رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رسالة الرئيس.. وأمن الوطن


5 مارس2011.. المئات من نشطاء ذلك العصر يساندهم مئات آخرون من الجماعة الإسلامية والتنظيمات الأخرى مدعومين بالآلاف من جماعة الإخوان التى كانت قد سيطرت على الشارع السياسى المصرى فى ذلك الوقت.


الجميع يحاصرون مقار أمن الدولة، التى لم يتم حرقها.. والأهم هو محاصرة «الرمز» مبنى رئاسة جهاز أمن الدولة فى مدينة نصر.. هذا المبنى المحاط بالأسوار والبوابات الإلكترونية ظنوه كنزًا ثمينًا إذا حصلوا عليه سيحققون ما تبقى من أهدافهم.. عندما قادت الإخوان حركة الشارع وأخذت النشطاء معها.. وفى طريقها كانت هناك أهداف محددة أمامهم.. الأول والأهم هو إسقاط الدولة.. فقد سقط النظام ورحل الرئيس إلى شرم الشيخ وتم حل البرلمان بغرفتيه وحل الحزب الوطنى.. وفى المقابل خرجت قياداتهم من السجون وحلت محلهم قيادات النظام السابق، وبدأت رحلة التمكين.. ولكى تكتمل لابد أن يتم هدم باقى الأركان: الداخلية والقضاء والجيش والإعلام، وبدأ تعبير إعادة الهيكلة يتردد على لسان الجميع فى الصحف وعلى الشاشات.

وتحت دعوى إعادة هيكلة الداخلية.. تمت الإطاحة بأفضل القيادات الشرطية بكل خبراتهم عبر سنين طويلة.. وتحت الادعاء نفسه كانت محاولات إلغاء جهاز أمن الدولة وقطاع الأمن المركزى، واستجاب وزير الداخلية فى ذلك الوقت لمحاولات الإخوان ورأينا الضباط الملتحين، ورأينا حالة من الانهيار داخل كل مؤسسات الشرطة.. ولكن كان هناك بعض الضباط من أبناء جهاز أمن الدولة يدركون أن ما سيحدث فى يناير ليس ثورة، ليس بناء وطن، ولكنه هدم دولة وبناء نظام جديد تابع لتنظيم دولى يأمل فى حكم المنطقة بوكلاء له ولأجهزة المخابرات.. وطبقًا لنظم العمل داخل الجهاز تم حفظ جميع المستندات المهمة والتى تحمل خاتم سرى للغاية فى أرشيف بعيدا عن متناول أى محاولات لاقتحام المبانى والفروع .

وعندما توجه «سوكة» تسانده الناشطة الصديقة ومعه الكبير والمناضل وآل الزمر وقيادات الإخوان.. كان همهم البحث عن أرشيفهم.. وكانت الاتصالات والأسئلة هل وجدت ملفى.. يا خاين كنت تعرفها من ورايا.. بعتونى بكام.. هات كل الأوراق.. بالكثير تعرف كل دول.. كانت هذه عينة الجمل المتبادلة فى اتصالات المقتحمين لمقار أمن الدولة.

ومازالت صور هؤلاء وهم يتحدثون مع الإعلامية الشهيرة التى تحولت من سياسية إلى البرامج الفنية ومن لقاءات البرادعى وحمدين إلى لقاءات حكيم وبوسى.. كانت حواراتهم معها ومع قناة الجزيرة تحمل لنا التأكيد على عمق المؤامرة وعلى حرصهم على هدم القطاعات المهمة أو أركان الدولة عموما.

منذ اليوم الأول كان الهدف هو الشرطة.. حرق الأقسام.. محاولة اختطاف الجنود.. إقامة اللجان الشعبية لتفتيش سيارات الضباط.. حدث ما حدث ورأينا ضباطًا يخفون هويتهم ويبتعدون عن الطرق التى يقف فيها النشطاء وعن الميادين.. حاولوا حرق المحاكم وإرهاب القضاة فى المحكمة الدستورية وغيرها.. تمكنوا من أغلب المحطات الفضائية والصحف، وحتى تليفزيون الدولة وصحفها.. المهم كان إسقاط الداخلية كخطوة أولى فى الإطاحة بالدولة لإعادة بناء دولتهم.. وكان ماحدث يوم 5 مارس هو ذروة الأحداث.. ثم اقتحام المبنى المحصن وبحثوا عن سجون وهمية وزنازين تحت الأرض ولم يجدوا شيئا.. بحثوا عن ملفات الكبار وتسجيلات الأجهزة المختلفة فلم يجدوا لا مساجين ولا ملفات، وجدوا ملفاتهم فقط وكانت رسالة لم يفهموها.. نحن نعرف أنكم ستأتون ونعرف ما تبحثون عنه.. ما يخص الدولة وما يخص أمن الوطن لن يمس.. نعرف أنها فترة وستمر، ستعود مصر للمصريين.

