رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

افتكروهم.. زيارة ودية إلى «عالم ذوى الإعاقة»

الرئيس السيسي مع
الرئيس السيسي مع ذوي الإعاقة

أحمد القاضى - أميرة ممدوح- ولاء جمال -وفاء على -فاطمة مرزوق


تحتل مصر مرتبة متقدمة بين بلدان العالم فى نسبة ذوى الإعاقة من العدد الإجمالى للسكان، التى تتراوح من 10٪ إلى 12% بما يعادل نحو 15 مليون شخص، وفق أحدث تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، فى الوقت الذى تشير فيه تقديرات محلية إلى أن أعدادهم تتراوح ما بين 500 ألف و4 ملايين.


تضارب التقديرات الرسمية لأعداد ذوى الإعاقة أرجعه «المجلس القومى لشئون الإعاقة» إلى اختلاف أنواع الإعاقات ما بين سمعية وبصرية وحركية وذهنية. وبين واقع صعب وطموحات وأهداف تبدو «بعيدة المنال» لا يزال ذوو الاحتياجات الخاصة -أيا كان عددهم- يقبعون تحت وطأة ظروف قاسية تسلبهم أبسط حقوقهم، ويعانون الإهمال والتهميش على مختلف الأصعدة التعليمية والصحية والعملية وغيرها، الأمر الذى دفع «الدستور» للتحقيق فى أوجاع ومعاناة «الموجوعين» بالإعاقة والتهميش والتعدى على حقوقهم.


رئيس «القومى للإعاقة»: نواجه صعوبات فى التعليم والصحة والعمل

داخل واحدة من أهم قلاع ذوى الاحتياجات الخاصة فى مصر، تحدث الدكتور أشرف مرعى، رئيس المجلس القومى للإعاقة، عن المشكلات التى تواجه المعاقين على مختلف الأصعدة، موجهًا سهام انتقاداته لعدة أطراف لتقاعسها عن أداء واجبها تجاه فئة كبيرة من المواطنين تحتاج إلى قدر كبير من الرعاية والاهتمام.


وقال «مرعى»، فى حواره مع «الدستور»، إن القانون الجديد الخاص بذوى الاحتياجات يتضمن عقوبات حاسمة ضد جهة العمل التى لا تحسن معاملتها لهم، وشدد على ضرورة توفير أماكن خاصة بهم داخل كل وسيلة مواصلات.


■ بداية.. كم يبلغ تعداد ذوى الإعاقة فى مصر؟

- الإحصائيات الخاصة بأعداد المعاقين ليست دقيقة، فهناك من يمتنع من الأهالى عن الإدلاء بأى بيانات تفيد بإصابة ذويهم بأى أنواع من الإعاقات خوفا من نظرة المجتمع لهم.


■ لماذا يشكو ذوو الإعاقة من عدم توفير فرص عمل لهم؟

- فرص العمل مشكلة تواجه الكثير من شباب المجتمع المصرى وليس المعاقين فقط، لكن معدلاتها ترتفع مع ذوى الإعاقة، لأنهم لا يمتلكون بعض المهارات، بالاضافة لاعتقاد البعض أنهم لا يستطيعون أداء أعمالهم، وبرغم من أن الدولة تنظم دورات تنمية بشرية بمشاركة العديد من شباب المجتمع لتنمية مهاراتهم، لكنها تغفل مشاركة شباب ذوى الإعاقة، فهى عليها دور فى تفعيل دورهم فى المجتمع.


■ وماذا عن عملهم فى الوظائف الحكومية؟

- عمل ذوى الإعاقة الحكومى قليل ولا يتخطى 5% طبقًا للقانون، فالحكومة تعرض وظائفها الشاغرة مرتين فى العام، لذلك نحاول استيفاء هذة النسبة، أما القطاع الخاص فلا يمتلك الوعى الكافى لتعيين ذوى الإعاقة، ومعظم الشركات لا تحسن معاملتهم نتيجة ثقافتهم الخاطئة، لكن هناك أيضا دورا على الشباب المعاق فى تسليح أنفسهم بالثقافة والمهارات وتعلم الكمبيوتر واللغات.


■ كيف يمكن للقطاع الخاص أن يلعب دورًا فى توفير فرص عمل للمعاقين؟

- هو يلعب بالفعل دورًا لا يمكن إغفاله أو إنكاره، وتم عقد ملتقى لتوظيف شباب ذوى الإعاقة فى القاهرة بمشاركة 50 شركة من القطاع الخاص لعرض فرص العمل على الشباب المعاق.


