رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التجربة العُمانية الناجحة فى التعايش والتسامح


إعجابى الشديد لما يحدث على أرض سلطنة عُمان من تجارب ناجحة فى جميع الميادين، تجعلنى أرغب – من وقت لآخر – فى تقديمها لكل مصرى. يكفينى فخراً أنه فى خلال فترة احتفالات الأقباط بعيد القيامة المجيد فى الأول من مايو 2016 أن تلقيت رسالة تهنئة من المكتب الإعلامى لسفارة عُمان بالقاهرة، وهى رسالة فى حد ذاتها تحمل الكثير من المعانى الجميلة والقيم الرفيعة. فالباحث العُمانى «سعيد الهاشمى» يؤكد على قدرة أبناء سلطنة عُمان على النأى ببلادهم عن أى صراعات مذهبية داخلية، ومن هنا فإن السلطنة تملك منظومة متكاملة من القوانين والأعراف والتقاليد والمبادئ فلا ينزلق العُمانيون فى أفخاخ الإقصاء والتمييز والطائفية.

وعلامات التعايش والتسامح العُمانى تتجلى فى الآتى: التعليم لا وجود فيه لمحسوبيات، فلا فرق بين ابن السلطان وابن الوزير عن بقية المواطنين فى القبول فى الجامعات، إنما الفيصل فى ذلك لنسب التخرج. لا يوجد وزير يمشى فى عُمان والحُراس تحيط به من كل جانب، حرصاً على نبذ الطبقية، كما لا يوجد ابن لوزير يكسر إشارة ضوئية حمراء أو يتجاوز السرعة المحددة قناعة منه بحصوله على الجزاء حال ارتكب تلك المخالفة.

واستمرار حالة التعايش هذه – كما يقول السيد سعيد الهاشمى – «القلق حالة موجودة، لكن ذلك يعود للمجتمع، فإذا فسد هذا المجتمع فسد كل شىء. وكل ما يحدث فى العالم الناس فى عُمان على وعى به، وحين اندلعت ثورات الربيع العربى قام بعض الشباب فى سلطنة عًمان نتيجة ظروف معيشية معينة، حتى جاء جلالة السلطان فحرص على الاستماع لمطالبهم بشكل مباشر دون دبلجة أو تغيير، وبالفعل ظل يستمع للمطالب عبر النقل المباشر المصور الذى لم يكن يعلم به المتحاورون أنفسهم، ولذلك كان يؤكد السلطان على اتضاح الصورة لديه، فأقال الوزراء وأطفئت النار بسرعة».

وعن السر فى هذه المناعة العُمانية ضد داء الصراعات الداخلية، قال الهاشمى: «لأن الناس قرأت المستقبل مبكراً، وقد عزز من ذلك ما حصل فى بلدان الربيع العربى من دمار وفوضى. العُمانيون أخذوا العبرة مما حدث حولهم لهذا اتقوا شر الفتنة التى نراها اليوم فى أكثر من دولة». ربما مصر نجت من تلك الفوضى بعد ثورة 30 يونيه 2013، وتونس أقل قليلاً.

يذكر لى أصدقائى الأقباط من المهندسين والأقارب، أن سلطنة عُمان لا تتوقف عن مساعدة الأقباط فى بناء كنائس دون أدنى مجهود، ففى الكثير من المدن العًمانية – طالما هناك تجمعات لأقباط مصر فهناك كنائس. ليس هذا فحسب بل يوجد الكثير من الكهنة والرهبان يخدمون الأقباط فى تلك الكنائس، كما أنه تربطهم بالمسئولين علاقات مودة واحترام وصداقة. فلا مجال للتمييز بين أصحاب الديانات المختلفة إلا على أساس العمل الناجح والجاد.

وحتى فى تعدد المذاهب الإسلامية المختلفة، فلا يوجد مجال لإثارة النعرات بين الأفراد، مؤمنين أن الاختلاف رحمة وليس سبباً للشجار والخصومات والعداوة بين الأفراد. بالحقيقة سلطنة عُمان نموذج طيب لأبناء الشرق الأوسط.

 عضو المجمع العلمى المصرى