رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"المطرودون من جنة الرئيس".. حوار الاتحادية يسحب البساط من المنابر الخاصة.. وإعلام الدولة يقتنص أطول لقاء مع السيسي .. وخبراء يكشفون سر اختيار رؤساء الصحف القومية

جريدة الدستور

في جلسة امتدت لنحو 7 ساعات، استضاف قصر الاتحادية الأحد الماضي واحدًا من أهم لقاءات الرئيس عبد الفتاح السيسي برؤساء الصحف القومية، للمرة الثانية في أقل من عاميين منذ صعوده إلي سدة الحكم في شهر يونيو لعام 2014.

تنقل الرئيس خلال اللقاء من الحديث عن الأزمات المشتعلة داخليًا، إلي مواقف السياسة الخارجية المصرية إزاء القضايا الدولية والصراعات الإقليمية الدائرة، وانتهاءً باستعراض آخر المستجدات علي صعيد المشروعات القومية القائمة بالفعل والمزمع تدشينها، لكن سؤالًا آخر، أخذ يتردد بين أوساط الإعلاميين، حول سر اختيار الرئيس لرؤساء الصحف القومية لتوجيه رسائله للشعب المصري، واقتصارها عليهم دون دعوة نظرائهم من رموز الإعلام الخاص.

ظلت علاقة الرئيس السيسي بالإعلام تتسم بالود المتبادل بين الطرفين علي مدار العاميين الماضيين، ساهمت خلالها وسائل الإعلام في رسم هالة مقدسة على شخصية السيسي منذ ثورة 30 يونيو، إلي حد نصبت المنابر الإعلامية منه زعيمًا وطنيًا وقاهرًا للإخوان، بل ارتقي به البعض إلي مرتبة غير قابلة للانتقاد.

إلا أن تلك العلاقة أخذت  تتعثر تلك بعدد من الأزمات المتعاقبة، حتي أخذ مجراها يتغير تدريجيًا نحو مزيد من التوتر، بين رئيس غاضب لا يتواني عن توجيه رسائل تحذير لاذعة للإعلاميين، وصحفيين قرروا الخروج عن طوع النظام والتكشير عن انيابهم.

"انتو بتعذبوني إني جيت هنا ولا إيه.. انا هشتكيكوا للشعب" .. كلمات عبر بها الرئيس عن غضبه المتزايد حيال الانتقادات التي وجهتها وسائل الإعلام للحكومة، علي خلفية تقصيرها في أزمة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربي وسيول الإسكندرية.

ثم أخذت النبرة الغاضبة تتصاعد، مع تفجير قضية مقتل الباحث الإيطالي جونيور ريجيني في القاهرة، ومن قبله تعقد أزمة سد النهضة الإثيوبي، وانتهاءً بتداعيات التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، حيث انتقد السيسي التناول الإعلامي أنذاك، قائلًا: "أنا أخدت الضربة في صدري.. ولو كنت قولتلكم عن الجزيرتين يا مصريين من 8 شهور.. كان زمانا في هذا الجدال طوال الـ 8 شهور.. بقينا نتكلم في أي موضوع بلا حدود أو ضوابط.

وأمام تلك التطورات ، والتي انتهت بإستبعاد قادة وسائل الإعلام الخاصة من اللقاء الرئاسي الأخير، كشف الكاتب الصحفي عماد الدين حسين، عن سر اختيار الرئيس لرؤساء الصحف القومية، بقوله: "الصحف الحكومية دائمًا ما كانت تؤكد لرئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، أنه يُحابي الصحف ووسائل الإعلام الخاصة في إجراء الحورات، لذلك اختص الرئيس في حوار أمس، رؤساء تحرير الصحف القومية دون غيرهم".

رسائل عدة انطوي عليها لقاء السيسي برؤساء الصحف القومية، فسرها خبراء إعلام في تصريحات خاصة لـ"الدستور" بأنها رسالة عتاب وغضب من أداء الصحف الخاصة، بينما رأي أخرون أنها دعم قوي من الرئيس للصحف القومية.

الدكتور هشام قاسم الخبير الاقتصادي، يري أن اتجاه الرئيس السيسي إلي اقصار لقائه بقيادات الإعلام تحظي بهذه الدرجة من الأهمية علي رؤساء تحرير الصحف القومية دون غيرها، لمطالعة الرأي العام علي عدد من القضايا ذات الأهمية الكبري التي تمس الشارع المصري، يعكس ما تعانيه علاقة الرئيس بالإعلام الخاص من توتر وإضراب.

وأشار إلي أن تصعيد الإعلام الخاص المقروء والمرئي ضد الحكومة، أثار غضب الرئيس الي حد دفعه أكثر من مرة إلي توجبه رسائل تحذير عديدة إليهم، في مختلف خطاباته، بل وصل إلي حد تحميلهم مسئولية الإخفاق في ملفات عدة، علي رأسها أزمة سد النهضة ومقتل الشاب الإيطالي في القاهرة.

وأضاف أن الرئيس بدأ في اتخاذ موقف ضد الإعلام الخاص، من خلال الانسحاب والاكتفاء بالصحف القومية ذات التوجه الموالي للنظام أيًا كان، بحكم طبيعة الملكية والإدارة، للعمل علي إيصال الرسائل التي يسعي لتوجيهها إلي المواطنين كما هي دون أي تلاعب في الألفاظ أوالتركيز علي موضوعات بعينها لإثارة الرأي العام حيال قضية من القضايا.

وتابع: "أزمة النظام مع الإعلام تعود في الأساس إلي أن الرئيس لديه معايير خاصة لتقييم أداء الإعلام بخلاف المعايير المتعارف عليها في الأوساط الإعلامية، حيث يري أن دور المنابر الإعلامية يقتصر فقط علي الحشد المعنوي تجاه الأفكار والمشروعات القومية، والإرشاد المعنوي بعيدًا عما يراه من انتقادات هدامه تسعي للتشكيك في آية قرارات أو إجراءات تتخذها الحكومة".

وأكد الدكتور محمود علم الدين استاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن لقاء رؤساء تحرير الصحف القومية بعث برسالة قوية من الرئيس حول دعمه للإعلام القومي في مواجهة نظيره الخاصة، لاسيما في ضوء دوره الإستراتيجي في دعم مشروعات الدولة التنموية، من خلال تدشين حملات توعية وحشد المواطنين لمساندة تلك المشروعات ماديًا ومعنويًا.

وأضاف أن دور وسائل الإعلام بمختلف أنواعها كشريك أساسي في التنمية غائب إلي حد ما عن قطاع من الصحف والمحطات الفضائية الخاصة، والتي تعمد بعضها تصدير حالة من اليأس والإحباط إلي المواطنين، من خلال التشكيك في كافة الإنجازات المحققه مثل مشروع قناة السويس، ومشروعات الطرق والإسكان وتطوير العشوائيات والعاصمة الإدارية وغيرهم.

وشدد علي أن الصحف القومية رغم ما تعانيه من أزمات عديدة نتيجة لسوء ادارة تلك المؤسسات إلا أنها لازالت تتربع علي عرش الصحف الأكثر توزيعًا علي مستوي الجمهورية، لما تحظي به من مصداقية لدي مواطن الشارع، فضلًا عما تتمتع به من أمان وظيفي للعاملين بها مقارنة بنظرائهم في الصحف الخاصة.