رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جهاديون لمرسي وعشيرته: المصريون يدفعون ثمن غدركم

جهاديون لمرسي وعشيرته:
جهاديون لمرسي وعشيرته: المصريون يدفعون ثمن غدركم

المسلحون ينفذون أجندة إمارة سيناء بمفردهم، بعد استخدامهم كفزاعة للتقرب من أمريكا

مصادر: الجيش لن يسمح بتكرار سيناريو الإطاحة بقياداته وتحركات محسوبة لتجنب إراقة الدماء

كتبت - إيمان إبراهيم

"انقلب السحر على الساحر"، كلمات قليلة أوردتها شخصية إسلامية من الجماعات الجهادية  في سيناء – فضلت عدم ذكر أسمها، تفاديا لحدوث مشاكل سياسية بين فصيلها وبين جماعة الإخوان المسلمين –

هذه الكلمات جاءت لتجيب على تساؤل الدستور حول سبب اختطاف العناصر المصرية التابعة للجيش والداخلية من قبل جماعات تنتمي للسلفية الجهادية.

وكشفت المصادر السر وراء الأزمة الدائرة بين الجماعة الإخوانية وبين الكثير من الجماعات الإسلامية فى سيناء، وهل هناك علاقة بين عمليات القبض على خلايا العناصر الجهادية وبين تربيطات الرئيس مرسى مع أمريكا؟ وماهو دور خيرت الشاطر فى الرحلات المكوكية لشبه جزيرة سيناء والتى التقى فيها بالكثير من القيادات الجهادية؟ وماهو موقف الجيش المصري من هذه اللعبة السياسية؟ هل سيتم تفتيت قواه بنزاعات سياسية بين متطرفين سياسين يختبئون تحت عباءة دينية؟ أم الهدف تحويل قبلته الأساسية المنوطة بالدفاع عن حدود مصر وأمن شعبها إلى جبهة تحض محاولات التخريب المستمرة، وماهو مصير القيادات العسكرية التى لا تتخذ من الأجندة الإخوانية عقيدة لها؟.

الشخصية الإسلامية البارزة تؤكد أن حسابات القوى بين الرئيس مرسى وبين الجماعات الإسلامية أختلت مؤخرا؛ بسبب عدم التزام الرئيس بالإشتراطات التى وضعتها هذه الجماعات بداية الفترة الرئاسية له، والتى أدارها المهندس خيرت الشاطر بنفسه النائب الأول للمرشد العام للإخوان المسلمين.

مؤكدا أن مؤسسة الرئاسة التزمت أمام قيادات الجماعات الإسلامية بالإفراج عن ذويهم المقبوض عليهم والمحكوم عليهم فى قضايا بالإعدام أو بالمؤبد، كذلك وعدتهم أن تتحول سيناء إلى إمارة إسلامية تخضع لقوانين الجماعات الإسلامية مقابل تمكين مرسى فى الوصول إلى الحكم في البلاد.

وقالت: للأسف نظام محمد مرسى يعيد استنساخ نظام الرئيس مبارك السابق، الذي استخدم الإخوان المسلمين كفزاعة لأخافة أمريكا منهم، ليتمكن هو من البقاء على عرش مصر، لكن فطنة النظام السابق تنبهت لخطورة الأجندة الإخوانية التى تستخدم الدين للوصول الى مأرب دنيوية وقررت التعامل معهم بنفس مبدأهم الانتهازى.

فمرة نجدهم يعقدون صفقات سياسية وأخرى نجد ملاحقات أمنية لقيادات إخوانية، ومابين الحالتين حاول الإخوان، جاهدين للوصول إلى أمريكا، لتقديم فرائض الطاعة والولاء، وبعد نجاح مساعيهم جثموا على السلطة، مستغلين فرصة الثورة؛ لكن الجماعات الإسلامية تعملت الدرس ولن تلعب  دور الضحية مجددا، وعليه قررت تنفيذ مخططهم بشكل فردى، عقب قيام مرسى ومعاونية بالتلويح بوجود جماعات متطرفة تنتمى لتنظيم القاعدة بمصر، وأنه يحاول جاهدًا ملاحقتها، فى تكرار واضح لمشهد استخدام الإسلاميين كفزاعة للتقرب من أمريكا للإبقاء فى منصبه كرئيس للبلاد.

