رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فخ الموضوعية الذي نصبته "رويترز" وسقطت فيه "بي بي سي" وتوابعها


الإعلام البريطاني وقطر.. "كذاب بيضحك على نصاب"

كشف التعامل الإعلامي مع "حادث الواحات" كيف تحولت صحف ووسائل إعلام تدعي "الموضوعية والحياد" إلى أبواق مأجورة، تردد ما يملى عليها من جهات تديرها من خلف الأبواب، وتدفع لها بسخاء، من أجل تنفيذ أهدافها المعادية للدولة المصرية، ونظام حكمها، وشعبها، وخصوصا البريطانيتين "رويترز"، و"بي بي سي"، واللتان بات واضحا للعيان أن إدارتهما تنتظران التعليمات من مبنى جهاز الاستخبارات الخارجية "إم آي 6"، أو أي مبنى آخر خارج لندن العاصمة، وأن من يدفع لهما هو نظام معاد لمصر، سواء كان مقره فى 10 داوننج ستريت، أو في مستعمرة بريطانية سابقة تقع على مخزون ضخم من الغاز الطبيعي.
ربما لا يعرف الجميع بما تعانيه هيئة الإذاعة البريطانية من صعوبات مالية بدأت منذ عامين أو يزيد قليلا، إذ وصلت ذروتها في 2015، عندما أعلنت في بيان صباح الثالث من يوليو "إلغاء أكثر من ألف وظيفة إضافية نتيجة انخفاض مورد تمويلها الرئيسي، في حين تسعى الحكومة إلى تحجيمها أكثر." وقال البيان "سبق أن بدأت مجموعة المرئي والمسموع خطة واسعة النطاق لادخار 800 مليون جنيه استرليني، كما اضطرت إلى اقتطاعات قاسية إضافية للتعويض عن انخفاض لعائدات الرسوم. وصرح مدير عام البي بي سي توني هال: "أعلم أن الرسالة قاسية.. أعلم أن ما أقوله اليوم سيسبب توترًا كبيرًا في صفوف منظمتنا".. وسبق هذا البيان إلغاء المجموعة آلاف الوظائف، وبيعها 40% من ممتلكاتها غير المنقولة، وتقليص تكاليفها الإدارية، وتخليها عن عدد من الحقوق الرياضية لادخار أكثر من 1،5 مليار جنيه استرليني سنويًا.
من هنا يمكننا فهم لماذا تختار هيئة الـ"بي بي سي" أن تكذب، بل وتتمادي في كذبها وغلها، فالمؤكد أن الـ"بي بي سي" تبحث عن من ينقذها من أزمتها المالية التي أدت بها إلى تلك الإجراءات المتقشفة القاسية، والمؤكد أن "دويلة قطر" تبحث عن أبواق إعلامية تناصرها في أزمتها مع دول الخليج العربي، ومؤامرتها على مصر، والمؤكد أنها لن تجد أسهل من الذبائح البريطانية التى تعاني من فقرٍ في الإمكانيات، ونقصٍ في الأموال، خصوصا مع ما تتمتع به "الدوحة" من نفوذ يبدو أنه يتعاظم يوما بعد يوم في العاصمة لندن، بفعل مشتريات العائلة في جميع أنحائها، وضواحيها، من محلات، إلى شركات، إلى قصور، تدفع فيها أموالا مبالغًا في تقديرها، ويبدو أنها في طريقها إلى شراء نفوس وأقلام، وصحف قررت أن تبيع تاريخها، ومنتسبيها، وموظفيها، والعاملين بها، وفي مقدمتها "الجارديان" و"البي بي سي" و"رويترز"، وهي المؤسسات التي تخصصت منذ الثورة على حكم الإخوان في الهجوم على مصر، ومؤسساتها، وشعبها، ولا تتردد في وصف "الإرهابيين" بـ"المتشددين"، بل إنها تحولت مؤخرا إلى وصفهم بـ"المقاتلين" و"المناضلين"، وهي أوصاف يعرف الجميع أنها فخاخ منصوبة لكل من ينقل عنها دون تدقيق أو مراجعة.. لا تتردد في وصف شهداء مصر، من جنود "الجيش والشرطة" بـ"القتلى"، رغم معرفة محرريها بأن التوصيف غير المتعاطف، والأقرب للحياد هو "ضحايا".. حتى هذه الصفة المحايدة لم تبثها أي من المؤسسات الثلاث في أي تقرير لها عن "حادث الواحات" على سبيل المثال، وتعمدت المبالغة في أعداد الضحايا، دون سند من الحقيقة، واعتمادا على مصادر مجهلة، لا يعرف بها أحد، وربما لا يعرف الكثيرون أن الثلاثة كانوا ينقلون عن الصفحة الشخصية لمحرر حوادث بإحدى الصحف الخاصة على موقع "فيسبوك"، وأن هذا المحرر لم ينشر ما ظل يبثه على "فيسبوك" في الصحيفة التي يعمل بها، ولا بموقعها على "الإنترنت".
