رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من «العلم والإيمان» إلى «الشفاعة».. محطات في حياة مصطفى محمود

مصطفى محمود
مصطفى محمود

الفيلسوف الطبيب، هكذا وُصف الدكتور مصطفى محمود، الذي ذاع صيته لدى المصريين خاصة عندما قدّم برنامج «العلم والإيمان»، ويمتد نسبه إلى الأشراف، وينتهي إلى علي زين العابدين.

في السطور التالية نعرض لكم محطات من حياة الرجل الفيلسوف، الذي يوافق اليوم ذكرى ميلاده الـ 96...

«برنامج العلم والإيمان»
قدم الدكتور مصطفى محمود 400 حلقة من برنامجه التلفزي الشهير (العلم والإيمان)، وأنشأ عام 1979م مسجده في القاهرة المعروف بـ «مسجد مصطفى محمود»، ويتبعه ثلاثة مراكز طبية تهتم بعلاج ذوي الدخل المحدود، يقصدها الكثير من أبناء مصر نظرًا لسمعتها الطبية، وشكل قوافل للرحمة من ستة عشر طبيبًا، ويضم المركز أربعة مراصد فلكية، ومتحفًا للجيولوجيا، يقوم عليه أساتذة متخصصون، ويضم المتحف مجموعة من الصخور الجرانيتية، والفراشات المحنطة بأشكالها المتنوعة وبعض الكائنات البحرية، والاسم الصحيح للمسجد هو «محمود»؛ إذ أسماه باسم والده.

«وصفه في كليته بالمشرحجي»
ولد في ميت الكرماء بجوار مسجد «المحطة» الشهير الذي يعد أحد مزارات الصوفية الشهيرة في مصر، ما ترك أثره الواضح على أفكاره وتوجهاته، وكان مصطفى متفوقًا في الدراسة، وفي منزل والده أنشأ معملًا صغيرًا يصنع فيه الصابون والمبيدات الحشرية ليقتل بها الحشرات، ثم يقوم بتشريحها، وحين التحق بكلية الطب اشتُهر بـ«المشرحجي»، نظرًا لوقوفه طوال اليوم أمام أجساد الموتى.

«الوجودية»
بعد قراءات عديدة في الفلسفة، قال مصطفي محمود عن الوجودية: «احتاج الأمر إلى ثلاثين سنة من الغرق في الكتب، وآلاف الليالي من الخلوة والتأمل مع النفس، وتقليب الفكر على كل وجه لأقطع الطرق الشائكة، من الله والإنسان إلى لغز الحياة والموت، إلى ما أكتب اليوم على درب اليقين»، ومن بعدها ولمدة ثلاثين عامًا من المعاناة والشك والنفي والإثبات، والبحث عن الله!

قرأ وقتها عن البوذية والبراهمية والزرداشتية ومارس تصوف الهندوس القائم عن وحدة الوجود، والثابت أنه في فترة شكه لم يلحد، فهو لم ينفِ وجود الله بشكل مطلق، ولكنه كان عاجزًا عن إدراكه، وهذه التجربة صنعت منه مفكرًا دينيًّا.

الأزمات
تعرض مصطفى محمود لعدد من الأزمات الفكرية، كان أولها عندما قدم للمحاكمة بسبب كتابه «الله والإنسان» وطلب عبد الناصر بنفسه تقديمه للمحاكمة بناء على طلب الأزهر باعتبارها قضية كفر، إلا أن المحكمة اكتفت بمصادرة الكتاب، بعد ذلك أبلغه الرئيس السادات أنه معجب بالكتاب وقرر طبعه مرة أخرى، وكان محمود صديقًا شخصيًّا للرئيس السادات، ولم يحزن على أحد مثلما حزن على مصرعه، يقول في ذلك: «كيف لمسلمين أن يقتلوا رجلًا رد مظالم كثيرة وأتى بالنصر وساعد الجماعات الإسلامية ومع ذلك قتلوه بأيديهم».

أشهر أزمة له هى أزمة كتاب الشفاعة «أي شفاعة رسول الإسلام محمد في إخراج العصاة من المسلمين من النار وإدخالهم الجنة» عندما قال إن الشفاعة الحقيقية غير التي يروج لها علماء الحديث وأن الشفاعة بمفهومها المعروف أشبه بنوع من الواسطة والاتكالية على شفاعة النبى محمد وعدم العمل والاجتهاد أو أنها تعنى تغييرًا لحكم الله في هؤلاء المذنبين وأن الله الأرحم بعبيده والأعلم بما يستحقونه، وقتها هوجم الرجل بألسنة حادة وصدر 14 كتابًا للرد عليه على رأسها كتاب الدكتور محمد فؤاد شاكر أستاذ الشريعة الإسلامية، واتهموه بأنه مجرد طبيب لا علاقة له بالعلم الدينى.

وفاته
اعتزل مصطفي محمود الكتابة وبدأأ ينقطع عن الناس حتى أصابته جلطة، وفي عام 2003 أصبح يعيش منعزلًا وحيدًا، وتوفي الدكتور مصطفى محمود في الساعة السابعة والنصف من صباح السبت 31 أكتوبر 2009.