■ ما رأيك فى قانون ذوى الإعاقة الجديد؟

- القانون الجديد به عقوبات حاسمة تجاه جهة العمل التى لا تحسن معاملة ذوى الإعاقة، بالإضافة إلى أنه سيضم بندا تحفيزيا لمن يوفر فرص عمل تفوق النسبة المحددة للمعاقين، وأعتقد أنه يستجيب للعديد من مطالب ذوى الإعاقة.


■ ما مدى استجابة الحكومة لمطالبكم؟

- الحكومة توفر ما فى استطاعتها، ومؤخرًا وافق ووزير الاسكان، المهندس مصطفى مدبولى، على تخصيص 5% من مشروعات الوزارة من إسكان ومحال وأراضٍ ومدافن لذوى الاعاقة.


■ هل يمكن تخصيص أماكن لذوى الإعاقة داخل وسائل المواصلات؟

- للأسف لا توجد أماكن لذوى الإعاقة داخل وسائل النقل، وبعض الأشخاص يواجهون صعوبة فى التنقل، لذلك لابد من توفير أماكن لهم داخل كل وسيلة مواصلات.


المجلس القومى نجح فى إقامة رافعة هيدروليكية للمعاقين بسعر مخفض بمعدات محلية يتم تركيبها داخل كل سيارة، وهو ما طبقه المجلس كنموذج فى «الميكروباصات» الخاصة به، وقدمنا المقترح لوزارة الإنتاج الحربى لبدء تصنيعها بجودة عالية، وفقًا للأعداد والأماكن المخصصة، سواء سيارات سياحية أو مدرسية أو غيرها.


■ كيف تتم مواجهة المشاكل التى يتعرض لها ذوو الإعاقة فى التعليم؟

- هناك جهد مبذول لتطوير نظم الدمج فى المدارس، وشاركنا فى ورشة عمل موسعة للتعليم قبل الجامعى ضمت أطرافا من العملية التعليمية، وشاركت فيها وزارة التعليم وعدد من أولياء الأمور بالإضافة لبعض الهيئات الدولية وخبراء جامعات وأعضاء لجنة التعليم فى البرلمان، وطرحنا المشاكل التى تواجه طلاب ذوى الإعاقة، وتم وضع بعض الحلول التى لابد من تنفيذها الفترة المقبلة.


■ هل هناك نقص فى توفير الخدمات الصحية لهم؟

- بالفعل بعض الخدمات متوفرة فى أماكن بعيدة عن المعاق وأحيانا تكون فى محافظة أخرى، لذلك لابد أن تتوافر له وسيلة لنقله من مكان لآخر، بالإضافة إلى ضرورة تحسين الخدمة المقدمة له فى العلاج، علاوة على توفير الكشف والوقاية وإجراء توعية لجميع المواطنين لمنع حدوث إعاقة للأطفال.


■ وماذا عن مشاكل المعاقين داخل السجون؟

- تدرب وزارة الداخلية حاليا أبناءها على لغة الإشارة لتحديد كيفية التعامل مع ذوى الإعاقة، بالإضافة إلى أن بعض السجون الجديدة سيتم فيها إنشاء أماكن للمعاقين لتكون مناسبة لهم، وحتى تكون أكثر ملاءمة لحالتهم الصحية، فالشخص المعاق لابد أن تكون معاملته مختلفة وفقا لحالته وظروفه الصحية، خاصة أن بعضهم يتعرض لانتهاك من المسجونين، وبالتالى تكون عقوبته مضاعفة، وقد يؤدى ذلك إلى تدهور حالته الصحية، فضلا عن ضرورة وجود مساعدة للمكفوفين حال إجراء تحقيقات معهم.


«الإحصاء»: لدينا نصف مليون.. واستمارات لحصر أعدادهم فى التعداد الجديد

كشف التعداد السكانى عام 2016، الذى أجراه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، عن بلوغ أعداد المعاقين فى مصر نحو 474 ألفًا و949 فردًا معاقًا، وكانت أعلى نسبة إعاقة للتخلف الذهنى 22.4%، تليها الإصابة بشلل جزئى أو كلى 14.8%، وشلل الأطفال 13.1% والصم والبكم أو أحدهما 12.7%، وفقد البصر 9.4%، وفقد إحدى العينين 4%، وفقد إحدى اليدين أو كلتيهما 2.3%، وفقدى إحدى الساقين أو كلتيهما 3.7%.

