رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المشاركة الشعبية.. والأمن


لا يمكن لأى جهاز شرطة، مهما كانت كفاءته، أو إمكاناته، أن يعمل بعيداً عن المشاركة الشعبية، سواء فى نشاط الشرطة فى الأعمال الجنائية والأمن العام، أونشاطها فى مكافحة الإرهاب.

ويقصد بالمشاركة الشعبية، درجة تعاون المواطنين فى تسهيل عمل الشرطة والتعاون معها، وإمدادها بالمعلومات اللازمة فى القضايا الجنائية، أو ما يصل إلى علم الأهالى عن القضايا الإرهابية. وتختلف درجة المشاركة الشعبية، حسب درجة الوعى لدى المواطن، وإحساسه بمدى ما يتحمله من أخطار انعدام الأمن على المواطن نفسه، وعلى المجتمع. وهناك حد أدنى من المشاركةالشعبية، وهى مجرد قيام المواطن بالدفاع عن نفسه، باعتباره رد فعل طبيعى تجاه أى خطر يهدد المواطن فى ماله أو نفسه أو عرضه، وهذا النوع المتدنى من المشاركة يجعل المواطن يقف عند حد دفع الخطر، دون أن يتجاوزه إلى فكرة تعقب الخطر أو حتى مجرد الاستعداد لمواجهته.

وهناك درجة أعلى من الدرجة السابقة وهى الدفاع عن المجتمع المحيط بالفرد من أهله وجيرانه وعائلته، أو منطقته، وهذا المستوى من المشاركة الشعبية يعتمد على فكرة الانتماء للدولة، وتكون المشاركة أكثر إيجابية وفاعلية ويهمه أن يتعقب الخطر حتى يزول عن المجتمع حوله.

وهناك درجة أعلى لفكرة المشاركة الشعبية وهى الدفاع عن المجتمع بأكمله ممثلاً فى الدولة بالصورة التى يعيش يها الفرد فى كنف الدولة، وهى أرقى درجات المشاركة الشعبية، وتدل على نضج الانتماء والإحساس بالكرامة الوطنية قبل الكرامة الشخصية، وفيها أيضاً لا يقف الفرد عند حد المساهمة فى منع الخطر، بل يحاول أن يتقصى أسباب الأخطار التى تواجهه، ويطارد فلوله، حتى يقضى عليه تماما.

غير أن المشاركة الشعبية بالصور السابقة، تبدو أمامها بعض المعوقات التى تعوق مشاركة الأفراد فى منظمة الأمن، وهذة المعوقات هى: خطورة ما تقوم به بعض أجهزة الإعلام غير المسئولة، من حملات للتضليل والتشكيك، سواء عن عمد أو عن جهل، والنتيجة فى الحالتين واحدة، وذلك عن طريق الترويج لبعض الأفكار الخاطئة، سواء عن الدين أو التدين، ومجال ممارسة حقوق الإنسان، والمبالغة فى الانتقاد وتوجيه اللوم. سواء للدولة، أو الأجهزة القائمة على حماية أمن البلاد.

أيضاً تعتبر المبالغة فى إلقاء الضوء على بعض السلبيات وإظهارها، وتصويرها على أنها ظواهر مستشرية، أو حجب الإيجابيات وإخفائها والتعتيم عليها، وخصوصاً فيما يتعلق بدور الشرطة، فى مكافحة المجرمين الجنائيين أو الإرهابيين. ويدخل فى ذلك أيضاً، تصوير أجهزة الأمن بمظهر العاجزة عن فعل شىء إيجابى، أو قدرتها على التصدى للظواهر الإجرامية.

ويتم هذا عن طريق القصد السيئ والتجاوز، من مجرد نقل الخبر إلى محاولة تضخيم الأحداث وتحميلها بأكثر مما تحتمل..

كما تعتبر من معوقات المشاركة الشعبية، سلبية الجماهير، والخوف من المشاركة، وحالات الإنانية واللامبالاة التى تعترى الكثير من المواطنين، ومحاولة البعض التشكيك فى جدوى التشريعات والقوانين التى تتصدى للجريمة، وخصوصاً الجرائم الإرهابية. أما أخطر معوقات المشاركة الشعبية فهى التشكيك فى الإجراءات التى تتخذها الدولة فى سبيل تحقيق الأمن والأمان، أو مكافحة الجريمة. وفى كل الحالات لا ينبغى تجاهل دور المشاركة الشعبية، فى كل أمر من الأمور التى تخص الأمن وإجراءاته، والتى تعتبر إحدى الضروريات، ولازمة من لوازم تسيير أعمال الأمن للحفاظ على كيان الدولة.