رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قراءة نقدية في رواية "الفالح" لحازم الشاذلي

رواية الفالح
رواية "الفالح"

بقدر مايحق وصف الرواية الجديدة للطبيب والروائي المصري حازم الشاذلي بأنها "رواية حداثية" تضيف الجديد والمثير للسرد الأدبي الحداثي المصري والعربي على وجه العموم فيما عنصر التشويق حاضر وقوي فإن رواية "الفالح" هي في الواقع صيحة ابن من أبناء الطبقة الوسطى المصرية يختلط فيها الألم بالأمل !.

وستجد في هذه الرواية الكبيرة بصفحاتها إلى 375 صفحة رؤية مثقف ومهني لامع كطبيب ينتمي للطبقة الوسطى المصرية وواقع تلك الطبقة المحورية التي تشكل أهمية خاصة في أي مجتمع بشرائحها المتعددة مابين أحلام الصعود ومآساة الإحباط وقد تشعر أيضا أن المؤلف في بعض مواقع ومواضع الرواية تكاد كلماته تتحول إلى مرثية لهذه الطبقة وأحلامها دون أن تتخلى مواضع ومواقع أخرى من الرواية عن بصيص أمل.

وربما أيضا تتحول مشاعر الدكتور حازم الشاذلي حيال الواقع المصري قبل ثورتى 25 يناير 2011-30 يونيو 2013 إلى مرثية للوطن الحلم، كما أنها تكشف عن طرف أو جانب من تلك الازدواجية التي يعاني منها الكثير من البشر في عالمنا مابين "الإنسان الظاهر والإنسان الباطن" حيث يكاد كل منا يخفي شخصا آخر بداخله وهو مايسميه البعض "بالصندوق الأسود" ! .

ولئن كان بطل الرواية العالم الزراعي النابغ الدكتور حسين أبو السعد ينتمي أصلا للشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى فقد أتاح له تفوقه العلمي وابتعاثه للدراسة في الولايات المتحدة الزواج من مصرية تنتمي أصلا للطبقة العليا وتجري في عروقها "الدماء الزرقاء" بحكم انتسابها للعائلة المالكة السابقة وهي "دينا" اسطورية الجمال والمختلفة في الطباع إلى حد كبير - وهذا طبيعي - مع زوجها بحكم اختلاف الانتماءات الاجتماعية في الأصل.

وفيما تغلق "دينا" زوجة بطل الرواية فور حصولها على درجة الماجستير في إدارة الأعمال كتبها وتتجه لعالم الإعلانات والأزياء يعاني زوجها بأصله الاجتماعي المحافظ وجذوره الريفية من تمزق نفسي بين رفضه لعمل الزوجة في هذا المجال وبين خوفه الدفين من أن يفقد الزوجة والحبيبة بجمالها الأسطوري وفتنتها الطاغية رغم حضور خافت لحبيبة قديمة من أيام الصبا والشباب وهي "سعاد" التي تعيش في شبين الكوم مسقط رأس بطل الرواية.

وعمد مؤلف الرواية لاستخدام أسلوب أو تكنيك "اليوميات" التي كان بطل روايته قد كتبها عبر مسيرة العمر وماحمله بين جوانحه من أحلام عريضة لنفسه ووطنه غير أن الكثير من هذه الأحلام ذهبت أدراج الرياح فيما لم يجد هذا العالم الكبير في الزراعة مناصا أمام أزمته مع ابنة وابن يعيشان في سياقات غربية توحي من وجهة نظره بالانفلات سوى العودة لصديقه القديم في مصر:"شافعي" الذي يجيد الإبحار في عالم الروحانيات وماوراء الطبيعة.

هل أدرك الدكتور حسين أبو السعد الذي لطالما اختلف مع صديقه القديم في مسائل الروحانيات والغيبيات وحتى تفسير الأحلام والوصفات الطبية القديمة وكان يصفها أحيانا "بالخرافات" أن هناك أمورا لانستطيع أن نفهمها وأن نحلها بوسائلنا المادية التقليدية كما تساءل شافعي نفسه بعد أن طلب منه الصديق القديم العون والدعم ؟!.

