رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أول مدرسة للطب في مصر.. كيف تغلب «كلوت بك» على العقبات؟

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

أنشأت أول مدرسة للطب الحديث بالمنطقة العربية في مصر، على يد الزعيم محمد علي سنة 1827، وجاءت كاستجابة لاقتراح الدكتور الفرنسي أنطوان كلوت بك، الذي أصبح أول ناظر لها وكان مقرها الأول في أبي زعبل لوجود مستشفى عسكرية وقوات الخيالة، فكان مقر المدرسة الطبية داخل المستشفى.

في البداية كان هدف المدرسة تخريج أطباء مصريين للجيش، ثم بعد ذلك أصبحت مدرسة عامة لتخريج أطباء يؤدون خدمات للجيش وللشعب بشكل عام.

واختار كلوت بك، طاقم العاملين بالمدرسة، وكانوا من أفضل الأساتذة الأوروبيين ومعظمهم من فرنسا وكان بها كثير من فروع العلم منها الأمراض الباطنية والتشريح والجراحة والكيمياء والنباتات والطبيعة والصيدلة والطب الشرعي، والفيزياء، التشخيص المرضي الداخلي والخارجي، علم الصحة، الفيسيولوجيا، وجاء كلوت بك أيضا بمدرسين لتعليم الطلاب اللغة الفرنسية، أما الطلاب فجاء اختيارهم من قبل الحكومة التي أتت بـ 100 تلميذ أزهري ليكونوا باكورة الخريجين.

واجه كلوت بك في البداية صعوبات وعقبات كثيرة تقف أمام تحقيق حلمه وهدفه التنويري، ولكنه بذل جهودا صادقة للتغلب عليها، ومن أهم الصعوبات التي واجهته أن الأساتذة كانوا يجهلون أوروبيون يجهلون اللغة العربية، كما أن المناهج الدراسية كانت باللغة الفرنسية أيضا بينما كلوت بك كان مقتنع بأهمية أن يكون التعليم بالعربية، لأن التعليم بلغة أجنبية - عَلَى حد قوله - «لا تحصل منه الفائدة المنشودة، كما لا ينتج عنه توطين العلم أو تعميم نفعه»، فكيف تغلب على هذه الصعوبات؟ في البداية لم يجد مصريًا يتقن لغة أوروبية إلا رجلًا من آل عنحوري وَهُوَ سوري يعرف ترجمة الإيطالية فقط.

فترجموا له الكتب الفرنسية إِلَى الإيطالية أولًا، ثم ترجمها العنحوري من الإيطالية إِلَى عربيته الركيكة، ثم كلف عالم من الأزهر هُوَ الشيخ مُحَمَّد الهَوّاريّ، بمعاونة آخرون بتهذيبها وصقلها.

أما بالنسبة للمدرسين الفرنسيين فكان لكل مدرس مترجم يدخل معه في المحاضرات ليترجم كلامه للطلاب من الفرنسية إلى العربية، ثم بعد ذلك كان المترجمون من بين أوائل تلاميذ المدرسة. أما متفوقي الدفعة الأولى فسافروا في بعثات إلى فرنسا لاتقان علومهم.

ونقلت المدرسة ونقل معها المستشفى إلى القاهرة سنة 1837، واختير لها القصر العيني فصارت المدرسة والمستشفى. وتوسعت المدرسة فيما بعد لتضم مدرسة للصيدلة سنة 1830 م ومدرسة للقابلات سنة1831م.