رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا تفشل الأحزاب؟


الطبيعى فى أى نظام سياسى، أن يقوم على التعددية الحزبية، والأصلح لمصر كدولة، والأنفع لأهلها كشعب، أن يكون لدينا تجربة حزبية قوية وحية، تتنافس فيها الأحزاب للوصول إلى السلطة، ومن أجل ذلك تقدم أفضل البدائل لصالح المواطن، وهذا ما نفهمه كداع لتأسيس الأحزاب، فهى تنظيمات سياسية، هدفها الوصول إلى السلطة، عبر تنافس ديمقراطى، تقدم أفضل البرامج، وتسعى للحصول على ثقة الناخب فى صندوق الانتخابات.

لست هنا من أنصار جلد الأحزاب المصرية، وتصويب إليها كل سهام الخطايا، لكن المطلوب جديا البحث فى أسباب تخلف التجربة الحزبية وعلاجها، التجربة الحزبية الحالية تنقسم إلى ثلاث مدارس أساسية فى رأيى، المدرسة التقليدية، وهى أحزب نشأت بقرار رسمى تقريبًا، من أول تجربة المنابر فى السبعينيات، بدأت بداية معقولة، لكنها سرعان ما تماهت مع السلطة، وتحولت إلى مقار خاوية، قيادات تاريخية تستمر طوالاً حياتها، تدعى السعى وراء تداول السلطة، واستمرت سنوات طوالاً دون أى تداول داخلى أو تجديد دماء، فأصابها ما أصاب السلطة قبل 25 يناير، تصلب شرايين سياسى، الوجوه نفسها استمرت على قمتها إلا من رحم ربى.

والنوع الثانى وهى أحزب 25 يناير، سواء التى مهدت لقيامها، أو الذين ولدوا بعدها ونتيجة لها، وكان يجب على هذه الأحزاب تحديدا أن تطور خطابًا مختلفًا يجذب لها الجمهور، لكن لأن أغلبها نشأ نتيجة «معارضة» نظام ما قبل 25 يناير، فلم تستطع أن تتدارك حتمية تحولها لأحزاب وليس لحركات احتجاجية، استمرت بعقلية الحركة الاحتجاجية، فلما انحسر العمل الاحتجاجى، سواء نتيجة لفقدان الظهير الشعبى للعمل الاحتجاجى، أو للتضييق الرسمى نتيجة لقانون التظاهر، فمن ثم تحول أغلب هذه الأحزاب إلى إصدار البيانات الاحتجاجية تعبيرًا عن رفضها قرارا رسميا ما، أو قانونا يقر، بالتأكيد ذلك حقها السياسى، لكن أغلبها وللأسف لم يدرك أن ابتعادها عن أية معركة انتخابية، أفقدها أهم نقطة للتأثير فى الجمهور التقليدى، خارج إطار النشطاء المهتمين بالعمل العام.

وأخيرًا النوع الثالث الأحزاب التى يقودها رجال أمن، سواء ضباط جيش أو شرطة سابقون، طبعا من حق أى مواطن يتمتع بحقوقه السياسية ان يؤسس حزبا، لكن هناك ظاهرة فريدة هى توجه العديد من اللواءات السابقين لتأسيس أحزاب سياسية بعد 30 يونيو، لكن بعد تقييم التجربة السريعة، لم تختلف هذه الأحزاب عن الأحزاب التقليدية، تماهت جدًا مع السلطة، وانتهت بدورها إلى مقار خاوية، وجنرالات بلا جنود!.

صحيح أن قوانين الانتخابات ليست الأفضل، صحيح أن معايير تكافؤ الفرص ليست واضحة، صحيح أن هناك خللا فى مرحلة التحول الديمقراطى، فالأصل فى أى انتخابات هو حرية طرح الرأى والرأى الآخر، دون تخوين أو تكفير، لكن الحقيقة أنه فى 2011 و 2012 تم تكفير كل من يخالف تيار الإسلام السياسى، وبعد 30 يونيو تم تخوين كل من يخالف الرأى الرسمى، لكن مقاومة ذلك يجب أن تتم بحرث مسار ديمقراطى، بزخم شعبى، وجر أكبر عدد من الجمهور على أرضية الإصلاح، وذلك لن يحدث إلا بنشر خطاب معتدل للتطوير والإصلاح والديمقراطية فى كل انتخابات، سواء كانت برلمانية أو محلية أو نقابية، أو حتى اتحادات الطلبة!.