رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اجتماع للمعارضة السورية فى مدريد للوصول إلى حل سياسى للصراع

اجتماع للمعارضة السورية
اجتماع للمعارضة السورية فى مدريد للوصول إلى حل سياسى للصراع

يعقد عدد من قادة المعارضة السورية اجتماعات اليوم وغدا فى مدريد فى محاولة لصياغة موقف موحد للمعارضة، سعيا إلى حل سياسى للصراع المستمر منذ أكثر من عامين، والذى أدى إلى سقوط أكثر من 70 ألف قتيل، بالإضافة إلى تشريد مليون ونصف مليون لاجئ.

كما يبحث قادة المعارضة السورية الاستعدادات لعقد المؤتمر الدولى القادم الذى اقترحته الولايات المتحدة وروسيا لوضع حد للحرب الأهلية فى سوريا وهو المؤتمر الذى لم يحدد موعد انعقاده حتى الآن.

وفى هذا السياق، ذكرت صحيفة /إلباييس/ الإسبانية اليوم فى موقعها على الإنترنت، أن مجموعات المعارضة السورية الرئيسية ستجتمع فى فندق فى ضواحى مدريد فى محاولة لصياغة اقتراح معقول ومقبول لوضع حد للحرب الأهلية بحيث يحظى مثل هذا الحل بموافقة المجتمع الدولى.

ويبدو أن التوصل إلى موقف موحد لمجموعات المعارضة السورية سيكون مهمة صعبة لأن هناك فى صفوف هذه المعارضة من يتمسكون بخيار الحل العسكرى فقط، وهناك من يطالبون بإسقاط النظام كله، وهناك من يطالبون برحيل الرئيس بشار الأسد دون التمسك بإسقاط النظام.

ويشارك 86 من قيادات المعارضة السورية فى هذه الاجتماعات التى يختتمها غدا معاذ الخطيب، وهو من قادة المعارضة البارزين.

وكان معاذ الخطيب قد استقال فى أبريل الماضى من رئاسة الائتلاف الوطنى السورى الذى يضم فصائل المعارضة الرئيسية والذى يحظى باعتراف أكثر من مائة دولة بينها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبى (27 دولة).

ويتولى جورج صبرا، أستاذ الجغرافيا الهارب من سوريا منذ نهاية عام 2011، الرئاسة المؤقتة للائتلاف الوطنى السورى إلى أن يتم إجراء انتخابات لرئاسة هذا الائتلاف.

وقد رأس صبرا من قبل المؤتمر الوطنى السورى الذى كان أول تنظيم يمثل المعارضة السياسية فى المنفى ولكنه اندمج الآن فى الائتلاف الوطنى السورى.

وترعى وزارة الخارجية الإسبانية هذا الاجتماع للمعارضة السورية من خلال برنامج /مسار/ الذى يستهدف المساعدة فى تسهيل عمليات الانتقال فى العالم العربى.

ويشارك فى الاجتماع ممثلون للائتلاف الوطنى السورى والجيش السورى الحر الذى ينفذ العمليات العسكرية فى الداخل ضد نظام الحكم ولكنه يعانى من تعدد عناصره وتباين مشاربهم؛ حيث يضم ممثلين للأغلبية السنية وممثلين للأكراد والمسيحيين.

وأكدت وزارة الخارجية الإسبانية أن فصائل المعارضة السورية التى ستجتمع اليوم وغدا فى مدريد تعتبر من القطاع الأكثر اعتدالا فى هذه المعارضة، مشيرة إلى عدم حضور أى من أعضاء المليشيات الإسلامية المتطرفة وفى طليعتها جبهة النصرة المرتبطة بفرع تنظيم القاعدة فى العراق فى هذه الاجتماعات.

وقد أثار الدور البارز لجبهة النصرة فى الساحة السورية حيث تسيطر على حقول بترول فى شمالى شرقى سوريا، مخاوف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى مما دفعهما إلى التحفظ فى تقديم مزيد من الدعم للمعارضة السورية.

ولهذا فإن هناك عقبات الآن أمام إرسال أسلحة إلى المعارضة، كما أن روسيا والصين ترفضان رفضا قاطعا أى تدخل عسكرى أجنبى فى سوريا.

ومما تقدم يتضح أن سوريا باتت اليوم ساحة لمعركة كبرى؛ يزج فيها مئات الآلاف من المقاتلين الذين يتزايد حقدهم وإصرارهم على الدفاع عن معتقداتهم وجماعتهم، مما يعني حتما تراجع الدور الوطني السوري لجهة المطالب، وتحوّل الثورة إلى صراع دولي ومذهبي يهدد الأمن والاستقرار في الإقليم كله.

والسؤال المطروح حاليا: هل يصبح لبنان جزءا من هذه الحرب؟!!.. وسط هذا الواقع؛ فإن لبنان داخل في الصراع السوري حتما.

أولاً: يشارك لبنانيون بأعداد كبيرة في القتال في سوريا؛ "حزب الله" والأحزاب الأخرى ("السوري القومي" و"البعث" و"الحزب الديمقراطي اللبناني").. إلى جانب النظام، ومتطوعون إسلاميون ضد النظام.

