رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكرى ثورة 19.. من هو عريان يوسف سعد؟


ولد عريان يوسف سعد فى الخامس والعشرين من مايو عام 1899 فى ميت غمر، ثم جاء إلى القاهرة لمواصلة تعليمه الثانوى فى المدرسة التوفيقية، ونتيجة لتفوقه التحق بكلية الطب.

وعندما صدر أمر الحاكم العسكرى العام البريطانى باعتقال سعد زغلول ورفاقه فى مارس 1919، قام طلبة المدارس العليا بإعلان الإضراب وساروا فى مظاهرات تهتف بحياة سعد زغلول وتنادى بضرورة استقلال مصر وسقوط الحماية، وقد شارك عريان يوسف فى تلك المظاهرات وتم اعتقاله لمدة عشرة أيام بسببها.



عندما تألفت وزارة يوسف وهبة باشا فى 1919 قوبلت بالاستياء العام، إذ كان تأليفها على إثر صدور بلاغ دار الحماية بقرب وصول لجنة ملنر وضرورة التعاون معها. فكان تأليف تلك الوزارة إقرارًا للسياسة البريطانية ومعاونةً لها على تنفيذها، فى وقت ثارت فيه الأمة المصرية ضد هذا البلاغ وضد تلك السياسة، فكان تأليفها تحديًا للأمة.

ونظرًا لكون رئيس الوزارة قبطيًا، فقد استاء الأقباط من موقفه وعقدوا اجتماعًا كبيرًا فى صباح الجمعة 21 نوفمبر فى الكنيسة المرقسية الكبرى برئاسة القمص باسليوس وكيل البطريركية، واتفق الحاضرون على إرسال برقية إلى يوسف وهبة باشا، ووقعها رئيس الاجتماع القمص باسليوس، وكان نص هذه البرقية هو:

«الطائفة القبطية المجتمع منها ما يربو على الألفين فى الكنيسة الكبرى تحتج بشدة على إشاعة قبولكم الوزارة إذ هو قبول للحماية ولمناقشة لجنة ملنر، وهذا يخالف ما أجمعت عليه الأمة المصرية من طلب الاستقلال التام، ومقاطعة اللجنة، فنستحلفكم بالوطن المقدس وبذكرى أجدادنا العظام أن تمتنعوا عن قبول هذا المنصب الشائن».

وفى منتصف الساعة العاشرة صباح يوم الخامس عشر من ديسمبر 1919 عندما كان يوسف وهبة باشا رئيس الوزراء فى سيارته قاصدًا ديوان المالية، وأثناء مروره فى شارع سليمان باشا قبالة النادى الإيطالى، ألقى عليه أحد الشبان قنبلتين انفجرتا ولكنهما لم تصيبا السيارة، ولم يصب يوسف وهبة باشا بسوء، وتم إلقاء القبض على الشاب، فتبين أنه طالب قبطى بكلية الطب وهو عريان يوسف، وقد اعترف بأنه كان يريد- كقبطى-اغتيال رئيس الوزراء، عميل الاستعمار، حتى لا يُدان المسلمون ويقال إن الدافع للقتل دينى، ومن ثم يتم تشويه الحركة الوطنية وضربها كما يريد الاحتلال.

وتمت محاكمة عريان يوسف أمام محكمة عسكرية إنجليزية، وحكم عليه بالأشغال الشاقة عشر سنوات، ثم تم الإفراج عنه ضمن من شملهم العفو فى عهد وزارة سعد باشا.

بعد خروجه من سجن طرة فى عام 1923 لم يتمكن من العودة إلى الجامعة لاستكمال تعليمه بسبب نشاطه السياسى السابق، فتم تعيينه فى مجلس الشيوخ وظل يعمل به حتى الخمسينيات عندما افتتحت جامعة الدول العربية أول مكتب لمقاطعة إسرائيل فى دمشق، فانتقل عريان يوسف للعمل فى هذا المكتب، وقبل سفره لدمشق حصل على لقب «بك» فى عام 1951، واستمر بدمشق حتى عام 1957، ثم عاد إلى القاهرة وواصل العمل مع جامعة الدول العربية.

إن ثورة 1919 هى، بحق، الثورة الشعبية الكبرى فى تاريخ مصر، هذه الثورة التى عبر عنها توفيق الحكيم فى رائعته المسرحية «عودة الروح»، لأن الروح المصرية قد عادت بالفعل مع الثورة، حيث تجسد المفهوم الحقيقى للمواطنة المصرية. ولذلك اخترنا قصة «عريان سعد» لتعبر عن بطولة هذا الشاب الأفندى القبطى وتضحيته بنفسه فى سبيل وحدة الأمة.