رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"ماسح الأحذية" على أعتاب رئاسة البرازيل.. "لويس دا سلفا" يعود إلى بلاد "السامبا" مُجددًا.. لقب بـ"أقوى رجل في العالم".. وشبهات الفساد لازالت تطارده

جريدة الدستور

حين أطاح البرلمان البرازيلي برئيسته الأولى "ديلما روسيف" على خلفية تورطها في قضية فساد كُبرى، خلال مطلع الشهر الجاري، ‏اشتعلت بورصة الترشح للرئاسة البرازيلية مُبكرًا، وطفت على السطح أسماء عدة تنوي خلافة "روسيف" ‏في رئاسة بلاد السامبا، التي يتولاها حاليًا ميشال تامر نائب الأخيرة كرئيس مؤقت لإدارة البلاد.‏

‏"دا سيلفا يعود"‏
أغلب الوجه التي أعلنت خوضها للانتخابات لم تثر أي نوعًا من الجدل، سوى "لويس دا سلفا" رئيس ‏البرازيل الأسبق، الذي تولاها لفترتين رئاسيتين، إلا أنه أعلن أمس الأربعاء، عن رغبته في العودة إلى السلطة خلال 2018.

تلميحه بخوض الانتخابات البرازيلية، جاء إلقائه إحدى الخطب في مدينة "ريو دي جاميرو" أمام حشد من مؤيديه، فوجه إليهم رسالته قائلًا: "ستكونون الداعمين لي في ‏‏2018"، رافضًا الاتهامات الموجهة إليه بالفساد معتبرًا أنها اضطهاد له.‏

ودعا أنصاره إلى مواصلة الكفاح من أجل البلاد، وتحدث عن النجاحات التي حققها خلال ‏رئاسته وخفض الفقر وتنمية التعليم، قائلًا: "أثبت أنه من الممكن أن يغير الشعب تاريخ هذا البلد، في ‏البرازيل لم يعد الفقراء مشكلة بل أصبحوا فاعلين في الحل".‏

‏"رجل سياسي"‏
كان "لولا" يتمتع بشعبية كبيرة عندما غادر منصب الرئيس في 2010. لاسيما أنه واحد من السياسيين ‏اليساريين الأكثر نفوذًا في أمريكا الجنوبية، وشهدت البرازيل في عصره تطورًا كبيرًا وتقدمًا جمًا في ‏علاقاتها بدول العالم.‏

‏"علمتني أمي كيف أمشي مرفوع الرأس وكيف أحترم نفسي حتى يحترمني الآخرون" بتلك الكلمات ظل "دا سيلفا" يصف طفولته، التي عانا فيها من الفقر المدقق، ودفعه إلى العمل صغيرًا والتوقف عن التحصيل الدراسي في ‏سن العاشرة من عمره؛ بسبب الفقر الشديد والظروف الصعبة التي كانت تمر بها عائلته.

‏"قوة شبابه"‏
اتسم الرئيس البرازيلي الأسبق في شبابه بالصبر والتحمل وكان يؤمن بالروح الثورية والتغيير، نتيجة ‏للظروف الصعبة التي مر بها في طفولته، والتي اضطرته للعمل كماسح للأحذية لفترة طويلة.

لم تقف قوة "سيلفا" في شبابه إلى هذا الحد ولكنه عمل في أكثر من وظيفة، كصبي في محطة وقود، ثم ‏حرفي في ورشة، وبعد ذلك ميكانيكي لإصلاح السيارات، وبائع خضروات كل هذه الظروف جعلت منه ‏رجلًا مثابرًا.‏

‏"كفاح لأجل العمال"‏
وانتهى به الحال كمتخصص في‎ ‎التعدين‎ ‎بعد التحاقه بمعمل "فيس ماترا" حيث نجح في الحصول على ‏دورة تدريبية لمدة 3 سنوات من هناك، وانضم بعدها "دا سيلفا" إلى‎ ‎نقابة‎ ‎عمالية بهدف تحسين أوضاع ‏العمال؛ لأنه عانى الكثير ليحصل على علاج أثناء عمله في المصانع المختلفة.‏

معاناته العمالية دفعته للتفكير في حق العمال، ومدى أهمية العدالة الأجتماعية بين مختلف الطبقات، وهذا ‏الأمر دفعه أيضًا للمشاركة في‎ ‎اتحاد نقابة العمال، بهدف الدفاع عن‎ ‎حقوقهم وتحسين مستواهم وتحريرهم من ‏قسوة أصحاب الأموال‎‏.‏

