رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محسن عيد يكتب: «الحرب الشاملة 2.. نصر أكتوبر وحرب فبراير»

جريدة الدستور

«أنتهز هذه الفرصة وألزم الفريق محمد فريد حجازي أمامكم وأمام الشعب المصري كله.. أنت مسؤول عن استعادة الأمن والاستقرار في سيناء خلال 3 شهور، أنت ووزارة الداخلية خلال 3 أشهر تستعيد مصر الاستقرار والأمن بسيناء، وتستخدم كل القوة الغاشمة.. كل القوة الغاشمة».. توجيه من الرئيس عبدالفتاح السيسي، يوم 29 نوفمبر الماضي، إلى الفريق محمد فريد حجازي، رئيس أركان القوات المسلحة، واللواء مجدي عبدالغفار، وزير الداخلية، للقيام بعملية شاملة للقضاء على الإرهاب.

صباح الجمعة الماضي، أعلنت القوات المسلحة بيانها الأول حول العملية سيناء 2018، قالت فيها إنه تم رفع حالة التأهب القصوى لتنفيذ عملية شاملة على مختلف الاتجاهات الاستراتيجية للقضاء على العناصر الإرهابية.

وقال العقيد أركان حرب تامر الرفاعي، المتحدث العسكري للقوات المسلحة، الجمعة، إنه «تقرر رفع حالة التأهب مع الشرطة لتنفيذ عملية شاملة على الاتجاهات الاستراتيجية في إطار مهمة القضاء على العناصر الإرهابية».

ومصر كلها لن تنسي البيان الأول الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة في الساعة الثانية وعشر دقائق يوم السادس من أكتوبر العظيم، والذي جاء فيه..
بسم الله الرحمن الرحيم
قام العدو الساعة الواحدة والنصف بعد ظهر اليوم بمهاجمة قواتنا بمنطقتي الزعفرانة والسخنة بخليج السويس بواسطة تشكيلات من قواته الجوية عندما كانت بعض من زوارقه البحرية تقترب من الساحل الغربي للخليج، وتقوم قواتنا حاليا بالتصدي للقوات المغيرة.
ثم تلاه البيان الثاني بعد عشر دقائق جاء فيه «ردا على العدوان الغادر الذي قام به العدو ضد قواتنا في كل من مصر وسوريا يقوم حاليا بعض من تشكيلاتنا الجوية بقذف قواعد للعدو وأهدافه العسكرية في الأراضي المحتلة».
ــــــــــــــــــــــــ
وجاء البيان الأول للقوات المسلحة في بداية الإعلان عن الحرب الشاملة ضد الإرهاب في سيناء، وأيضا صورة الرئيس عبد الفتاح السيسي داخل غرفة العمليات معبرا عبر الصفحة الرسمية «فيسبوك»: «أتابع بفخر بطولات أبنائي من القوات المسلحة والشرطة لتطهير أرض مصر الغالية من العناصر الإرهابية أعداء الحياة.. ودائما تحيا مصر».. جاءت لتعيدنا مباشرة إلى أجواء انتصار أكتوبر، وما يعنيه من روح وثابة انطلقت من عروق ضباطنا وجنودنا لتحقيق النصر الذي لم تفقده مصر يوما ما.. هاتان الحربان والانتصاران يتشابهان من وجوه كثيرة أخصها الإيمان بالله والإصرار علي الانتصار.

ووقعت حرب أكتوبر على أرض سيناء الطاهرة، وعليها تدور الآن الحرب الشاملة ضد الإرهاب، سيناء تعني القمر حيث أطلق عليها القدماء اسم الإله «سين»، ومن الفيروز أخذت صفتها، وتاريخها حافل بالحروب والحملات منذ عهد الفراعنة إلى العصر الحديث؛ فهي البوابة الشرقية لمصر، وبها طريق حورس الذي يمتد من قناة السويس غربًا حتى رفح على الحدود مع فلسطين شرقًا، ومنها دخل الهكسوس إلى مصر، ومنها خرج أحمس ليطاردهم، وعبرها خرج ملوك مصر القديمة للسيطرة على أرض كنعان وسوريا حتى بلاد ما بين النهرين، وجاء منها إلى مصر الأشوريون، والفرس، والإغريق، والرومان، والفتح الإسلامي، والتتار والصليبيون وغيرهم، وهي أرض الأنبياء والديانات السماوية، بدءًا من الخليل إبراهيم –عليه السلام- الذي عبرها، وموسى –عليه السلام- الذي أقام بها مع شعب بني إسرائيل فترة من الزمن، و«العائلة المقدسة» التي عبرتها وهي في طريقها إلى مصر.. إنها الأرض المباركة الطاردة لكل دنس، والرافضة لكل إرهاب.