ومن الملاحظات الطريفة لمن يقرأ هذه الرواية أن المؤلف منح اهتماما غير عادي بالمأكولات وألوان الطعام حتى كادت الرواية في بعض مواضعها تتحول لسجل حي للثقافة الغذائية المصرية غير أن الملاحظة الأكثر أهمية والجادة بحق أن هذه الرواية وهي الخامسة للدكتور حازم الشاذلي تتناول إشكالية الهوية عبر شخصية بطل الرواية وهو عالم نابغ في الزراعة وأفراد عائلته وكلهم توزعوا ممزقين مابين مصر والغرب الأمريكي والأوروبي.

ورواية "الفالح" هي الخامسة للدكتور حازم الشاذلي، بعد رواياته "مفترق طرق"، و"عودة من هناك" و"دقائق بعد الثالثة" و"البحث عن أحياء"،وبصيغة التساؤل يقدم المؤلف روايته الجديدة قائلا "هل السعداء في هذه الحياة هم الذين يصدقون أوهامهم؟.

ويعاني بطل الرواية حسين ابو السعد من مآساة المشاريع الوهمية التي كانت تعج بها وسائل الإعلام قبل ثورة 25 يناير الشعبية ومحاولات النظام السابق لتخدير الشعب بمشاريع وهمية فيما تفوح رائحة الفساد من تلك المشاريع التي كانت توصف بالعملاقة .

وهو يستشهد في ذلك بأبيات من رباعيات الشاعر الكبير صلاح جاهين، ومختتما بقوله: "لا يوجد فارق بيني وبين الذي تريدون إعدامه، كلانا لم يستطع الإمساك بالدفة، كلانا اختلت عجلة القيادة بين يديه بل إن كلنا - في قليل أو كثير - نشبه هذا الرجل في إشارة لقائد العبارة التي غرقت في البحر الأحمر منذ نحو سبع سنوات وادمت قلوب المصريين.

وعمد مؤلف الرواية لاستخدام أسلوب أو تكنيك "اليوميات" التي كان بطل روايته قد كتبها عبر مسيرة العمر وماحمله بين جوانحه من أحلام عريضة لنفسه ووطنه غير أن الكثير من هذه الأحلام ذهبت أدراج الرياح فيما لم يجد هذا العالم الكبير في الزراعة مناصا أمام أزمته مع ابنة وابن يعيشان في سياقات غربية توحي من وجهة نظره بالانفلات سوى العودة لصديقه القديم في مصر:"شافعي" الذي يجيد الإبحار في عالم الروحانيات وماوراء الطبيعة.

هل أدرك الدكتور حسين أبو السعد الذي لطالما اختلف مع صديقه القديم في مسائل الروحانيات والغيبيات وحتى تفسير الأحلام والوصفات الطبية القديمة وكان يصفها أحيانا "بالخرافات" أن هناك أمورا لانستطيع أن نفهمها وأن نحلها بوسائلنا المادية التقليدية كما تساءل شافعي نفسه بعد أن طلب منه الصديق القديم العون والدعم ؟!.

ومن الملاحظات الطريفة لمن يقرأ هذه الرواية أن المؤلف منح اهتماما غير عادي بالمأكولات وألوان الطعام حتى كادت الرواية في بعض مواضعها تتحول لسجل حي للثقافة الغذائية المصرية غير أن الملاحظة الأكثر أهمية والجادة بحق أن هذه الرواية وهي الخامسة للدكتور حازم الشاذلي تتناول إشكالية الهوية عبر شخصية بطل الرواية وهو عالم نابغ في الزراعة وأفراد عائلته وكلهم توزعوا ممزقين مابين مصر والغرب الأمريكي والأوروبي.

ورواية "الفالح" هي الخامسة للدكتور حازم الشاذلي، بعد رواياته "مفترق طرق"، و"عودة من هناك" و"دقائق بعد الثالثة" و"البحث عن أحياء"،وبصيغة التساؤل يقدم المؤلف روايته الجديدة قائلا "هل السعداء في هذه الحياة هم الذين يصدقون أوهامهم؟.
ويعاني بطل الرواية حسين ابو السعد من مآساة المشاريع الوهمية التي كانت تعج بها وسائل الإعلام قبل ثورة 25 يناير الشعبية ومحاولات النظام السابق لتخدير الشعب بمشاريع وهمية فيما تفوح رائحة الفساد من تلك المشاريع التي كانت توصف بالعملاقة .

