدخول كلية الطب ونذرت لها أن كل عام أزور ديرها».
فايق بضابا بالغ من العمر 85 عامًا جالسًا في فناء الدير يقول« انا من نجع حمادي تعودت أن أزور دير المحرق ولا أطلب منها سوي أن تصلي لنا امام الله وتحمينا من كل شر وتحفظ أولادي».
اما نيفين رأفت سيدة خمسينية تقول«أنا من القاهرة اعاني من الام في الكلى وعملت العديد من الإشاعات وأخذت العديد من أنواع العلاج لعلاج حصوي الكلى وذهب لدير المحرق في صومها وطلبت منها شفاعتها وأن تشفيني من ألام الكلى ونذرت لها نذوري ».
أما إلهام غطاس سيدة ذات الأثنين والخمسون عامًا من قنا تجلس في الكنيسة الأثرية للدير تقول « أعاني من قطع في الرباط الصليبي بقدمي اليسار والتهاب في أوتار اليدين وأزور الدير المحرق متشفعًا بالعذراء أن تشفيني من الالام قدمي وأيدي».
ميرنا فوزي فتاه عشيرينية وطالبة بجامعة سيناء تزور دير المحرق خلال أحتفالات صوم العذراء تقول «ازور الدير وانا في الصف الأول الإعدادي أعتد على زيارتها كل عام وأستمتع بحضور أحتفالات العذراء بالدير فأطلب منها خلال زيارتي أنها تقف إلى جواري خلال دراستي بكليه الصيدلة وعندما أشعر بضيقة وانها تقف إلى جواري في الغربة وأن تقف إلى جوار والدتي».