رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرئيس والشباب يصنعون الفارق


منذ ست سنوات كانت مصر تعيش لحظات تغيير، لم يكن هناك من يعرف أهو إلى الأفضل أم الأسوأ.. هل سيشكل يناير 2011 نقلة جديدة لمصر إلى عالم الحرية والعدالة الاجتماعية أم أننا مقبلون على عصر من الفوضى.. من كان يدير هذا التغيير هل هم الشباب الذى يمتلئ قلبه بالحب لوطنه.. أم أن هنـاك من يديـر عملية التغيير مـن واشنطن والدوحة وأماكن أخرى.. لم يكن أحد يعرف ما يجرى سوى أجهزة مخابرات فى أماكن متعددة، حولت ميدان التحرير إلى ميدان لتأكيد خبرات كل منها والعمل على تحقيق أهدافها.



الموقف لم يكن سهلا ولم يكن من المتوقع أن ينتهى إلى ما حدث.. بعد ثلاثة أيام فقط من نزول الشباب إلى الميادين طلبا للتغيير محاولين رسم ملامح مستقبل لمصر، بعد ثلاثة أيام فقط تحولت الدفة إلى يد مرشد جماعة الإخوان المسلمين وتحولت الشعارات من العيش والحرية والعدالة الاجتماعية إلى شعار إسقاط النظام ورحيل مبارك.. وطوال هذه السنوات شهدت مصر الكثير ولكن اليوم ما يهمنا هو الفارق بين يناير 2011 ويناير 2017.. فى يناير 2011 كان هناك رئيس سعى إليه الشباب حاولوا التواصل، حملوا شعارات التغيير وطالبوا به ولم يستجب لهم وعندما نزل الشباب إلى الميدان تأخر الرد فكان ما كان.. وفى يناير 2017 جاء رئيس سعى هو إلى الشباب واستمع إليهم واستجاب لهم.. هنا إذن من يصنع الفارق، إنه الرئيس يسعى إلى الشعب وإلى الشباب خاصة، ليس فقط ليستمع إليهم ولكن لينفذ ما يطالبون به.. فكان عام الشباب وكان أيضا المؤتمر الوطنى الأول للشباب، وعلى مدى ثلاثة أيام عاش الرئيس مع الشباب مناقشات وندوات وأجاب عن تساؤلات وأصدر قرارات ومن هنا تنطلق المسيرة الصحيحة.. فالفارق مهم.. القيادة هنا تتواصل ولا تستمع للتقارير وتكتفى بذلك.. والشباب هنا جاء ليفكر من أجل بلده ويبنى مستقبله لا أن يخرج فى مظاهرات تحرق المجمع العلمى وتسرق المتاحف وتدمر الكنائس وتحرق الأقسام وتنهب المولات.. الشباب الذى جلس فى شرم الشيخ يحاور الرئيس ويناقش الوزراء ويضع الخطط ويحول الإعلام إلى واقع.. هذا الشباب الذى يقف فى سيناء ليواجه الإرهاب والذى يقف فى المصانع والمزارع ليبنى المستقبل لمصر.. هذا الشباب أيضا هو الذى صنع الفارق الذى استطــاع أن يبعد مصر عما حدث لكل من حــولها.. الفارق بين يناير 2011 ويناير 2017 فرق بين شباب قرر أن يبنى لا أن يدمر أن يتحمل لا أن يجلس وراء أجهزة الكمبيوتر يلعن ويسب ويكفر.. شباب خرج ليقدم روحه للوطن لا ليقبض دولارات ثمنا لوقوفه فى مظاهرات أو مشاركته فى تدمير منشآت.

شباب مصر.. يلتقون للمرة الثالثة مع الرئيس غدا فى أسوان.. مسيرة قرر الرئيس والشباب استكمالها إدراكا من الرئيس لأهمية أن يكون أكثر من 65% من السكان فى مرحلة الشباب، وهى هبة ديموجرافية منحها الله لمصر فى هذه الفترة، لديها أكثر من ثلثى السكان فى مرحلة الإنتاج والعطاء، إذن فهى فرصة للبناء لأجيال قادمة، وهى فرصة للبناء فى ظروف صعبة ووسط أزمات تتوالى.