وهو يستشهد في ذلك بأبيات من رباعيات الشاعر الكبير صلاح جاهين، ومختتما بقوله: "لا يوجد فارق بيني وبين الذي تريدون إعدامه، كلانا لم يستطع الإمساك بالدفة، كلانا اختلت عجلة القيادة بين يديه بل إن كلنا - في قليل أو كثير - نشبه هذا الرجل في إشارة لقائد العبارة التي غرقت في البحر الأحمر منذ نحو سبع سنوات وادمت قلوب المصريين.



ومآساة العبارة الغارقة جراء الإهمال والجهل تركت الكثير من الجراح في قلوب المصريين مثل رضوى ابنة أخت بطل الرواية التي فقدت شابا كانت تستعد معه لحفل الزفاف فيما فقدت أم هذا الشاب الغريق عقلها وتحولت حياة العائلة كلها للوحة ناطقة بتلاوين الألم، بينما يرصد المؤلف في روايته المشهد المصري حينئذ وماكان يموج به من غضب وحتى كثير من الشائعات التي تمس رموز ذاك المشهد.

ومن خلال بطل الرواية ذاته يعيد المؤلف للأذهان أهمية "ثقافة الاستقالة" أي أن يتحلى المسؤول بشجاعة التخلي عن منصبه مهما كان هذا المنصب مقترنا بالمزايا طالما أنه بلغ حد اليقين من أن وجوده في هذا المنصب لن يخدم شعبه ووطنه.

ويسلم الدكتور حازم الشاذلي مؤلف رواية "الفالح" بأن ثقافة الاستقالة ليست بالسهلة فهاهو بطل روايته يتساءل قبل إقدامه على الاستقالة من مركزه المرموق بمشروع كبير تبين له أنه أقرب للمشاريع الوهمية رغم كل الضجيج الدعائي حول هذا المشروع "كيف افكر في هذا واضحي بمركز مثل مركزي وراتب مثل راتبي وامتيازات مثل امتيازاتي وفوق ذلك كله ثقة من بيدهم كل شيء"؟!.

لكنه يستدرك ليحسم الأمر بينه وبين نفسه معترفا أيضا برغبته في "القفز من السفينة قبل أن تغرق" فيقول :"لن أكون أبدا مثل النعامة ادفن رأسي في الرمال واتوهم أن كل شيء على مايرام.لا شيء على مايرام، الوضع كارثي والخدعة ستنكشف يوما ما. أصبح من المحتم القفز من السفينة قبل أن تغرق".

والرواية الجديدة للدكتور حازم الشاذلي حافلة بتجليات لوعة أبناء الطبقة الوسطى، فيما نفوسهم تذهب حسرات على حال الوطن في ظل النظام الذي سقط في ثورة 25 يناير فيما تبلغ اللوعة مبلغها ببطل الرواية فيتساءل بألم "كيف يمكن لأمة أن تفعل بنفسها مانفعله بأنفسنا كل يوم ؟هل هذه هي مصر فعلا"؟!.

وماكان المؤلف ليغفل قضية خطيرة مثل قضية البطالة التي يعاني منها بعض الشباب وحالة "انسداد الأفق" أمام هؤلاء الشباب العاجز عن تحقيق أحلامه غير أن حازم الشاذلي لم يترك بني وطنه للحزن واليأس فهو يقدم الحل على لسان بطل روايته الدكتور حسين أبو السعد "أنه العمل" بل أنه "العمل والعمل والعمل" من أجل واقع أفضل وغد أفضل .




ثم أن الرواية تضمنت إشارات دالة لآباء ثقافيين مصريين مثل الدكتور جمال حمدان وعميد الصحافة المصرية والعربية الراحل العظيم محمد حسنين هيكل، فضلا عن شخصية مرموقة في عالم الطب وهو الدكتور مجدي يعقوب ناهيك عن الشاعر وفنان الكاريكاتير الكبير صلاح جاهين.

