رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العذراء مريم.. فى الوجدان المصرى «2»


بمناسبة حلول صيام السيدة العذراء «مريم»، تحدثت فى الجزء الأول من المقال حول مبادرة جريدة «البوابة» بتخصيص صفجة يومية تتابع الحس الاجتماعى والروحى بتلك المناسبة لدى المواطن المصرى، والتعريف ببعض الجوانب غير المتعارف عليها فى حياة « أم النور».

«خيمة أم النور» هى تلك الصفحة التى يشرف عليها الكاتب الصحفى «روبير الفارس»، وبدعم رائع وموافقة الكاتب الصحفى والإعلامى الأكاديمى «محمد الباز» رئيس التحرير التنفيذى للجريدة.. ولعل الاقتراب من فكر وأطروحات عدد من كتابنا من أصحاب الإسهامات المتميزة فى الفكر الدينى واللاهوتى فى سياق الاحتفال بتلك المناسبة عبر مواد تلك الصفحة يعد إضافة رائعة من جانب محررها لتطل كل يوم على كل المصريين بالمزيد من المعلومات حول صيام وحياة وأيام السيدة العذراء مريم التى تسكن قلوب وأفئدة أهل مصر المحروسة ...

من بين تلك الأسئلة التى تطرحها الصفحة، سأل محررها الكاتب والباحث والمفكر الرائع «جرجس يوسف»: ما القصة الحقيقية لصوم العذراء وتاريخه؟! .. قال الكاتب «عيد السيدة العذراء من أحب الأعياد عند الجميع.. ومن المعروف أنه هو الصوم الوحيد الذى فرضه الشعب على الكنيسة ولهذا الصوم شأنٌ كبير عند المسيحيين وقيل إن الرسل هم الذين رتبوه بعد نياحة السيدة العذراء، نعلم من التقليد المعروف أن القديس توما الرسول كان يخدم فى الهند وقت نياحة السيدة العذراء فى أورشليم فعند رجوعه إلى فلسطين رأى الملائكة تحمل جسد العذراء مريم إلى السماء فلما عاد إلى الرسل وأخبرهم بما رآه اشتهوا أن يروا نفس المنظر المقدس فصاموا هذا الصوم حتى أظهر الله لهم فى نهايته جسد أمه البتول، لذلك فالكنيسة تصوم هذا الصوم لكى تتمثل بالسيدة العذراء وتخليداً لذكراها «هناك بحوث تدقق فى مدى صحة هذه الرواية، ولا يتسع المقام هنا لعرضها» مقارنة بين كتابات الأب متى المسكين عن العذراء وكتابات البابا شنودة عنها.. الأب متى المسكين كان مهموما بالجانب المستيكى أى الصوفى والروحى والرهبانى فى حياة القديسين وعلى رأسهم العذراء مريم، حياة فى صمت وتأمل وصلاة وله مؤلف شهير باسم العذراء والدة الإله الثيؤطوكوس، يفتح به الباب إلى كتابات من نوع جديد بمذاقات فكرية روحية فيها عطر وحنايا البخور والتسابيح والصلوات والمزامير التى كانت القديسة مريم تلهج بها، بعيدا عن النسق العربى القديم الذى دام طويلا ينحو منحى الهجوم والتقريع والتكفير والهجو اللاذع لكتابات الغرب.

ثم يمكن للقارئ المتعمق فى أسلوب الأب متى المسكين أن يكتشف أصالة التراث الأرثوذكسى الآبائى والذى يعيدنا إلى الأصول والجذور الأولى حول قضايا الخلق والسقوط والتجسد والخلق الجديد والفداء والتأليه، والوحدة، وحدة الإنسانية المفتداة فى الرأس المسيح، وهو ما أثار لغطا حادا لم يخمد عفاره حتى الآن، وفى المقابل كان التصدى العجيب من جانب بعض الكتابات الأخرى الرافضة للتأصيل اللاهوتى لسر التجسد، كسر انجماع كل البشرية فى إنسانية الله المتأنسن يسوع، وكان الجدل يدور حول بديهات سر التجسد، بشكل قد يحتاج منا إلى طرح متسع لا يستوعبه المقام ها هنا.

.. وللحديث بقية