رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الصحفيون والنموذج الديمقراطى


واقترب المشهد الإعلامى من استكمال أوراقه وترتيباته بانتهاء انتخابات نقابة الصحفيين، وانتقال المجلس من مرحلة إلى مرحلة جديدة.. نقيب جديد ودماء جديدة فى المجلس على اختلاف انتماءاتها الفكرية والسياسية.. كل ذلك سيؤدى إلى البدء الفعلى فى مرحلة جديدة من العمل النقابى.. لا شك أن النجاح فيها سينعكس حتمًا على منظومة العمل فى الميدان الصحفى الذى ينتظر اللمسة الأخيرة بإصدار تشكيل الهيئة الوطنية للصحافة والتى ستبدأ المنظومة الجديدة من العمل المؤسسى.. هذه اللمسة الأخيرة للمشهد الإعلامى ستضم أيضا المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والذى ينظم لأول مرة العلاقة بين الدولة والإعلام الخاص والذى ينتقل إليه حق إصدار الصحف ومتابعة الأداء المهنى وتطبيق ميثاق الشرف الإعلامى والحفاظ على حقوق الصحفيين والعاملين بالمؤسسات.


اكتمال المشهد الإعلامى يأتى بعد أن قدم الصحفيون نموذجًا لعملية الاختيار الصحيح.. فلأول مرة يجتمع بالنقابة حوالى خمسة آلاف صحفى من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين.. ناصريين ويساريين ومنتمين أو مؤيدين لفكر الإخوان المسلمين..ولكن من حسموا المعركة الانتخابية كانوا وجوها تعود إلى النقابة وتأتى إليها مرة ثانية بعد غياب طويل، وشيوخا للمهنة أتوا رغم كبر سنهم وتحملوا مشقة الوصول للنقابة والصمود طوال اليوم ليس تأييدًا لشخص بعينه.. ولكن ترسيخا لقيم دافعوا عنها..أن يأتى الصحفيــــــون ليختــاروا ممثليهم ويحرصــوا علــى ذلك.. وأن يمر اليوم كاملًا دون مظــــاهرات ولا وقفات على السلالم ولا ميكروفونات ولافتات وإعلام.. أن يأتى هذا الأداء الراقى للعملية الديمقراطية من الصحفيين.. هذا كان أملنا كمواطنين وأن يتم المشهد الانتخابى بهذا الرقى وينتهى بنقيب سابق يتقدم لزميله النقيب الجديد بكل التهنئة.. وأن يتحدث النقيب الجديد عن زميله بكل الاعتزاز والفخر.. يعنى ذلك أن هناك مرحلة جديدة من العمل النقابى الصحفى سوف تبدأ.

تحدثنا هنا فى المقال السابق عن الفائز غدًا (قبل الانتخابات بيوم واحد).. ولم يكن القصد من هو الشخص الفائز.. بل كان القصد من سيفوز بالمعركة الانتخابية، هل الصحفيون الشرفاء أصحاب القلم والمدافعون عن الرأى والحرية أم تأتى تيارات تجيد الصراخ وتنظيم المسيرات والوقفات لتستولى على نقابة من أهم منابر الرأى فى مصر .. وجاءت النتيجة لصالح مصر ولصالح الشعب قبل أن تكون لصالح الصحفيين.. حسمها أبناء مهنة الصحافة بعد أن عادوا إلى مكاتبهم.. وكما حسم المصريون الأمر فى 30 يونيو وأنهوا سيطرة فصيل على الدولة.. جاء الصحفيون الجمعة الماضى ليحسموا الأمر ويحولوا النقابة إلى منبر ديمقراطى حقيقى.

حسم الصحفيون المعركة بعد أن عادوا لنقابتهم.. وهو نموذج يجب أن يحتذى به المصريون فى حياتهم وأن نعود لممارسة حقوقنا وبأسلوب ديمقراطى ... أداء خمسة آلاف صحفى لحقهم الانتخابى بهذا الترتيب والهدوء يحسب أيضا للجنة الإشراف ويحسب للهيئة القضائية المشرفة برئاسة المستشار محمد الدمرداش .. الصحفيون قدموا درسًا لنيل الحقوق والدفاع عنها لعله يكون المنهج فى المرحلة المقبلة.. وأن تتخلص النقابة من وقفات السلالم وتتحول آراء الصحفيين إلى كتابات تدافع عن حقوق الوطن والمواطن وليس بمجرد الاعتراض فقط.. نعم سنفتقد مشهد السلالم واللافتات وميكروفونات عمنا عبدالقدوس.. ولكن سنكسب جيلًا محاربًا بحق من أجل الوطن .

والآن وقد تحقق التغيير لا نتحدث عما يريده الصحفيون.. فالنقيب قدم برنامجًا واختاره الصحفيون.. هو يعرف إذن ماذا يريده زملاؤه من أبناء المهنة.. ولكننا نتحدث عما يريده الشعب من الصحفيين والصحافة. يوجد عشرة آلاف قلم صحفى نقابى.. ومثلهم تحت التدريب، مطالبون اليوم بخلع عباءات الحزبية والانتماءات الفكرية ووضع مشاكل الوطن وهموم أبنائه أمامهم وبحثها بشكل جدى، والدفاع عن حقوق الشعب فيما حدث فى مصر ويحدث هذه الأيام من تغير فى السلوكيات وانتشار لحالات فساد ممنهج ومحاولات لإسقاط الدولة، وما تتعرض له أيضا البلاد من الخارج من مؤامرات ومحاولات لتقزيم مصر أو النيل من مكانتها يجب أن يتصدى له الصحفيون بدراسات وتحقيقات ومقالات وآراء تقود الوطن.

النقيب الجديد والمجلس الجديد والهيئة الجديدة أمامهم تحد كبير.. أن يعود للصحفى مكانه ومكانته وأن تعود للقلم هيبته.. معركة صعبة فى ظروف أصعب.. المهنة تواجه مشاكل فى الطباعة والتوزيع والتراجع الملموس لحجم التوزيع وحجم التأثير للصحيفة المطبوعة.. وأيضا تواجه مشاكل حياتية يعيشها الصحفيون.. فالكثير يعمل فى ظروف حياتية ومهنية صعبة.. آن الوقت لتغييرها.. وكما استطاع الصحفيون تغيير دفة العمل فى نقابتهم.. نثق فى أنهم قادرون على عبور هذه الصعوبات فى مهنتهم، وأيضا العبور بالوطن من المرحلة الصعبة إلى مرحلة أكثر استقرارًا.