‏"الحياه السياسية"‏
كان دفاعه عن العمال هو بوابته للحياة السياسية خلال عام 1980، حين شارك في اضطراب للمصانع ‏على أطراف مدينة "ساو باولو"‏‎ ‎في فترة سيطرة الجيش على الحكومة، وترأس خطاب لنقابات العمال ‏الصناعيين، وكانت خطاباته مشجعة ضد الحكومة فأدى ذلك إلى احتجازه لمدة ثلاثين يوم. ‏

وحكمت علية المحكمة العسكرية بالسجن لمدة 3 سنوات ونصف بتهمة التحريض، ولكن ‏أطلق سراحة في العام التالي، وشارك في أول انتخابات لحكومة‎ للحكومة ‎ولكنه خسر، ولم ييأس ‏وأعاد المحاولة في عام 1984، حيث شارك مع "أوليسيس غاماريس" في حملة انتخابية ‏لإعاده‎ ‎الديمقراطية‎ ‎إلى البرازيل‎ ‎وعودة حق الرئاسة المباشرة.‏

"الانتخابات الرئاسية"
حققت هذه الحملة نجاحًا في الانتخابات الرئاسية،‎ ‎وانتخب وقتها "دا سيلفا" نائبًا عن ولاية‎ ‎"ساو باولو"، ‏وشارك في صياغة الدستور، وفي عام ‏‎ 1989 ‎ عقدت أول انتخابات رئاسية مباشرة منذ‎ ‎الانقلاب ‏العسكري‎ ‎في ‎ 1964‎.

ورشح "لولا" نفسه للرئاسة لكنه هزم في الجولة الثانية ضد مرشح الحزب الوطني‎ ‎‏"فيرناندو كولور"‏‎ ‎الذي حظى ‏بدعم كبير من الناخبين، بعدما شعروا بالخوف من احتمال قيام دولة تميل إلى‎ ‎الاشتراكية‎ ، وبالرغم من ‏هزيمته إلا إنه حافظ على موقعة وعلى شعبية حزب العمل الذي أسسه في‎ ‎البرازيل‎ .

كان "سيلفا" أول المؤيدين لعزل الرئيس "فيرناندو كولور" عام 1992، ‏‎بعد اتهامه في قضايا‎ ‎فساد‎ ‎مختلفة، حيث ‏تم إزالته مؤقتًا إلى أن استقال من منصبة في نهاية العام، وفي العام التالي أعاد الرئيس البرازيلي الأسبق ‏ترشيح نفسه للرئاسة، إلا إنه خسر من الجولة الأولى.‏

ورشح نفسه أيضًا في انتخابات عام 1998، خسرها للمرة الثالثة، وبالرغم من ذلك أصبح قويًا في ‏المعارضة وكان حزبه ينمو باستمرار، واستمر "دا سيلفا" أيضًا في الترشح للمنصب عدت مرات ‏حتى نجح في التفوق على منافسيه.‏

"رئاسة البرازيل"
‎وتم انتخابه رئيسًا للجمهورية في شهر أكتوبر عام 2002، وأعيد انتخابه عام 2006، إلا أنه لم حصل ‏على أغلبية الأصوات في الدورة الأولى، ولكنه فاز في الدورة الثانية، وبذلك حصل على فترة ولاية ثانية ‏وظل في منصب الرئيس حتى‎ ‎‏2010.‏

خلال فترة ‏رئاسته قدم "دا سيلفا" العديد من برامج الاصلاح الأجتماعي لحل مشكلة الفقر، من خلال وقف عمليات تصنيع ‏الأسلحة، ولعب دورًا هامًا في تطورالعلاقات الدولية الأخيرة، بما في ذلك البرنامج النووي لإيران ومشكلة‎ ‎الاحتباس الحراري.

وصُف بأنه رجل صاحب طموحات ‏وأفكار جريئة، ولقب ‎ بأشهر رجل في البرازيل من الجيل الحديث، بل وأشهر رجل في العالم‎، لكونه استطاع تحقيق توازن بين قوى البرازيل.

"شبهة فساد"
وفي‎ ‎فبراير عام 2011، رفع المدعي العام البرازيل دعوة قضائية ضد "لولا دا سيلفا" واتهمه بسوء استخدام الأموال العامة ‏في تمويل حملته انتخابية عام 2004، التي تكلفت‎ 40 ‎مليون‎ ‎يورو، وطالب بتجميد ممتلكاته‎، وهي شبهة الفساد التي ظلت تطارده وبات هو ينفيها هنا وهناك.