رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإنفاق الحكومى لمصلحة الرئاسة على حساب الفقراء


إن الموازنة العامة عن العام المالى 2013/2014 حملت الكثير من الغرائب، منها أن موازنة مجلس الشعب غير الموجود فى الأساس زادت من 347 مليون جنيه فى 2012/2013 لـ382 مليوناً، فضلاً عن زيادة ميزانية مجلس الشورى من 151 مليون جنيه لـ168 مليوناً

بلغ العجز فى الميزانية المصرية 197.5 مليار جنيه «28.7 مليار دولار» فى السنة المالية التى تبدأ فى الأول من يوليو المقبل، بعد عجز معدل يبلغ 184.9 مليار جنيه في2012-2013. أن العجز هذا العام تضخم بنحو الثلث عن العجز الأصلى فى الميزانية البالغ 135 مليار جنيه. وسيزيد الإنفاق على الدعم والإعانات الاجتماعية فى 2013-2014 إلى 205.5 مليار جنيه من رقم معدل يبلغ 182.8 مليار جنيه للسنة المالية الحالية. وسيبلغ إجمالى الإنفاق الحكومى 692.4 مليار جنيه ارتفاعا من إنفاق معدل قدره 583.8 مليار جنيه فى العام الجارى، بينما من المنتظر أن ترتفع الإيرادات إلى 497.1 مليار جنيه من إيرادات معدلة قدرها 393.5 مليار جنيه، ويتماشى رقم العجز للعام القادم مع برنامج الإصلاح الاقتصادى المعدل الذى قدمته الحكومة لصندوق النقد فى أواخر فبراير، أن العجز فى العام القادم سيشكل 9.5 فى المائة من الناتج المحلى إن ذلك يفترض نموا للناتج المحلى الإجمالى الأسمى بنحو 20 فى المائة أو حوالى 8.3 فى المائة بالأسعار الحقيقية بعد حساب التضخم، وبلغ أعلى معدل نمو حقيقى سجلته مصر فى العقد الماضى سبعة فى المائة وتباطأ الاقتصاد بشكل كبير منذ الانتفاضة التى أطاحت بالرئيس السابق حسنى مبارك عام 2011. إن افتراضا أكثر واقعية لعام 2013-2014 سيكون نموا اسميا بنحو 13 فى المائة وتضخما يبلغ عشرة فى المائة ونموا حقيقيا يبلغ ثلاثة فى المائة، وهذا يعنى أن العجز المتوقع سيبلغ 10.2 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى بعد عجز معدل يبلغ 10.7 فى المائة هذا العام.

إن عجز الميزانية المتفاقم فى مصر، يبعث على القلق، وأن الصندوق لا يزال مستعداً لمواصلة محادثاته بشأن حصول مصر على قرض بقيمه 4.8 مليار دولار، بعد إكمال مراجعة برنامجها الاقتصادى، لا جديد تحت الشمس، هذا هو انطباعى الأول بعد قراءة البيان أو كما يقال لا توجد أفكار خارج الصندوق، ونعنى بها الأفكار الإبداعية التى يمكن أن يفاجئك بها مسئول هنا أو وزير هناك، فبنود الإنفاق فى الموازنة الجديدة لا تختلف عن كل ميزانيات السنوات الماضية، حيث يذهب ربع الموازنة إلى الأجور والربع الثانى جرى تخصيصه لسداد خدمات الدين من أقساط وفوائد والجزء الثالث سيذهب لدعم السلع والخدمات وما تبقى بعد ذلك سيتم تخصيصه لكل إنفاق الدولة من إنشاء طرق وكبارى وبناء مدارس ومستشفيات، المؤكد أن طريقة إدارة موارد الدولة «مصروفات وإيرادات» لا تحتاج عقول موظفين فقط بل إنها تحتاج إبداعا وخيالا، وهو ما لن تجده فى مشروع الموازنة الجديد، نفس طريقة التفكير داخل الصندوق، تقوم ثورة، تخمد ثورة، نفس الأفكار، تعتقد الحكومة فى موازنتها الجديدة التى قدرت حجم الإنفاق فيها بسبعمائة مليار جنيه، إنها سوف تحقق إيرادات كلية مقدارها 500 مليار جنيه وبالتالى ستصل نسبة العجز (المبدئية) إلى 200 مليار جنيه. عندما تعرف هذه الأرقام فإن السؤال الذى ينبغى توجيهه للمسئولين عن هذه الموازنة: لماذا لم تفكروا بشكل مختلف لتعظيم إيرادات الدولة من سياحة أو تشجيع التصدير وفتح الباب أمام الاستثمار الأجنبى، ولماذا لم يتم ضغط النفقات لتقليل العجز، والأهم كيف ستدبرون أرقام العجز المخيفة؟

