رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ابن الأم المثالية لـ«الدستور»: حاربت وحدها وكانت قادرة على كل شئ

جريدة الدستور

بعد إعلان عام 2018 عامًا لذوي القدرات الخاصة، وفي ضوء فوز الدكتورة عزيزة عبد الستار حمزة بلقب الأم المثالية الأولى عن متحدي الإعاقة، التقت «الدستور» ابنها الكتاب والروائي محروس أحمد في حوار معه عن والدته، التي كرمها الرئيس السيسي، باعتبارها الأم المثالية.

أصيبت الدكتورة عزيزة عبد الستار في طفولتها بشلل الأطفال، وكان هناك مشكلة في التطعيمات، وأثر ذلك على قدمها، واضطرت أن تكمل حياتها بعكازها الذي بات قطعة لا تنفصل عن جسدها، لكنها لم تلق بالًا للأمر، وتعاملت معه بحكمة تحسد عليها، لتصبح من الأوائل على مستوى المحافظة، حتى التحقت بكلية طب الأسنان وتخرجت منها، وعُينّت بمستشفى السويس العام، وتدرجت في المناصب إلى أن وصلت لمنصب مدير مستشفى السويس العام، وهو منصب لم تصل إليه أي امرأة قبلها، وكان طبيعيًا أن تفوز بلقب الأم المثالية وأن تكون أول سيدة تنال هذا الشرف عن متحدي الإعاقة، وإلى جانب ذلك أنجبت ولدان وفتاة، وبرعياتها لهم أصبح منهم طبيبان للأسنان أيضًا، ومهندس كهرباء، وابنها محروس أحمد ليس طبيب أسنان فقط لكنه أيضًا روائي وعمل كصحفيًا لفترة، ومراسلًا للوكالة الألمانية لمدة ثلاث سنوات، «الدستور» التقت محروس في حوار معه عن والدته..

- من البداية.. من الذي قدم أوراق الدكتورة عزيزة لنيل هذا اللقب؟

كان هناك إعلان العام الماضي عن الأم المثالية وكان يطلب التقدم لمن يرى أن والدته تصلح لنيل هذا اللقب، وكانت هناك أوراق مطلوبة، وبدون أن يشعر أحد، رتبت الأوراق واستيفاء الناقص منها، وساعدني في ذلك والدي رحمه الله، فأحضر لي شهادة الزواج ومفردات المرتب وغيرها، وفي الأيام الماضية فوجئت بها تقول لي أنها فازت بلقب الأم المثالية وعرفت أنها حصدت أعلى الدرجات، وأنا سعيد لأن هذه الدورة هي الأولى بالنسبة لأمهات متحدي الإعاقة.

- كيف تلقيّتم هذا الخبر؟

والدي مات قبل أسبوع من الخبر وقبل تكريم والدتي، الحقيقة أن هذا الخبر ربما لو جاء في وقت آخر لكان له من السعادة أكثر مما يجب، فبالرغم من أن والدي كان مريضًا، لكن فقدانه تمامًا هو شئ صعب، ولم تكن والدتى خرجت من دوامة الحزن، لكنها بالطبع سعدت وكانت تتمنى أن يكون موجودًا ليفرح معها.

- حدثنا عن تدرجات الدكتورة عزيزة حتى وصلت إلى منصب مدير مستشفى السويس العام..

أمي أصيبت بشلل الأطفال لنقص التطعيمات، لكنها تناست الأمر تمامًا، وركزت في تعليمها وكيف تستثمر كل ذلك الألم، كانت من الأوائل واستطاعت دخول كلية الطب وتخرجت منها، وكان مقررًا لها أن تكون مُعيدة في الجامعة لكن العائلة رفضت، لأن كان سيتطلب منها أن تنتقل من مكانها وتسكن بالقرب من جامعتها، لذلك تم تعيينها بمستشفى السويس العام، وتدرجت في المناصب من مدير العيادات الخارجية للمستشفى إلى أن وصلت إلى نائب مدير المستشفى، ثم مدير المستشفى لمدة عام كامل، وكانت أول سيدة تتولى هذا المنصب، وواجهت حروب من قِبل الأطباء والنقابة، وصمدت كما يجب أن يكون، وحاربت وحدها وكانت قادرة على كل شئ.

- هل هناك تأثير لوالدتك على كتاباتك؟

أمي لديها اتجاه إبداعي أيضًا، ولكن من زاوية رؤية خاصة بها، كانت مهتمة بالإبداع في مجال المرأة من جانب التريكو والكروشيه وغيره، وكانت تحب إبداعها لدرجة أنها كانت تواظب على حضور كورسات التفصيل لتنمي موهبتها، وكل يومان أو ثلاثة تصنع زيًا لأبناء أولادها.. رأيت كل هذا وبالتالي عرفت أن هناك بذرة منها موجودة داخلي، وكانت قبلها هيأت لي الطريق من خلال مكتبة البيت، فقرأت كثيرًا ونميت موهبتي وأنتجت روايات وغيرها، وهي بالطبع لها الفضل الكبير في ذلك.

- هل النجاح يكفي لنسيان المعاناة؟

الحقيقة أنه لم يتبادر إلى ذهني فكرة الإعاقة، أراها شخصًا دؤوب جدًا، ولكن فكرة التعويض فلا أظن أن هناك شئ يعوضها، هي دائمًا ترى النواقص وتسعى لإكمالها، ومع ذلك هي لا ترى أنها ناجحة، وترى أنه لازال لديها الكثير.

- الإبداع دائمًا ينتج من رحم المعاناة.. هل تضمنت نصوصك توظيفًا لدور والدتك في كتاباتك؟

أنا لم أوظف رؤيتي تجاه والدتي ولكنه يختمر بالفعل في ذهني، الحقيقة أنني لم أجرؤ لفعل ذلك ولكن لابد أن يحدث قريبًا، هي ليست معاناة، لان الأهداف التي تتحقق تنفي المعاناة، هي تتصل بنا وتتابعنا يوميًا، مع أن لديها عمل حكومي وعيادتها وهي مهتمة بنا وبأحفادها والدتى شخصية "سوبر"، هي متألمة طول الوقت لكننا لم نشعر بهذا، هي لديها سيارة ولديها جهاز يساعدها في قيادة السيارة، وأصرت على أن يكون أبناؤها أفضل الأبناء.

- للأم تأثير على أولادها.. كيف كان عليكم؟

هي لم تجبر أحدًا فينا على اتجاه ما، في الثانوية العامة مثلًا سألتني ماذا تريد وأي كلية أريد أن التحق بها، وسألت أختي كذلك وأخي أيضًا، فكل منا له توجهه الذي يحبه، ولم تتدخل أبدًا، تركت كلًا منا لميوله، طب الأسنان كان بالنسبة لي مجرد شهادة ولم يكن لي ميول تجاهه لذلك عملت مراسلًا للوكالة الألمانية، ولم تتدخل في عملي أبدا.

- كيف كنت تنظر إلى كفاح والدتك؟

بعد أن أنجبت عرفت حقيقي ما فعلته والدتي حين رأيت ما تفعله زوجتي، حتى أنني تسائلت كيف فعلت أمي كل هذا، كيف كان يمكنها أن تراعى أبنائها بهذا الشكل، وكيف استطاعت أن ترعى ثلاثة أطفال، وزوجتي طبيبة، التوفيق صعب جدًا، في العمل أحاول أن يكون عملي أقل ما يمكن، والدتي لم تكن تتلقى دعم ومساندة، انا لم أعرف كيف كانت تتصرف في الإحباطات الكثيرة في مدينتنا.