وفي الوقت ذاته، لم تخل الرواية الجديدة للدكتور حازم الشاذلي من تناول ذكي لإشكاليات البحث العلمي في مصر بل ومقارنة دالة مع تجارب أخرى مثل التجربة الإسرائيلية في الزراعة والري وهي تجربة كانت تستنهض روح التحدي لدى الدكتور حسين ابو السعد بطل الرواية أثناء عمله في مركز بحثي أمريكي كبير.

وهناك في الغرب والمركز الأمريكي القائد للتقدم العلمي للحضارة الغربية كان لبطل الرواية أن يشهد ملامح جديدة لعالم يتكون بصورة مختلفة عن العالم القديم والانفجار العلمي في مجالات جديدة مثل الهندسة الوراثية، فيما تتيح القدرات العلمية الرفيعة المستوى لبطل رواية "الفالح" خيارات عديدة في هذا العالم الجديد ومفاهيم التعليم العصري في زمن الحداثة ومابعد الحداثة.

وهكذا وعلى خطي أطباء ومبدعين كبار في الأدب مثل يوسف إدريس وإبراهيم ناجي ومصطفى محمود هاهو الطبيب المصري حازم الشاذلي يواصل نسج خيوطه الإبداعية في الرواية ويقدم للحياة الثقافية المصرية والعربية روايته الخامسة بعنوان "الفالح" والتي تفاعل فيها المؤلف مع ثورتي 25 يناير-30 يونيو.

ولعل هذه الرواية جديرة بمزيد من النقاش في المنتديات الثقافية والملتقيات الاجتماعية على غرار ماحدث منذ فترة قريبة عندما نظم نادي روتاري سقارة احتفالية ثقافية لتوقيع رواية "الفالح" للروائي الدكتور حازم الشاذلي، استشاري جراحة المسالك البولية، والصادرة عن دار بيت الياسمين للنشر والتوزيع.

وكان لفيف من مثقفي مصر وأعضاء الروتاري ونادي الجزيرة قد حضر هذه الاحتفالية بينهم ثلة من الأكاديميين البارزين مثل الدكتور صديق عفيفي رئيس المجلس العربي للأخلاق والمواطنة، والدكتورة سامية العزب والدكتورة نرمين أحمد السعيد.

وفيما أدار الاحتفالية الناقد والناشر زياد إبراهيم عبد المجيد، وأبدى الحاضرون إعجابهم بما تميزت به الرواية من ربط بين الواقع والخيال وتجريد العديد من الأحداث وتناول صور وملامح من الواقع، وخاصة ما شهدته مصر في السنوات الماضية مثل غرق العبارة السلام عام 2006 وما ترتب عليها من آثار وتأثيرات تجلت ضمن غيرها من الظواهر في ثورة يناير ومسارها التصحيحي في الثلاثين من يونيو 2013.

فالرواية الجديدة للدكتور حازم الشاذلي تتناول طرفا من الأحداث التي أفضت للثورة ووقائع انطوت على ظلم وتعمد إخفاء الحقائق، وذلك في قوالب فنية وحكي وحوار قصصي جمع بين التناول البلاغي والصياغة القوية واللغة البسيطة وأيضا وروح الفكاهة المصرية كما أنها تتناول قضايا جادة وهامة مثل "الفجوة بين الأجيال" وتستعيد أحيانا "أحلام زمن الستينيات المهدرة".


وفي مقابل "بعض الهنات اللغوية القليلة" لم تخل الرواية من مبتكرات لغوية جيدة تجلت في تعبيرات مثل تناوله لحالة الأرق وقوله "مفاوضا النوم لعله يصل معه إلى حل وسط" فيما جاء اختيار عنوان الرواية "الفالح" كوصف لبطل الرواية الدكتور حسين أبو السعد الذي تميز بالنبوغ وتفوق علميا منذ صغره فأطلق عليه أفراد عائلته والأصدقاء هذا اللقب.