ولم تقتصر أنواع الإعاقات على الملتحقين الجدد بالعمل فى أى من القطاعات العام أو الخاص أو الحكومى، وإنما امتدت أيضًا لمن أصيب بنوع من الإعاقة أثناء تأدية الخدمة تحت بند «إصابات العمل».


وفيما يخص مدارس التربية الخاصة، أوضح الجهاز، أن إجمالى أعداد تلك المدارس بلغ 939 مدرسة بالتربية والتعليم تنقسم بين 922 مدرسة حكومية و17 قطاع خاص، يدرس بها 38.1 ألف تلميذ بالتربية الخاصة بنسبة 0.2 % من إجمالى المراحل التعليمية عام 2015- 2016، بينما لا توجد تربية خاصة بالأزهر، ويعمل نحو 9.7 ألف مدرس بتلك المدارس.


 من جهته، قال المهندس أشرف عبدالحفيظ، مدير برنامج قواعد البيانات بوزارة التخطيط، إن هناك تعاونًا مشتركًا مع وزارة التضامن الاجتماعى، لتوفير قاعدة بيانات دقيقة حول أعداد المعاقين فى مصر، مصنفة جغرافيًا وفقًا للنوع ودرجة الإعاقة والفئة العمرية، مشيرًا إلى أنه يجرى العمل حاليًا على إعداد استمارات الحصر، وكذلك التنسيق مع القومسيون الطبى بوزارة الصحة للتحقق من البيانات المتعلقة بالحالة الصحية للأشخاص ذوى الإعاقة.


ولفت «عبدالحفيظ»، إلى أن عملية الحصر ستتم وفق آليتين إحداهما تجرى إلكترونيا من خلال إتاحة الفرصة أمام ذوى الاحتياجات الخاصة أو ذويهم لتسجيل البيانات الخاصة بهم عبر موقع إلكترونى سيتم الإعلان عنه لاحقًا على أن يتم تقديم المستندات التى تثبت درجة ونوع الإعاقة إلى الجهات المختصة، وآلية أخرى تتضمن الدفع بفريق يمر على الوحدات السكنية لتسجيل بياناتهم. ويعد التعداد العام للسكان والإسكان والمنشآت للعام الجارى 2017، الذى يجريه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء على 3 مراحل- بدأت الأولى مطلع فبراير الماضى وحتى يونيو المقبل- فرصة أخرى لحصر ذوى الاحتياجات الخاصة بشكل دقيق.


وقال عبدالحميد شرف الدين، المدير التنفيذى للتعداد بالجهاز، إن الجهاز يستهدف إعلان مؤشرات دقيقة عن أعداد ذوى الاحتياجات الخاصة وأوضاعهم داخل المجتمع وتوزيعهم على مستوى محافظات الجمهورية، فور الانتهاء من الأعمال الميدانية للتعداد وتحليل البيانات المجمعة.


وذكر أن مرحلة جمع بيانات ذوى الاحتياجات الخاصة بدأت فى 10 أبريل الجارى مع انطلاق المرحلة الثانية من التعداد والمتعلقة بعدّ السكان، وسيتم استخدام استمارتين إحداهما مطولة وأخرى قصيرة، تجرى الأولى على 10% فقط من المجتمع وتتضمن ورقة الاستمارة سؤالًا عن الصعوبات المتعلقة بالرؤية والسمع والتذكر والحركة وغيرها من الصعوبات الست المحددة فى ميثاق الأمم المتحدة.


وأشار إلى أن المسح سيغطى 2.5 مليون أسرة على مستوى الجمهورية كعينة ممثلة عن المجتمع المصرى بمختلف فئاته وتنوعاته خلال المرحلة الثانية من التعداد، وسيتم التوصل من خلالها إلى مؤشرات دقيقة تعبر عن واقع ذوى الاحتياجات بشكل يمكن متخذى القرار من وضع تصور لما يحتاجونه من خدمات الفترة المقبلة.


وقال إن العقبة الأبرز أمام فريق التعداد فى جمع بيانات ذوى الاحتياجات الخاصة تتمثل فى امتناع شريحة عريضة من الأسر عن الإدلاء ببيانات تتعلق بإصابة أحد أفرادها بأى أنواع من الإعاقة لاعتبارات عدة، وهو ما اتضح من قبل فى تعداد 2006 ومن بعده مسح أجراه الجهاز بالتعاون مع المجلس القومى للإعاقة على محافظة المنوفية لم يسفر عن بيانات تمثل الواقع الفعلى بسبب إخفاء الأسر بيانات ذويهم.