الناسط السياسي " س . ك "، يؤكد أن كل القبائل السيناوية يعلمون جيدًا ما دار فى جلسات المهندس خيرت الشاطر النائب الأول لمكتب إرشاد الجماعة  وعماد عبدالغفور مستشار الرئيس لتجييش عناصر الجماعات الجهادية المتطرفة فى سيناء، ليكونوا سيفهم البتار للقضاء على هيبة الجيش على الحدود الشرقية متأخمة الحدود مع الجانب المحتل من العدو الصهيونى، وفرض سيطرتهم وفق الاتفاق الإخوانى الجهادي المتطرف بمشاركة حمساوية، وذلك بتحويل سيناء إلى إمارة جهادية، لتسع سكان القطاع المحتل، بعد أن ضاقت أراضيهم بأهلها.

وبدل من أن تتجه الإخوان وحماس إلى حل القضية الفلسطينية توصلوا لاتفاق يرضى السيادة الأمريكية – كفيلتهم فى المنطقة – للحفاظ على أمن إسرائيل واستقرارها غير مبالين بخطورة التغاضى عن الإرادة السياسية المتمثلة فى الجيش والشعب المصري.

التحدى الحقيقى الذى تصدت له المؤسسة العسكرية، جاء عقب انتشار الأعلام السوداء على مبان مديرية الأمن، بعد أن تأكدوا أن الجماعات المتطرفة تريد توصيل رسالة أن عقد استقطاع سيناء من مصر الذى تم بين الجهاديين التكفيريين ورموز النظام الإسلامى ساري، وأنهم بانتظار الفرصة المناسبة هو العائق، وما كان من القيادة العامة للقوات المسلحة، إلى أن بسطت سيطرتها كاملة على أراضى سيناء، لتحافظ على الرمال المصرية.

وهنا اتضح عجز الشاطر الذى حاول جاهدًا التفاوض مع الفريق أول عبدالفتاح السيسى القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربى لإثنائه عن عمليات هدم الأنفاق التى تسهل تهريب الأسلحة التى تهدد أمن مصر، وسقطت هيبته أمام الجماعات المتطرفة فبدأوا منفردين فى تنفيذ أجندة تحويل سيناء إلى إمارة خاصة بهم معلنين الحرب السياسية والجهادية على جماعة الإخوان المسلمين، متخذين من الجنود المصرية دروع لتحقيق أحلام الإفراج عن سجناء محكوم عليهم بالمؤبد والإعدام.

سذاجة التفكير الإخوانى، حسبما يؤكد الناشط السيناوى، أصرت على استخدام الجهاديين، فبدلا من أن يكونوا حليفا لهم لفرض حكمهم وسيطرتهم، تحولوا إلى  "الكارت الذهبي" الذى تستخدمه الجماعة الإخوانية لإرهاب أمريكا من خلال بث رسائل تؤكد أن نظام الإخوان المسلمين يطارد هو الآخر الجماعة الجهادية التى تؤرق الإدارة الأمريكية، ويتحول الجهاديين إلى " قربان " التقرب من أمريكا وإسرائيل، خصوصا بعد أن تأكدت الجماعة أن مرسى وأعضاء مكتب الإرشاد فقدوا السيطرة والتنسيق مع الجماعات المتطرفة.

الأكثر خطورة- من وجه نظر" الناشط السيناوى "- هو استخدام الشباب المصرى فى الداخلية أو الجيش ككروت لتوصيل رسائلهم إلى الدكتور مرسى- الراعى الرسمى لهؤلاء الخارجين عن القانون فى سيناء- بمعنى إقحام العناصر الأمنية والعسكرية فى اللعبة السياسية القذرة، لتبقى سيناء هى الحلبة التى تشهد تصارع القوى الاسلامية وانقلاباتهم الدموية ومسرح عمليات يحصد مقاتلي الجيش وضباط الشرطة.

صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية أوردت خبر قيام وزارة الداخلية المصرية بالقبض على الخلية الإرهابية التى كانت تخطط لتفجير أحد السفارات الأجنبية، مشيرة إلى أن " مسؤلا غربيا- رفضت تسميته- أكد أن السفارة المستهدفة التى رفضت الداخلية المصرية الكشف عنها هى السفارة الأمريكية بالقاهرة.

وبحسب المسئول الغربى فإن المسئولين المصريين أخبروا نظراءهم الأمريكين، أن السفارة الأمريكية كانت هدف الخلية الارهابية، وعلقت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جينفر بساكى على الخبر قائلة: " نحن لا نناقش تفاصيل عملياتنا او التبادلات التى نقوم بها مع مسئولين أجانب، "وبالطبع ربطت الصحيفة بين الفراغ الامنى المتعمد فى مصر ومقتل جنود رفح على الحدود المصرية بأيدى متطرفيين جهاديين، وبين تهديد أمن السفارة الأمريكية بواسطة جهاديين متطرفين.

