رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إنه عام جديد مختلف


عام جميل يحمل لنا فى بداياته تباشير فرح وآمال نجاح.. يأتى والولايات المتحدة الأمريكية تودع «باراك أوباما» بعد ثمانى سنوات قضاها فى تخريب العالم من شرقه إلى غربه، لم يكتفِ بأفغانستان والعراق ولكنه أشعل الربيع العربى ليكمل تدمير منطقة الشرق الأوسط، يخرج أوباما هذه الأيام من البيت الأبيض وفى وداعه لعنات حوالى المليون شهيد من سوريا وليبيا واليمن والعراق ومصر وتونس وقبلهم أفغانستان ومعهم لعنات ملايين الجرحى واللاجئين.

يأتى العام الجديد والبيت الأبيض يستقبل وافداً جديداً يمثل لاشك سياسات لن تكون كلها جديدة.. ولكنه يأتى ومعه على الأقل خريطة جديدة وطموحات ربما تتجه إلى داخل الولايات المتحدة الأمريكية ليعيد بناء ما تهدم أو توقف نتيجة سياسة سلفه.. من المؤكد أن ما حدث فى البيت الأبيض من تغيير سينعكس سلباً أو إيجاباً على أحداث كثيرة فى العالم.. فالعام الجديد يأتى والجيش العربى السورى يواصل انتصاراته، يحرر حلب ومناطق أخرى.. يأتى أيضاً والجيش العراقى يحرر أكثر من نصف الموصل، ويقترب من نينوى، يأتى والجيش الليبى يواصل انتصاراته ويدمر داعش فى أماكن كثيرة.. يأتى العام الجديد وهو يحمل بدايات جديدة لدول وشعوب كثيرة.

يأتى العام الجديد إلى مصر حاملاً معه رسائل جديدة ومبشرة.. اقتصاديا وعسكرياً وسياسياً.. يبدأ العام واللواء محمد عرفان جمال الدين يقف أمام الرئيس فى لقاء عام لأول مرة ليعطى وبلغة العسكريين تمام التجهيز والإعداد لمشروعات فى منطقة القناة.. رسالة من الرئيس كانت -كما قال سابقاً- إنه لن يقبل مشروعاً إلا بعد أن تتأكد الرقابة الإدارية من كل إجراءاته.. هذه ليست الرسالة فقط ولكنها أيضاً تأتى فى بداية حرب على الفساد، أعلنها الرئيس، تتزامن مع البدء فى تنفيذ مشروعات كبرى، وتسلم مشروعات تم الانتهاء منها والإعداد لمشروعات أخرى فى الطريق.

كانت رسالة الرئيس واضحة فى إعطاء الفرصة لرئيس هيئة الرقابة الإدارية ليكون متحدثاً عن المشروعات فى منطقة القناة، ثم يؤكد الرسالة مرة أخرى فى افتتاح تطوير ميناء سفاجا.. رسائل الرئيس لم تتوقف عند ذلك فى بداية العام ولكنه ذهب إلى الكاتدرائية المرقسية ليشارك الأقباط من أبناء الوطن عيدهم، وفى مظاهرة حب منهم جاء ردهم على كل محاولات إشعال الفتنة بين مسلمى وأقباط مصر.. كانت كلمات الرئيس والأساقفة يحيطون به وهو يبدأ كلمته باسم الله الرحمن الرحيم، ويعلن عن إنشاء أكبر كنيسة وأكبر مسجد بالعاصمة الإدارية الجديدة، رسالة أخرى.. الوطن للجميع.. المسجد فى الكنيسة وبأموال من الشعب وليست من موازنة الدولة، ويبدأ رحلة التبرع ويحدد الموعد فى خلال عام.. رسالة ثقة جديدة فى الشعب الذى خرج مؤيداً له فى 30 يونيو وداعماً فى إنشاء قناة السويس ومشاركاً فى حملة الأسهم والسندات، هذا الشعب الذى لا يتحمل معه مسيرة من العمل والصبر، هو متأكد أنه لن يخذله فى بناء كنيسة ومسجد يقامان بالعاصمة الجديدة التى ستكون أيضاً بداية لاكتمال مشروعات كثيرة.

يأتى العام الجديد واقتصادياً مصر تمر بمرحلة صعبة وإن كانت فى شهورها الأخيرة، فالعام الجديد يحمل بدايات الإنتاج من حقل ظهر واكتمال نسبة كبيرة من شبكة الطرق التى تربط كل مناطق التنمية بالمشروعات الكبرى وأيضاً بالموانئ والمطارات.

مصر تتعافى إذن ولمَ لا واحتياطيها يحاول الوصول إلى 25 مليار دولار بعد أزمة صعبة فى العملات الأجنبية وانهيار للعملة المحلية.. مصر تتعافى وهى تنشئ موانئ جديدة ومطارات جديدة وطرقاً جديدة.. تتعافى وهى تبدأ مرحلة التعمير فى الصحراء وإنشاء المزارع السمكية مع البحرين المتوسط والأحمر.. تتعافى وهى تعطى آلاف فرص العمل لشباب كادت تقهره صعوبات الحياة أو أمواج البحر فى قارب يستعد فيه للهجرة.. تتعافى وهى تخرج من أزماتها تباعاً.. أزمات كبرى كانت وليست أزمة سكر أو زيت أو أرز.. هذه الأزمات الصغيرة التى حاول البعض تحويلها إلى مأساة يثبتون بها فشل الرئيس والحكومة.. أزمات لا تتوقف عندها الأمم.. فطوابير السكر أو الزيت ستنتهى يوماً ما.. عشناها فى الستينيات والسبعينيات.. كانت طوابير الجمعيات تبدأ بعد صلاة الفجر وكانت فرحة الأسرة بعودة أحد أفرادها يحمل ما حصل عليه من الجمعية أكبر كثيرا من الحصول على سيارة فى هذه الأيام.. طوابير عشناها فى انتظار سيارة تنقلنا من مكان إلى مكان أو فى انتظار الحصول على تذكرة قطار أو مكان فوق عرباته لابداخلها.

أزمات عشناها وعبرناها.. تطور العالم من حولنا ونحاول اللحاق به والمنافسة على مكان فى مقدمة دوله.. اقتصادياً مصر ستتعافى واجتماعياً ستنتهى ظواهر كثيرة مع التعافى الاقتصادى.

سياسياً مررنا بأزمات قدمت لنا أجزاء هشة وائتلافات مات أغلبها وحركات قبض القائمون عليها الثمن واختفوا بعد ذلك.. وشباباً ضاع بين كل هؤلاء وجاء الوقت لنستعيده مرة أخرى إلى مسيرة العمل والتنمية.

وعسكرياً يأتى العام الجديد ومصر تمتلك أدوات حمايتها، بل حماية الأمة العربية بالكامل.. تأتى وجيشها يمتلك الرافال وأحدث الدبابات والمدرعات، ويمتلك أسطولين بحريين، أسطول شمالى يقف بالمرصاد لكل من يحاول الاقتراب من شواطئنا.. وآخر جنوبى تمتد سطوته حتى المحيط، أسطولان يمتلك كل منهما حاملة طائرات تمثل قوة كبرى متحركة.

عام جديد يأتى لعل أحلامنا فيه تتحقق.. يأتى وهو يحمل نافذة جديدة لكل منا بمختلف انتماءاتنا الفكرية على صفحات جريدة «الدستور» التى شاء القدر أن تبدأ مرحلة جديدة من عمرها مع بداية العام الجديد.. إنه بالفعل عام جديد مختلف.