حكايات أبطال هزموا الإعاقة بالرقص والمزيكا والأغانى

يجلسون فى تناغم مقصود، يتبادلون أحاديث لا يفهمها سواهم، يطلون بوجههم الملائكى على كل شخص يتحدث إليهم، يرسلون إليه ابتسامات طفولية بريئة لا تعرف سوى الحب، بمجرد أن يأتى دورهم للصعود على خشبة المسرح يهرولون مسرعين، ويقفون إلى جوار بعضهم، الإناث فى المقدمة والذكور خلفهم، يستهلون حفلتهم بالنشيد الوطنى «نعيش لمصر ونموت لمصر، مصر، مصر تحيا مصر»، فيتعالى التصفيق الممزوج بالضحك ليعلن مدرب الفرقة عن أول مطرب فى حفل العيد القومى لمحافظة الجيزة.


«حسن سيد على» صاحب الـ23 عامًا، لديه حضور فريد من نوعه على المسرح، يغنى بتلقائية شديدة، ويبث روح التفاؤل والسعادة فى قلوب مستمعيه منذ أول وهلة، يقف على خشبة المسرح والابتسامة على وجهه يحتضن «المايك» بكفيه، بالتزامن مع بدء موسيقى أغنيته المفضلة «حلوين من يومنا والله وقلوبنا كويسة»، فيبدو كنجم لامع فى سماء الفن ينتظره جمهوره فى لهفة وشوق، يقول: «معايا إعدادية، وأمى اللى شجعتنى أدخل الفرقة وأغنى، وأستاذ عادل اللى علمنى الغنا وحببنى فيه».


«يا حلو صبح، حلوين من يومنا والله، أجيال ورا أجيال، سهر الليالى» الأغانى المفضلة لدى «حسن» التى حفظها عن ظهر قلب منذ التحاقه بالفرقة.


تؤكد والدته أن الغناء صار كل شىء فى حياة ابنها والمصدر الأول لسعادته: «حسن عنده متلازمة داون، والحمد لله قدر يتغلب على إعاقته ويعيش حياته زى أى إنسان سوى».

تطل «ماجدة إبراهيم» التى عشقت منذ بداية مشوارها الغنائى الأغانى القديمة، تقف وسط أصدقائها على المسرح تتمايل كالفراشة وتغنى بأعلى صوتها.


تقول: «أنا فى أولى إعدادى، وأستاذ عادل اللى علمنى أغنى، بحب أغنية مانتش قد الحب يا قلبى، وسلمولى على مصر، وأما براوة، وأجيال، وسهر الليالى ودى الأغانى اللى مش بحب أغنى غيرها، بحب أصحابى وأستاذ عادل وميس نادية وبحب مصر».


تقف إلى جوارها «سهى عزالدين» ذات الـ20 عامًا، التى عرفت بتألقها الشديد فى أغنية «العمدة»، تقول: «أستاذ عادل قالى مغنيش غيرها عشان بقولها حلو وحفظاها كويس».


يلتقط منها أطراف الحديث والد الشاب «مصطفى أحمد عثمان»، الذى أكد أن ابنه بدأ مع الفرقة من نقطة الصفر ثم وصل إلى مرحلة متطورة جعلته مثل الأسوياء: «مصطفى ابنى الوحيد وعنده 18 سنة وإعاقته ذهنية عمرى ما توقعت إنه يعرف يغنى وبقى يعرف يتكلم ويفهم المعانى والمواضيع كلها».


بينما تعددت مواهب «محمد مصطفى»، الذى حصد 3 ميداليات فى كرة السلة، فى نادى «ياسمينا» الرياضى، ثم التحق بنادى شباب الجزيرة، تقول والدته: «معايا ولد وبنت وهو آخر العنقود، لما اتعلم الغنا بقى شجاع وصوته على، ولأنه مصاب بمتلازمة داون بيكون فيه صعوبة فى التعامل معاه، لكن لما حب الفرقة اتعلم كل حاجة معاهم بسرعة، بتمنى إن الدولة تدعم المعاقين بمعاش وشقق وتبصلهم ويكون فيه اهتمام من وزارة الثقافة بمواهبهم».


