رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل قمنا بثورة حتى نناهض أهدافها «2»؟


فى الجزء الأول من المقال، كان الحديث حول مطالب الميدان الثائر فى 25 يناير وعلى مدى الــ 18 يوما وحتى سقوط نظام مبارك بتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية و نيل الحرية والعيش، أما الملايين التى شاركت فى الخروج الهائل إلى ميادين التظاهر فى 30 يونيه فكان لها مطلب واحد واضح هو إسقاط حكم الجماعة والحق فى الحياة فى ظل دولة مدنية ديمقراطية معاصرة رفضا للدولة الدينية التى حاولت جماعة تتمسح فى الدين فرض آلياتها على الأرض خلال عامها الأسود ولكن للأسف الشديد لم يتحقق أى من أهداف الثورة الأولى أو الثانية بالشكل الذى يتناسب على الأقل مع حجم التضحيات والغضب الجماهيرى من توابع آليات حكم مبارك أو حكم جماعة الشر...

وحاولت عبر إيجاز ماحدث التوقف عند عدد من المشاهد استكملها.

مشهد: الرئيس السادات، وبعد اعترافه بارتكاب جريمة تركه لأهل التطرف يعبثون بمستقبل ومقدرات البلد، وينفثون فكرهم المُكفر والخارج عن ثوابت صحيح الدين، يعلن فى خطاب شهير عن اعتقاله لرموز الدين المسيحى والإسلامى ويهاجمهم بأوصاف غير لائقة، وعند إعلان قرار عزل قداسة البابا شنودة الثالث، يُصفق النواب بشكل جماعى يكاد يكون هيستيرياً من شدة الفرحوالاغتباط، ومنهم من وقف تحية واحتراماً للقرار ... «لم ينجح أحد فى الفعل أو رد الفعل .. الرئيس ــ الحكومة ــ نواب الشعب ــ النخبة ــ الإعلام ــ المؤسسات الدينية»..

مشهد: الرئيس مبارك وعقب اغتيال السادات، وبعد عقد اتفاق غير معلن مع أهل التطرف على طريقة «سيب وأنا أسيب» ضمن بمقتضاه لزعامات التطرف العمل فى النور وتعظيم دور مؤسساتهم التعليمية والخيرية والاقتصادية، بل و مشاركتهم فى العمل السياسى «88 كرسيا فى البرلمان»، ويطمئن بعد أربع سنوات من حكمه للبلاد أنه لا مشكلة فى عودة البابا شنودة ورجاله إلى مواقع عملهم، وعندما يعلن قراره بالبرلمان يكون رد فعل النواب التصفيق الحاد والهتاف بحياة «رئيس الاستقرار» ... هوه هوه بحلاوته وروعته نفس ذات البرلمان الذى صفق لقرار العزل بحرارة .. «لم ينجح أحد»..

مشهد : يسقط نظام مبارك بعد أربعين سنة مَرار ثمناً لافتكاسة «الاستقرار العبثى »، ويسمح المجلس العسكرى، وترحب نخبة العمل السياسى بدخول جماعات التطرف والركوب على المشهد الثورى النبيل بدعم مؤامراتى بشع من الداخل والخارج، ويُختار «طارق البشرى» لرئاسة لجنة تعديل الدستور فيشكلها بتركيبة إخوانية، وبداية «وكسة» فرض وجود الأحزاب الدينية، وبدعم إعلامى غبى وجاهل يتم الاحتفاء بالقتلة والإرهابيين واستضافتهم على شاشات خاصة وحكومية، وعبر صفحات الحوار والرأي، وعليه كان أن حكم الإخوان البلاد والعباد كمحصلة طبيعية لنمو وجودهم عبر عصور الملكية والجمهورية الناصرية والساداتية والمباركية، وليعيش الناس سنة هى الأسوأ فى تاريخ المصريين .. «لم ينجح أحد».

مشهد: يتم دعوة الكنيسة المصرية والأزهر الشريف والأحزاب الدينية «إخوان وسلفيين وغيرهم» يوم 3 يوليو 2013 لوضع خارطة الطريق للعبور بمصر من الثورة إلى الدولة «دستور ورئيس وبرلمان وحكومة جديدة»، ولم يمثل من الأحزاب السياسية سوى حزب وليد مفبرك فى أيام هو حزب الدستور بوجود د. البرادعى مؤسسه.. لا وجود لحزب سعد زغلول العريق على سبيلالمثال أو حزب التجمع وغيرهما من الأحزاب السياسية، وكأنما تقرر الاستمرار فى الذهاب إلى دولة يشارك فى حكمها بقوة المؤسسات الدينية والأحزاب الدينية، فى ضربة قوية لأهداف ثورتى يناير ويونيه، وها نحن نتابع ونعيش حصاد ذلك المشهد المؤلم بتفاصيله التى تحمل مؤشرات الوجود الدينى فى حقل العمل السياسى بقوة ضاغطة... «لم ينجح أحد »..

ويبقى السؤال وعلامة الاستفهام الكبرى، متى يحين زمن الحصاد وجنى ثمرات كفاح شعب قدم على مذابح الحرية ما لم يقدمه شعب آخر على مدى أكثر من نصف قرن؟!