ففي حرب أكتوبر العظيم كشر الجيش المصري عن أنيابه معلنا وضع النهاية الحتمية للاحتلال الإسرائيلي لأرض سيناء، مؤكدا أن أرض مصر لا تقبل أن يسير فوقها غاصب أو محتل، ويوم الجمعة الماضي أعلنت القوات المسلحة عن بيانها الأول لإعادة الانتشار والحرب الشاملة علي الإرهاب الذي تصور في لحظة جنون قاتلة أن مصر يمكن أن تتخلي عن أرضها، لأن الأرض تعني شرف المصري وحياته، ولتكون هذه الحرب المقدسة بشارة الانتصار على الإرهاب، كما كانت حرب أكتوبر أعظم انتصار عسكري مصري في التاريخ الحديث علي العدو الإسرائيلي.

وسبقت حرب أكتوبر المجيدة سلسلة طويلة من عمليات الخداع الاستراتيجي التي وقع العدو أسيرا فيها، فكانت عملية الخداع واحدة من عوامل الانتصار. أما في الحرب الشاملة علي الإرهاب في سيناء فكانت لها خطة خداع مختلفة تقوم بالأساس علي التحدي حينما كلف الرئيس عبد الفتاح السيسي الفريق محمد فريد حجازي رئيس الأركان بالقضاء علي الإرهاب في سيناء وتطهيرها للأبد، وتلاحظ أن بدأ دخول أعدادا أخري من الإرهابيين فبدأت حرب التطهير الشاملة بإغلاق الحدود واصطياد الإرهابيين لتبدأ ملامح النصر في الظهور.

وفي حرب أكتوبر المجيدة كان الشعب المصري يضع نفسه تحت إمرة قادته من أجل استعادة سيناء، بل وخرج في مظاهرات للمطالبة بالحرب، وقد لاح وظهر هذا التضامن إبان فترة الحرب، فتضامن كل مصري ومصرية من غير أبناء القوات المسلحة ليقدم لمصر ما يستطيع، حتي اللصوص توقفوا عن السرقة، فلم تسجل أقسام الشرطة عملية سرقة واحدة أثناء حرب أكتوبر.. ولا يختلف الأمر كثيرا في الحرب الشاملة علي الإرهاب، فقد خرج المصريون في 26 يوليو عام 2013 ليمنحوا للفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة آنذاك، تفويضا كاملا للقضاء علي الإرهاب، وعندما أعلنت القوات المسلحة الحرب الشاملة كان التضامن جليا واضحا ووضع كل مواطن مصري نفسه تحت إمرة قيادته، وتحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلي مظاهرات حب في القيادة والجيش والشرطة..

ويعود انتصار أكتوبر العظيم إلي جهد كبير بذله الرجال من أبناء القوات المسلحة، وكانت العزيمة والصدق والتحدي والانضباط والإيمان بالله أسبابا قادتنا إلي النصر.. وفي الحرب الشاملة ضد الإرهاب في سيناء تبدو لكل ذي بصر وبصيرة أن الصدق والعزيمة والإصرار والانضباط كلها ملامح ظاهرة تقودنا إلي النصر علي الإرهاب، وهو ما يتبينه كل مصري من البيان الأول للحرب الشاملة، والبيان الأول لنصر أكتوبر، لتبقي حرب أكتوبر أيقونة النصر، وستبقي حرب فبراير الشاملة علي الإرهاب أيقونة الفخر بقواتنا المسلحة وشرطتنا المصرية.