إذن ما يخص مصر سيتم الحفاظ عليه وقد تم.. حاكموا الضباط بعدها، بدءًا من رئيس الجهاز اللواء حسن عبدالرحمن ومساعديه وبعض ضباط الإدارات بتهمة فرم مستندات أمن الدولة.. وظل الضباط صامتين لم يعلنوا عما تم من حفظ لأصول المستندات والملفات.. تحملوا الوقوف خلف القضبان وتحملوا صورهم كمتهمين وهى تملأ الصحف حتى برأتهم ساحة المحاكم أخيرًا بعد ثورة 30 يونيو.. تحمل هذا الجهاز الكثير.. هذا ليس دفاعا عنه ولكنه تأكيد على دوره المهم لحماية الوطن.. ورغم كل ما حدث له.. أعاد بناء نفسه، خاصة بعد تولى قيادة وزارة الداخلية وزير من أبناء الجهاز يعرف نظام عمله، ويعرف الكثير من أبنائه، الذين قدموا حياتهم، سواء فى مطاردات لإرهابيين أو لقوا ربهم شهداءً فى محاولات اغتيال ومازال اسما النقيب محمد أبوشقرة والمقدم محمد مبروك ماثلين أمامنا.

ضباط استشهدوا لأنهم كانوا صناديق سوداء لمعلومات مهمة عن الإرهاب.. وعندما فشل الإرهابيون فى هدم جهاز أمن الدولة والحصول على ما يهمهم من معلومات.. بدأو مرحلة تصفية صناديق المعلومات المتحركة.. وبعد ست سنوات يتغير المشهد.. الرئيس فى زيارة مهمة وخاصة وداعمة وتحمل العديد من الرسائل، يذهب إلى جهاز أمن الدولة لا يستدعى قادته ولكنه يذهب إليهم فى بيتهم.. يحاورهم.. يستمع منهم إلى تقدير موقف لأمن مصر.. يوجه ويحاور.. وهكذا يعمل الرئيس.. يعيد هيبة الدولة شيئاً فشيئًا.. رسالته إلى ضباط الداخلية وإلى أبناء جهاز مهم.. أنا معكم لأنكم صمام أمن للبلاد رسالة للآخرين.. مصر الآن يقودها رئيس يعرف قيمة وقامة أجهزتها ويقدر تضحيات أبناء هذه الأجهزة.

مصر الآن ليست مصر فى السنوات السابقة.. ما تهدم سيبنى وما حاول أهل الشر تحطيمه عاد أقوى مما كان.. أما أنتم أيها المتآمرون فقد جاء وقت الحساب..عادت هيبة الدولة وعادت مصر، كما قال الرئيس، ولن يستطيع أحد المساس بها.. لا محاولات الأقزام فى الخارج.. ولا إرهاب بضع مئات محاصرين الآن فى جحور الجبال.. ولا مؤامرات دول كانت شقيقة أو صديقة.. أسابيع وستتساقط كل الأقنعة.. ويوماً ما سيكون قريبًا سيعرف العالم كله من هى مصر.. مصر التى يعمل رئيسها وأبناؤها فى صمت، يعيدون البناء.. جزءًا فجزءا.. مصر التى تحولت يومًا إلى شبه دولة.. لا شرطة ولا برلمان ولا مؤسسات.. عادت اليوم مصر تملك برلمانًا.. عاد لها أمنها الداخلى تملك جيشًا قويًا يستطيع ليس فقط الدفاع عن أرضه.. بل يستطيع بما تم له من تحديث ودعم أن يصل إلى أبعد كثيراً لحماية أمن الوطن القومى.

الفارق بين 5 مارس 2011 وبين مارس 2017.. هو الفارق بين دولة كادت تسقط وبين دولة عادت لها هيبتها.. نظام تهاوى فجأة ونظام يحكم بقوة ويملك نظرة أمل للمستقبل وحلمًا يعمل من أجل تحقيقه.. الفارق بين مارسين هو الفارق بين وطن حاولوا تدميره مثل جيرانه وبين وطن أصبح يملك إرادته وقراره.. هذا الفارق صنعه شعب استيقظ فى 30 يونيو لينقذ وطنه وصنعه جيش أبى أن تسقط الدولة ورجال أمن حملوا حياتهم فداءً لوطنهم وصنعه رئيس يعرف متى وكيف يتخذ قراره ولمن يوجه رسائله ومتى.. كما حدث فى الخامس من مارس 2017