رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"صورة اليوم".. مستقبل طفلة بـ"حلب" بين علب السجائر

جريدة الدستور

خواطرٌ كثيرة تدور بذهن فتاة لا تتخطى الـ10 أعوام وهي تنظر إلى مستقبلها من بين علب سجائر تبيعها على ناصية الطريق ربما يوافق خاطرة منهن ما تغنى به العندليب الراحل قائلًا: "مقدورك أن تبقى مسجونًا بين الماء وبين النار"، فهو الحصار بين قصف النظام ونيرانه ومعاناة البحث عن الرزق في ماء المعارضة.

فعلى بُعد نحو 310 كم من العاصمة السورية دمشق وداخل حي "الشعار" شرقي حلب أكبر مدينة في البلاد جلست تلك الفتاة للبحث عن لقمة عيشها التي وجدتها في تلك العلب من السجائر، في منطقة خرجت قبل أسابيع قليلة من حصار وقصف بالبراميل المتفجرة دمر أغلب ما فيها قبل أن تعلن فصائل المعارضة سيطرتها عليها.

ولا أدري لما اختارت تلك الفتاة من بين كل المشروعات التجارية أو ما تحتاجه المدينة "السجائر" لبيعها ولكن على ما يبدو أنها الصناعة الأكثر ربحًا في مدينة هي الأكثر استهلاكًا للتبغ والأرجيلة "الشيشة" في الوطن العربي.. بحسب منظمة الصحة العالمية والذي نقلته صحيفة "لوموند" الفرنسية، كما أن تنظيم داعش أحرق كميات كبيرة منها في كل منطقة كان يسيطر عليها فأصبحت شيئًا يشتاق إليه السوريون.

وعلى الرغم من المعاناة التي يلقاها المواطن السوري أيًا كان عمره إلا أن الأطفال هما الضحايا الأبرز فمنهم من قضى نحبه على إحدى الشواطئ وهو يحاول الهرب من جحيم الحرب كالطفل إيلان ومنهم من ينتظر بعد قصف منزله ومقتل عائلته كالطفل عمران دقنيش ومنهم من يعيش حياة بلا مستقبل.

فمن بين 6 ملايين طفل سوري لا يتمكن نحو مليونين ونصف من الذهالب إلى المدرسة، والسبب هو الدمار الذي لحق بمنشآت تعليمية من جانب وتحويل أخرى إلى مراكز إيواء للنازحين أو مقرات عسكرية، فيما تم إغلاق مدارس في مناطق تسيطر عليها جماعات دينية متطرفة مثل داعش وغيرها، لينحصر التعليم فيها على مواد تخدم فكر التشدد والإقصاء.

كما قالت منظمة "أنقذوا الأطفال" إن جيلا كاملا من الأطفال السوريين يواجه أضرارا نفسية كارثية، وأن طفلا واحدا من كل 4 اطفال داخل سوريا معرض للإصابة بمرض عقلي نتيجة رؤيتهم ويلات الحرب.

وأضافت المنظمة أن الحاجات النفسية للأطفال الفارين من 4 سنوات ونصف السنة من الحرب لم يَجر التعامل معهم نتيجة ضعف التمويل والزيادة المطردة في عدد اللاجئين والضغوط التي تتعرض لها الموارد في البلدان المضيفة لهم.

كما أطلقت حملة عالمية على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بعنوان "أنقذوا أطفال سوريا" ودعمها عدد كبير من المشاهير كان أبرزهم نجم كرة القدم البرتغالي كريستيانو رونالدو والذي نشر صورة له مارس الماضي برفقة ابنه وصورة لطفل سوري يحمل كرة صغيرة وكتب أسفلها أيمن عمره خمس سنوات وهو يحب لعب كرة القدم جدا مثل كريستيانو-جونيور".

ولكن تلك الحملات لم تحرك ساكنًا لتنقل لنا عدسات المصورين بعضًا من كوراث ترتكب في حق الأطفال ولتمحي أثر كل صورة صورة أخرى أبشع منها.