ولكن ماذا يريد الشباب بعيدا عن شعارات النخبة وأحاديث التوك شو؟.. الشباب يريد تعليمًا لا يعطى شهادة ولكن يمنح معرفة ويحقق تقدما.. تعليما لا يعتمد على دروس خصوصية ومدارس تبلغ كثافة فصولها إلى الستين طالبًا فيهرب منها الجميع وتتحول إلى مبانٍ خاوية.. تعليمًا يلاحق العصر فى تطوره التكنولوجى وليس تعليما يعتمد على التلقين والحفظ.. قضية التعليم هى التى ستصنع الفارق بين يناير 2017 ويناير 2020 كما صنع الرئيس والشعب الفارق بين ينايرين.

فالمطلوب اليوم هو أن نصنع الفارق الجديد ولن يتم ذلك إلا بالتعليم الذى يجب أن يتحول إلى الأولوية الأولى.. بدأنا فى علاج قضية الدعم فى المواد التموينية وعلينا أن نواجه قضية التعليم بنفس مشرط الجراح.. أن نعترف بأن لدينا مشكلة ومشكلة هامة تتعلق بمستقبل مصر.. مصر لن تواصل تقدمها إلا بعد وضع نظام تعليمى جاد ومتلائم مع احتياجات الوطن.. وعلينا أن نبدأ من الآن ثورة فى مجال التعليم.. فى طرق ومناهج التعليم.. فى بناء المدارس والمعامل والأهم بناء المدرس الذى تبدأ معه القضية وتنتهى.

الشباب يحتاج مراكز شباب لا تهتم فقط بالملعب ولا يكون هدفها فقط بناء الجسد الرياضى أو تقديم فرق رياضية، ولكن الشباب يريد اليوم مراكز شباب تعده رياضيا وفكريا.. ومن هذه المراكز تبدأ مواجهة الفكر المتطرف.. ولو تجولت فى مراكز الشباب ستصدمك مشاهد كثيرة.. فأغلبها تحولت إلى صالات للعب الطاولة أو مشاهدة التليفزيون، وتراجعت المكتبات وسيطر شباب منتم إلى جماعة الإخوان على صالات تدريب ألعاب القوى واللعبات الفردية.. الشباب يريد تحويل الـ 4 آلاف مركز شباب إلى 4 آلاف مركز إشعاع حضارى.. مراكز لإعداد جيل المستقبل لو استطعنا أن نقدم لمصر موهبة واحدة من كل مركز شباب سنويا- موهبة رياضية أو فنية أو ثقافية- لقدمنا لمصر 4 آلاف مشروع مبدع سنويا وهذا هو الاستثمار الحقيقى.. الفارق لن يكون فقط ببناء المدن الجديدة وشق الطرق ولكن بناء الإنسان الذى سيقيم فى هذه المدن ومستقبل تلك الطرق هو الأهم.

الشباب مع الرئيس فى أسوان غدا سيستكملون ما بدأ فى شرم الشيخ والقاهرة.. مسيرة بدأها الرئيس ويواصلها.. الشباب اليوم لن يتحدثوا عن شعارات تطلقها النخب ونسمعها فى برامج ليلية ولكن الشباب بدأ فى صنع ملامح المستقبل الذى يحلم به لنفسه ولوطنه.. الشباب الذى يصنع الفارق الآن هو الصامد تحت درجة الصفر فى سيناء أو على الحدود الغربية يقاوم ويحمى.. هو الشباب الصامد أمام أفران صهر الحديد فى المصانع.. وهو أيضا الشباب الباحث عن كل جديد فى العلم.. هؤلاء هم شباب مصر ولن تتكرر تجربة شباب العالم الافتراضى الذى يكتفى بالصراخ أو الحلم أو التسابق نحو من يمنح الدولار والريال.

من يناير 2017 سنصنع الفارق الجديد بعد أن نجح الفارق الأول فى حماية مصر.. يأتى الدور الآن لنبنى مصر.