أحمد خيرى.. عازف «أورج» على أنغام «العندليب» و«الست»

على الجانب الأيسر من خشبة المسرح، يجلس «أحمد خيرى» يعزف بأصابعه الرقيقة على «الأورج» ويصوب وجهه مبتسمًا تجاه الفرقة، ليراقب تحركاتهم وغناءهم، ما ينم عن حفظه الجيد للألحان، مرتديًا نظارة وبدلة سوداء تمنحه قدرا عاليا من الوقار.


 لدى «أحمد» 20 عامًا، أنهى دراسته بمدرسة التربية الفكرية، وتفرغ لفرقة «كورال مصر» حيث بدأ مشواره فى العزف على «البيانو» برفقتها منذ عامين: «خلصت الامتحانات ونجحتوبحب أعزف على الأورج أغانى عبدالحليم وأم كلثوم أكتر حاجة، وأغانى محمد عبدالوهاب». يؤكد والد محمد أنه واجه صعوبة فى البداية، إلا أنه تعلم مهمة كل زر فى «الأورج»، وبدأ يحفظ الألحان عن ظهر قلب: «أستاذ عادل حفظه الألحان وبقى يدربه كتير لحد ما تميز فى العزف على الأورج وعلمه الصوابع اسمها إيه لحد ما بقى يطلع الألحان لوحده».


 يؤكد الشاب العشرينى أنه خاف من الفشل فى البداية، لكن دعم والديه الدائم له كان يشعره بالاطمئنان ومنحه ثقة كبيرة فى نفسه، يستكمل حديثه متحفزًا وحين يتعثر لسانه وينسى ما كان يجب أن يقول، يقترب منه مدرب الفرقة ليساعده على التذكر قائلاً: «قول على مهلك يا أحمد بتحب تعزف أغانى مين تانى؟»، وبعد صمت قصير سارع قائلا: «بحب أعزف أغانى محمد عبدالوهاب وبلعبها حلو على الأورج»، تهللت أسارير «أحمد» بمجرد أن تذكر ما كان يريد قوله، وقال: «أنا بحب أعزف وببقى فرحان وأنا مع كورال مصر»، ثم عاود الجلوس إلى جوار أصدقائه كى يستعدوا للصعود على المسرح لإحياء الحفل.


أحمد باهر.. غمض عينيك وارقص بخفة ودلع

بخفة كبيرة يرقص أحمد باهر رغم جسده القوى، يتناغم مع بقية الراقصين على الموسيقى، يؤدون رقصة تمثيلية استعراضية، تبرز ما فى نفس ذوى الاحتياجات الخاصة.

الشاب صاحب الـ17 عامًا شارك فى مهرجان «دى كاف» من خلال مؤسسة «زيى زيك»، المعنية بدمج ذوى الاحتياجات الخاصة مع المجتمع، حسبما توضح والدته: «تم ترشيح أحمد للمشاركة فى العروض الراقصة فى المهرجان، رغم إننا كنا عايزينه يركز على الموسيقى، لأننا كنا نعتقد إنه هيأدى فيها بشكل أفضل، بس فى النهاية وافقنا إنه يشترك فى عرض الرقص، لأننا كنا عايزينه يندمج أكتر مع الناس ويمارس أنشطة مختلفة».


المشاركة الأولى لـ«أحمد» أبهرت الجميع، فهو يتعلم الرقصات بسرعة مذهلة، ويؤدى كل الحركات بكل طاقته وجهده، حتى إنه أضاف حركة من إبداعه للرقصة، أجبرت مخرج الرقصة على أن يضيفها للاستعراض، يقول أحمد: «كنت مبسوط وأنا برقص، ومكنتش خايف من حاجة».


رغم قصر الفترة ما بين التدريب الأول والعرض النهائى فى الشارع، إلا أن «أحمد» أبهر الحضور بطاقته واندماجه فى الاستعراض، وظهرت سعادته عندما حيّته الجماهير فى الشارع: «نفسى أشارك فى عروض تانى، ولو فيه مهرجان هشارك على طول».


محمود مجدى.. الراقص على الكرسى المتحرك

على كرسيه المتحرك جلس «محمود مجدى» يؤدى بيديه حركات تتماشى مع الاستعراض الجماعى، فتارة يرقص بيد واحدة فيما تتحكم الأخرى فى الكرسى، وتارة أخرى يرقص بكلتا يديه تاركا كرسيه يتحرك بأيدى الراقصين الآخرين. يحكى الرجل الثلاثينى عن رحلته فى المشاركة فى تلك النوعية من المهرجانات الراقصة، فقد شارك فى عروض «دى كاف» العام الماضى، ويشارك للمرة الثانية من أجل رسالة واحدة، وهى تشجيع ذوى الاحتياجات الخاصة على الشجاعة وعدم الخوف من الظهور والاندماج مع المجتمع بشكل طبيعى.