إن ترشيد الإنفاق الحكومى يأتى على حساب الفقراء ولمصلحة الرئاسة

ميزانية مجلس الوزراء زادت من 126 مليون جنيه لـ148 مليونًا..

موازنة مجلس الشعب غير الموجود فى الأساس زادت من 347 مليون جنيه فى 2012/2013 لـ382 مليوناً.

زيادة ميزانية مجلس الشورى من 151 مليون جنيه لـ168 مليوناً ارتفاع ميزانية رئاسة الجمهورية فى عهد الرئيس محمد مرسى لـ330 مليون جنيه و239 ألف جنيه، مقابل 252٫6 مليون جنيه فى موازنة 2009/2010 آخر موازنة فى عهد حسنى مبارك الرئيس السابق.

إن الموازنة العامة عن العام المالى 2013/2014 حملت الكثير من الغرائب، منها أن موازنة مجلس الشعب غير الموجود فى الأساس زادت من 347 مليون جنيه فى 2012/2013 لـ382 مليوناً، فضلاً عن زيادة ميزانية مجلس الشورى من 151 مليون جنيه لـ168 مليوناً. إنه من الغرائب أيضاًً زيادة ميزانية المجالس القومية المتخصصة التى تتبع الرئاسة، رغم إعلان الإخوان وحزبها «الحرية والعدالة» رغبتهم فى إلغائها. إن حزب الحرية والعدالة يركز فى المناقشات خلال الجلسات على الأجور وتخفيض دعم المواد البترولية لسد عجز الموازنة، بينما يزيد من ميزانية رئاسة الجمهورية فى عهد «مرسى» لـ330 مليون جنيه، بل الكارثة أن ميزانية مجلس الوزراء زادت من 126 مليون جنيه لـ148 مليونًا، إن ترشيد الإنفاق الحكومى يأتى على حساب الفقراء ولمصلحة الرئاسة، وضعف موازنة جهاز تنمية سيناء التى بلغت 29 مليون جنيه فقط «هذا لا يحقق شيئاً، مما يكشف عن أنه لا توجد إرادة سياسية لتنمية سيناء». «ليس هذا فحسب بل التزمت الحكومة بعدم الشفافية فى مشروع الموازنة المعروض فى هذا الشأن حيث ظهرت مخصصات الرئاسة كرقم مجمل أيضا كما حدث بالنسبة لمخصصات وزارة الداخلية» ونطالب الحكومة بالتزام الشفافية وعرض الأرقام التفصيلية للموازنة العامة بما يتماشى مع حق المواطن دستوريا فى حرية تداول المعلومات والاطلاع عليها، إن الإيرادات تأتى بصفة أساسية من الضرائب والجمارك وخاصة كبار المتعاملين الذين تستحوذ حصتهم الضريبية على 80% من حصيلة الضرائب كل عام وهم أصحاب المشروعات الخاسرة بنسبة كبيرة خاصة أن الركود الاقتصادى فى مصر طال جميع الأنشطة دون تفرقة، وتصل الفجوة بين الإنفاق والإيراد فى موازنة الدولة إلى نحو 145 مليار جنيه ولكن الحكومة نتيجة لبعض العمليات الرأسمالية التى تحاول بها خفض العجز الكلى للموازنة سوف تصل به إلى 140 مليار جنيه بنسبة 7.9% من الناتج المحلى وهو عجز أقل من العام الحالى الذى وصل الى160مليار جنية.

■ أستاذ القانون العام - جامعة طنطا