منذ الساعات الأولى لحادث الواحات، تسابقت الوكالات في مزاد تقدير عدد الضحايا من شهداء الشرطة المصرية، وتحولت إلى تابع مخلص لمروجة الأكاذيب الكبرى "رويترز" التى لم تهدأ آلتها في بث المعلومات المغلوطة في أرجاء المعمورة.
الوكالة التي بدأت تقاريرها عن الحادث بنسبة معلوماتها إلى مصدر أمنى، بالحديث عن مقتل 14 وإصابة 8، ثم عادت بعد ساعات معدودة لتعدل بيانها بالحديث عن 30 "قتيلا"، لتغيره صباح اليوم التالي إلى 52، رغم تضمن نفس التقرير لبيان وزارة الداخلية، بالأرقام الرسمية الصحيحة، باستشهاد 16، وإصابة 13، ومقتل 15 إرهابي.
على نفس الطريق سارت البي بي سي، بل وزادت بنشر تقرير مجمع بما قالت إنها "الهجمات التي تعرضت لها قوات الأمن والجيش في مصر"، تعمدت فيه أن تعود إلى العام 2012، وتعمدت أن تذكر فيه أن عدد ضحايا العشرين من أكتوبر 53 ضابطا ومجندا وصفتهم بالقتلى، متجاهلة تماما الرقم الصحيح الذي أعلنته الشرطة المصرية، فأي رسالة واضحة السم هذه؟! وأي مصداقية يمكن أن تظل للهيئة البريطانية "مدعية الاستقلال"؟! ما الهدف من تكرار الإيحاء بكثافة العمليات ضد الجيش والشرطة؟! ولمصلحة من يتم ترويج تلك الشائعات والأكاذيب؟!
هنا.. أذكر أنه زمان، كان لدينا نوع من الصحافة، نسميه صحف "السبوبة"، أو "بير السلم"، ومعظمها كانت لا تستطيع الحصول على ترخيص المجلس الأعلى للصحافة، فكانت التراخيص فى الأغلب تأتيها من شركات وهمية "بريطانية"، أو "قبرصية"، عبارة عن مكاتب صغيرة متخصصة في بيع تراخيص الصحف والمجلات العربية، وكانت هذه الصحف والمجلات تعاني من ضيق أفق ملاكها، وفقرهم للخيال، وكانوا يجدون صعوبة كبيرة في كل شيء، بما فيه اسم الجريدة، فكان ملاكها يستغلون أسماء صحف مشهورة عربيا، أو محليا، ويضعون إلى جانبها كلمة "الدولية"، فكان هناك "النبأ الدولية"، والبلاغ الدولية"، و"الأنباء الدولية"، وماشابه.. وربما كان هذا هو السبب المباشر في دفعي إلى التعامل مع صفة "الدولية" باعتبارها مصدر "سبوبة"، أو "تمويل من تحت الترابيزة"، أو وسيلة رخيصة لخداع المعلنين والمحتالين من رجال الأعمال والنصابين والمحتالين؟ وهو بالضبط ما يبدو أنه يحدث الآن مع وسيلتي إعلام بريطانيتين، تدعيان صفة الدولية، وتنصبان على الجميع بوهم "الحياد والموضوعية".
والملفت هنا أيضا أن تلك الصحف التي تخصصت لسنوات طويلة في ابتزاز رجال الأعمال، للحصول على إعلانات سهلة، ورخيصة، كانت تخدع الجميع بصفتي "البريطانية والدولية"، ولم يكن يقع في فخاخها سوى "المتهربين من الضرائب"، أو النصابين، والمحتالين، ومحترفي الثراء السريع وتجار المخدرات، فكان الأمر أشبه بـ"كذاب بيضحك على نصاب."
دارت دورة التاريخ، وها هي مؤسسات "بريطانية" تدعي أنها "دولية"، تمارس لعبتها الأثيرة في النصب على محدثي النعمة من "تجار الموت"، فتبتزهم، أو تبيع لهم ما تبقى لها من تاريخ، مقابل أن تنشر لهم "إعلاناتهم"، أو موادهم الدعائية المعادية لمصر، البلد الذي علم العالم الكتابة.