الفارق بين الفريقين أن الذين يقاتلون مع النظام لهم مرجعية حزبية وإطار منظم، فيما تسيطر الحماسة الدينية والحركة غير المنظمة على الذين يقاتلون ضده، ونتيجة ذلك أن لبنانيين، بأعداد لم تعد قليلة، يقاتلون بعضهم ويعرفون بعضهم أحيانا- في سوريا، ومن بين هؤلاء من يعود محمولاً إلى لبنان، فيضيف إلى الاحتقان الأهلي عاملاً إضافياً يؤجج الساحة، ويزيد من تعقيداتها، ويهددها بالانفجار عند اشتعال أول فتيل.. وما يقال عن توريد الرجال ينسحب أيضا على توريد السلاح عبر الحدود.

ثانيا: الدخول العلني والمفتوح لـ "حزب الله" في الصراع السوري بعد زيارة نصر الله لإيران الشهر الماضي (يقال إنه زارها مرتين)، والاتفاق مع قيادتها على تسخير الحزب إمكاناته كلها إلى جانب النظام السوري، مما يعني الانتقال من مرحلة المساعدة المحدودة للنظام تحت عنوان الدفاع عن قرى لبنانية أو مقامات دينية، إلى مرحلة الدفاع المعلن والكامل عن النظام نفسه.

ووفق إعلام الحزب والنظام السوري فإن الرئيس السوري أعطى صلاحيات غير محدودة للحزب، بحيث أصبح مقاتلوه قوات دعم موزعة على معظم الوحدات السورية المقاتلة، فضلاً عن اعتبار السلاح الذي يملكه النظام كله في خدمة الحزب.

ووفقا للثوار السوريين فإن هذا التغيير بات ملموسا على الأرض، وقد تبدى أخيرا في المعركة على السيطرة على قرية خربة غزالة الإستراتيجية على الطريق الدولية بين دمشق ودرعا، فضلاً عن المعارك المتصاعدة في القصير.

وبحكم الواقع فإن هذا القدر من التورط لن يمر على لبنان بردا وسلاما؛ لأنه سيجر لبنان إلى الحرب حتما؛ سواء عبر قصف أراض لبنانية من سوريا أو عبر القيام بأعمال انتقامية في مناطق الحزب نفسها.

ثالثا: دخول النازحين السوريين في لبنان في حمأة الصراع، ليس من خلال اختلاف النظرة إليهم من قبل مؤيدي ومعارضي النظام السوري، وإنما من خلال تطوع نسب عالية منهم للقتال في بلدهم، على اعتبار أن "الجهاد أصبح فرض عين عليهم"، فهم أهل البلد "وهم أولى من غيرهم في الدفاع عنه".

وبما أن الغالبية الساحقة من النازحين هم سنة معارضون للنظام، فقد صدرت مؤخرا فتاوى تدعوهم للعودة إلى بلدهم من أجل القتال، ولا يخفى أن هذا الأمر واقع اليوم، وأن من بين هؤلاء من ترك عائلته في لبنان، وأن الفريق الآخر يراقب النازحين، لاسيما الذين يقيمون في مناطقه، حتى لا يقدمون على شيء.. وفي كل الأحوال؛ فإن وجود مليون سوري في لبنان ليس بسيطا، إذا ما تجمع هؤلاء للدفاع عن أنفسهم، أو حمل بعضهم السلاح يوما، في أي ظرف من الظروف، سيما أن المتعاطفين معهم كثر.

رابعا: توريد مزيد من شحنات الأسلحة "الكاسرة للتوازن" إلى "حزب الله"، مما يعنى أن تتحرك إسرائيل لضربها في سوريا قبل أن تضطر لمواجهتها في أي حرب مع "حزب الله" في لبنان.

هذا النوع من التدخل الإسرائيلي يحظى بتأييد عالٍ في إسرائيل، بالقدر نفسه الذي يرى فيه المشروع الإيراني محاولة للتخلص من عبء الصراع الداخلي السوري وإمكانية لتحويله إلى صراع مع العدو الإسرائيلي.

وبما أن لهذه "اللعبة" مخاطرها المدمرة، فإن لبنان ليس بمنأى عن ذلك، باعتبار أن الحزب الذي يسعى لاستقدام أسلحة أو الذي سيرد على قصفها، هو الحزب نفسه الذي ينتشر مقاتلوه في جنوب لبنان، ومؤخرا قبالة جبهة الجولان.

وقد يبدو مخيفا تطور الصراع السوري، وتزايد تأثيره على لبنان، لكن ما هو مخيف أكثر أن ثمة من بات يرسم خريطة جديدة لسوريا يكون فيها المشروع الإيراني حامياً لدويلة علوية ومقاتلاً في بقايا دولة كان اسمها سوريا، وأن الأقليات العرقية والدينية باتت تفكر بالطريقة نفسها، وأن تركيا تعد نفسها لتدخل لم يعد منه بد، لئلا تتعرض تركيبتها الداخلية للخطر (الأكراد والعلويون)، وأن إيران وعبر "حزب الله" تريد بالمقابل تأمين اتصال بين الدويلة المأمولة وبين مناطق "حزب الله" في البقاع، بحيث يتولى النظام "تطهير" الساحل السوري من السنة، ويتولى الحزب ربط هذا الساحل به وبالداخل عبر احتلال ا