رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل يقر شيخ الأزهر بحرية الملحدين؟


يحتاج الكلام «أى كلام» إلى اختبار، حتى نتأكد أنه حقيقى، فما بالنا والكلام هنا منسوب إلى فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب.

كان الدكتور الطيب يتحدث مع وفد المفوضية الأمريكية للحريات الدينية، الخميس ١٩ يناير، قال لهم نصًا: الدين الإسلامى سبق الجميع فى إقرار حرية الاعتقاد انطلاقًا من أنه أمر قلبى لا يمكن فرضه، حيث أكد القرآن فى آيات عديدة أنه «لا إكراه فى الدين».

ولم ينس شيخ الأزهر أن يشير إلى أن المؤسسة العريقة «الأزهر» تتبع المنهج القرآنى السديد فى توصيل رسالة الإسلام وتوضيح حقائقه عن طريق الحوار والنقاش البناء، والدليل على ذلك أنها أصدرت فى ٢٠١٢ وثيقة تقر حرية الاعتقاد.

كلام شيخ الأزهر رغم أنه حقيقى جدًا، فإنه يظل فى النهاية نظريًا يحتاج إلى أكثر من اختبار، لنعرف هل ما يقوله مجرد فض مجالس، أم أنه يعكس قناعة حقيقية يمكن أن تتحقق على أرض الواقع، خاصة أن التجارب التى بين أيدينا ولا يمكن أن ينكرها الأزهر مؤسفة للغاية.

فما يحدث فعلا على الأرض أن الأزهر لا يقر حرية الاعتقاد فقط، لكنه يحارب كل من يختلف معه فى الفكرة الإسلامية نفسها، وإلا فليقل لنا شيخ الأزهر، لماذا اجتهد لحبس إسلام بحيرى، الذى حاول أن يطرح رؤى مغايرة لما يراه فى الخطاب الدينى؟

ولماذا تقدم ببلاغات إلى النائب العام وصلت بالزميل أحمد الخطيب إلى محكمة الجنايات لمجرد أنه نشر مقالات يشير فيها إلى خلل وفساد يرتعان فى المؤسسة الكبيرة، وأصبح يحمل على كتفيه تهمة «إهانة مؤسسة الأزهر»، وهى تهمة ظالمة، فهو لم يتحدث عن الأزهر، بل تحدث عن رجاله، فهل أصبح رجال الأزهر وعلماؤه مقدسين للدرجة التى تمنعنا من الاقتراب منهم؟ أليسوا بشرًا يخطئون ويصيبون؟ ومن حقنا انتقادهم والاشتباك معهم، فيما يخص عملهم، الذى هو عمل عام؟

وإذا كان شيخ الأزهر يحمل قناعة كاملة بأن الإسلام يقر حرية الاعتقاد بهذه الصورة المطلقة، فلماذا سمح بنشر كتب وكتيبات تحمل شعار المؤسسة تطارد الملحدين وتطالب بعقابهم وتتعامل معهم على أنهم مرضى يحتاجون إلى علاج؟

لا أقر ما يفعله الملحدون، ومؤكد أنك لا تقره، أنا فقط أطرح سؤالًا يمثل اختبارًا لما يقوله الشيخ الجليل.

ليقل لنا شيخ الأزهر ملامح حرية الاعتقاد التى يتحدث عنها، هل لها شروط مثلًا؟ وإذا كانت لها شروط، فمن وضعها ومن أقرها؟

كل ما أرجوه أن يتسق شيخ الأزهر مع نفسه، وأن يكون كلامه واقعيًا تسنده التجارب، فبدون ذلك سيتحول كل ما يقوله إلى لغو فارغ، ونحن نقدره ونجله ولا نتمنى له أن ينحدر إلى هذا المنزلق الزلق.. أعاذنا الله وإياه شر الزلل.


ما يحدث فعلا على الأرض أن الأزهر لا يقر حرية الاعتقاد فقط، لكنه يحارب كل من يختلف معه.