الخبير الاستراتيجى جمال مظلوم يقول: قراءة خلفيات هذا الخبر تعنى تطاولا واضحا وتلميحا غير مقبول من الجانب الأمريكي على السيادة المصرية فى أرضها، مستغلين فى ذلك عدم اكتمال هيكلة وزارة الداخلية وانشغال وزارة الدفاع بتأمين المناطق الحدودية وسيناء، وعودة رجالها إلى ثكناتهم لاستعادة كفاءتهم القتالية.

والمتابع للاجتماع الأخير لجون كيرى، وزيرالخارجية الأمريكي، بالفريق أول عبدالفتاح السيسى القائد العام للقوات المسلحة، يلاحظ طلب واشنطن بإمداد مصر بقوات لتحافظ على الأمن بنية مساعدة القوات المسلحة فى توفير الأمن على الحدود، ما يكتشف النوايا المبيتة لمحاولات إدخال قوات أجنبية إلى الأراضى المصرية، متخذين من انتشار الجهاديين بمصر ذريعة لذلك، الأمر الذى أجهضه السيسى بأن حول كفة الحديث إلى ضرورة الانتهاء من صفقات السلاح المتأخرة المقرر أن ينفذها البنتاجون لصالح مصر، لتتمكن من فرض مزيد من السيطرة الأمنية.

فيما أكد اللواء عاصم الجنيدى ، الخبير الأمني، أن الإخوان يستخدمون الجهاديين لتجميل وجوههم أمام أمريكا، لكن الجهاديين بدأوا يردون بأشكال مختلفة، ذلك لأن اعترافات الخلية الإرهابية تؤكد وجود مجموعات أخرى ستقوم بعمليات تخريبية من خلال تفجير" سيارات عن بعد " فى مناطق مختلفة، الأمر الذى يشير إلى تغيير ثقافة الاستشهاد لديهم وتحويلها إلى ثقافة القتل المتعمد لمجموعات كبيرة من السكان، بما يعنى أنهم ينوون تشتيت القوى الأمنية، وإثارة الشارع المصرى وبث الرعب والفزع فى قلوب المصريين وتنفيذ أجندة الاتفاقات المبرمة بينهم وبين الإخوان المسلمين بأنفسهم دون انتظار الرئيس مرسى الذى حاول مؤخرا استخدامهم للحصول على دعم أمريكي للبقاء فى منصبه.

مصادر مطلعة أكدت أن الجيش لن يقبل بأن تكون سيناء مسرحا لتصفية الخلافات بين مؤسسة الرئاسة والجماعات الإسلامية، ولن تسمح بأن يدفع المصريون ثمن التفاوضات التى أجراها قيادات إخوانية مع المسلحيين التخربيبن فى سيناء وستلاحقهم، مشيرًا إلى أن توقف عمليات ملاحقة الجهاديين المسلحين كانت بأوامر من الرئيس مرسى شخصيا دون إبداء أسباب .

وشددت المصادر على أن تربيطات مرسى مع التيارات الإسلامية المتطرفة، تحاول أن تعيد مشهد إقالة المشير محمد حسين طنطاوى الذى تم الإطاحة به؛ بسبب تدبير حادث استشهاد 16 مجندا على الحدود المصرية الفلسطينية فى رفح، وتناسى أن تحركات الجيش كفيلة بتصحيح الأوضاع فى أقل من نصف ساعة لتجنب تنفيذ مآرب شيطانية تتبع مخططات إخوانية بتفتيت الجيش وبناء دولتهم.

وتابعت المصادر: إن قيادات الجيش قادرة على ردع الخارجين عن القانون دون انتظار أوامر من أحد؛ لكن تحركاتهم لابد أن تتسم بالهدوء والتروى لتجنب إراقة أرواح الأبرياء فى المدن الحدودية، توخى الحذر لتجنب اقتتال المصريين لأن الدماء المصرية غالية.

ولفت إلى أن تصريحات الفريق السيسى الذي أكد فيها أنه "لا يستطيع أن يقابل الله بدماء المصريين"، وأن التحركات الحثيثة التى يقوم بها الجيش تخضع لحسابات كثيرة أهمها ضمان سلامة واستقرار المواطن المصرى فى بيته، تجنبا لزهق أرواح الأبرياء غير المهتمين بالقضايا السياسية والتى لا تعنيهم اختلافات المصالح بين التيارات الإسلامية المختلفة.

تصفح جريدة الدستور اليوم الخميس 16/5/213 بصيغة pdf