«انطلق ارقص غنى وعبر عن نفسك بمنتهى الحرية، متخافش من نظرات الناس ولا طريقة تفكيرهم».. رسالة يبعث بها «مجدى» إلى ذوى الاحتياجات الخاصة، من خلال مشاركته للمرة الثانية فى عروض الرقص فى الأماكن العامة: «دى تانى مرة أشارك فى عروض مهرجان دى كاف، السنة اللى فاتت الموضوع كان صعب بالنسبة لى إنى أخرج الشارع وأعمل عرض قدام الناس، لكن اتشجعت ونفذت أول عرض، واتكسر الحاجز اللى بينى وبين الناس».


مريم نعيم.. فارسة وسباحة و«باليرينا»

عمرها لم يتجاوز الـ 18 عامًا، لكن إنجازاتها كبيرة على مستوى الفنون والرياضات، فقد حصدت ميداليات فى الفروسية والسباحة، وتألقت فى عروض الباليه.. هى «مريم نعيم» الفتاة المصابة بـ«متلازمة داون»، وتدرس فى إحدى مدارس الدمج، وتشارك فى عرض الرقص فى الأماكن العامة بمهرجان «دى كاف».


تقول والدة الفتاة، إن ابنتها انضمت إلى العرض الراقص منذ أسبوعين فقط، لكنها اندمجت بسرعة شديدة وأدت العرض بشكل رائع، مستفيدة من خبراتها فى ممارسة الباليه: «بدأنا التدريبات فى الجامعة الأمريكية من أسبوعين، بيتعلموا تمثيل تعبير لذوى الاحتياجات الخاصة، لأنه ممكن يكون عنده قصور فى الكلام أو مش قادر يعبر عن نفسه بالنطق بشكل جيد، فبتبقى وسيلة كويسة إنه يعبر عن اللى جواه بالتمثيل».


تقول «مريم» إنها كانت سعيدة عندما رأت التفاعل الكبير من قبل الجمهور مع أدائها فى الاستعراض، ولم تشعر أن هناك فرقا بينها وبين الأطفال العاديين المشاركين معها.

 

الأستاذ عادل.. كون الفرقة منذ عامين.. وتطوع لاكتشاف المواهب

أسروا قلبه من أول وهلة، وأتاح له عمله بالهيئة العامة لقصور الثقافة رؤيتهم، التقوا فى رحاب جمعية مرضى شلل الأطفال، هنا اختارهم وقرر اكتشاف مواهبهم، علمهم كيف يتحدون إعاقتهم وكيف يحيون مثل الأسوياء، يغنون ويرقصون ويقضون أوقاتا سعيدة سويًا، هو «عادل مدبولى» مؤسس فرقة «كورال مصر» قبل عامين، والمعروف بين الأطفال باسم «الأستاذ عادل».


يقول «عادل»، مؤسس ومدرب فرقة «كورال مصر»، إنه بدأ معهم بتدريب مكثف حتى وصلوا إلى مرحلة متميزة اتاحت لهم المشاركة فى الحفلات مبكراً: «كلهم معاقون ذهنيًا، الأول واجهت صعوبة معاهم لأن مكنش فيه حروف بينطقوها خالص، وحروف مخارجهم مش مظبوطة وحروف بتتنطق غلط، وكان فى خجل منهم لأنهم كانوا منعزلين عن العالم، لما اتعلموا الغناء حياتهم اختلفت وبقوا اجتماعيين وبيحبوا الناس، الأول شفت كل واحد متميز فى إيه وبدأت أدربه».


ويضيف: «شاركنا فى المهرجان المصرى العربى الإفريقى وكلنا اتكرمنا سفراء فيه بعد العرض اللى عملناه، وبنروح حفلات فى مدارس متنوعة وتبع الثقافة».


تتألف فرقة «كورال مصر» من 22 شابا وفتاة من ذوى الاحتياجات الخاصة، ويشاركون فى 4 حفلات شهريًا، بينما يتضمن تدريبهم يومين خلال الأسبوع: «لو فى ضغط شغل بدربهم 3 أيام فى الأسبوع، والحمد لله بدأت الفرقة بـ22 واحد، وكلهم كملوا معايا للآخر».