ولئن "تفرق دم الضحايا في حادث العبارة" وبدا وكأن المجرم قد أفلت من العقاب بايدز الفساد والإهمال والتسيب أو كما قال أحد الناجين من المآساة وهو المهندس الشاب هشام :"كل شيء غلط في غلط" فقد اعتبر الدكتور حازم الشاذلي ما تناوله في روايته من أحداث ومنها حادث العبارة وغيرها من الأحداث التي كانت محرك أبطال روايته بمثابة المقدمات الطبيعية والحياتية التي قدمت لثورة 25 يناير 2011 وما تلاها في 30 يونيو 2013.

وقال الشاذلي "انطلقت في تناولي لشخوص الرواية على الانتقال من العام إلى الخاص في تأصيل يعكس عدم وجود شخصية بعينها من الواقع ولكن تتوافر معالم شخصية تحدد وتقيس وتتفاعل مع الواقع أو تعكس بعضا من صفحاته وملامحه".

وإشكالية الهوية لأبناء المصريين في الخارج تتجلى في حالة ابن بطل الرواية "شريف" مدمن المقامرات والمغامرات المجنونة وابنته "لمياء" التي اختلطت الأوهام بالحقائق في ذهنها وهي تطمح للشهرة في عالم عارضات الأزياء والسينما كما يبوح الدكتور حسين ابو السعد لصديقه القديم والوفي شافعي .
كما أن الرواية تشير ضمنا لمشاكل الجامعات المصرية مع ابنائها الذين أوفدتهم في الخارج للدراسات العليا فإذا ببعضهم يبقى هناك ولايعود للوطن الذي دفع الكثير وضحى بالكثير من أجل بناء تلك الكوادر الجامعية.

ولأن فن الرواية هو "فن التفاصيل" فإن رواية "الفالح" مطرزة بتفاصيل دالة تخدم مسارات السرد مثل "الشخصية اللزجة" التي جسدها شخص في أمريكا يدعى أنه من أصل مشرقي عربي وأن عجز بطل الرواية عن تحديد جنسيته بالضبط !، وأحسن الدكتور حازم الشاذلي نهايات أجزاء روايته وأن كان لم يقسمها فعليا لفصول بعناوين فرعية .

ومن جانبه، قال الناقد والناشر زياد إبراهيم عبد المجيد إن رواية "الفالح" تطرح آفاقا جديدة من الإبداع والرصد ودقة التصوير في أعمال الروائي حازم الشاذلي، وتثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه مثلما أنه لكل كاتب تجربته الفريدة والمميزة، فإن الشاذلي استطاع وبنجاح كبير وتناول مميز التعبير عن فكرة الرواية من خلال بناء قوي وتناول إبداعي ملموس، وجعل الصفحات تتسع لرصد حقب زمنية وأحداث وحوادث من الواقع عبر تطورات لا يسهل الإمساك بها بقدر ما يتيسر العيش معها والاندماج التام مع شخوصها وأشخاصها خصوصا في تناول رجال أصحاب مناصب في مشروع وهمي .

وشهدت احتفالية التوقيع نقاشا واشتباكا إبداعيا حميما بين الحضور، وأثنى المناقشون على ما تضمنته الرواية من سرد يستكمل به الدكتور حازم الشاذلي ما سبق من إبداعات في رواياته الأربع السابقة، وحرص بعض المشاركين على قراءة أجزاء من الرواية للتدليل على قدرات الروائي على جذب من يتابع صفحات روايته عبر سياق سردي يجمع بين الإبحار في الواقع والارتكاز على عوالم من الخيال وفي ذات الوقت تقديم وجبة إبداعية دسمة من الرأي والرؤية كما في الرواية مثل قوله "لا تقل شيئا ولا تخف، أنت تعلم أنني غير متفائل ولكن كما اتفقنا علينا أن نسعى وليس علينا إدراك النجاح".

إنها حقا رواية حداثية مصرية لابن من أبناء الطبقة الوسطى جمع مابين الطب والأدب والشجن الأنيق والأمل الكبير ليبدع بنبض القلب العاشق لوطن مبدع بالفطرة وأقوى وأكبر من كل المحن والأحن..وطن يعيش فينا وفي أحلامنا ولغتنا..وطن هو عطرنا وعشقنا ومن ترابه خرجت أسماؤنا .